- Han -
الفَتَى الَّذِي يَشْبَهُ المَلَائِكَةَ، شَعْرُهُ أَسْوَدٌ عَمِيقٌ، وَعَيْنَاهُ كَالسَّجَاجِ الأخْضَرِ، تَلْمَعُ كَالْعَسَلِ فِي ضَوْءِ الشَّمْسِ، مُلَامِحُ وَجْهِهِ الطُّفُولِيَّةُ تَحْمِلُ البَرَاءَةَ، وَأَصَابِعُهُ الصَّغِيرَةُ كَأَغْصَانِ الرَّبِيعِ، قَامَتُهُ القَصِيرَةُ تَزِيدُهُ جَمَالًا فِي نَظَرِ الجَمِيعِ، كَانَ الجَمِيعُ فِي المَدْرَسَةِ يَدْهَشُهُمْ جَمَالُهُ، وَخَاصَّةً عَيْنَاهُ، تِلْكَ العُيُونُ الوَاسِعَةُ الَّتِي يَسْحَرُ بِهَا كُلَّ مَنْ يَرَاهَا
كَانَ مَحْبُوبًا، ذُو قَلْبٍ حَسَّاسٍ، إِجْتِمَاعِيًّا، وَمَشْهُورًا بَيْنَ أَصْدِقَائِهِ
فِي سِنِّ الثَّامِنَةِ عَشَرَةَ، لَطِيفًا جِدًّا، خَجُولًا لَكِنَّهُ مُحَاطٌ بِالْكَثِيرِ مِنَ الأَصْدِقَاءِ كَانَ يُحِبُّهُمْ كَثِيرًا، وَيَكْرَهُ المُتَنَمِّرِينَ، وَأُوَلَئِكَ الَّذِينَ يَتَحَدَّثُونَ عَنْ النَّاسِ مِنْ خَلْفِ ظُهُورِهِمْ. لَكِنْ، هَلْ تَعْلَمُونَ؟ عَلَى الرَّغْمِ مِنْ كُلِّ تِلْكَ العَلَاقَاتِ الَّتِي يَتَمَتَّعُ بِهَا، كَانَ "هَان" لَا يُطِيقُ أَيَّ عَلاَقَةٍ عَاطِفِيَّةٍ. فِي المَاضِي، دَخَلَ فِي عَلاَقَةٍ كَادَتْ أَنْ تُحَطِّمَهُ، وَمُنْذُ ذَاكَ الحِينِ، لَمْ يَعُدْ قَادِرًا عَلَى فَتْحِ قَلْبِهِ لِأَيِّ أَحَدٍ.---
7:12 PM
فِي الحَديقَةِ أتمشى
فِي الهَواءِ النَّقِيِّ وَالجَوُّ بَارِدٌ
كأنَّهُ آخِرُ نَفَسٍ فِي الحَياةِ أَحْيَا
أَرْتَدِي هُودِي أَبْيَضَ مَعَ جِينْزٍ سَمَاوِيٍّ
وَأَنَا أَتَمَشَّى فَجْأَةً صَدَمْتُ بِشَخْصٍ"آسِفٌ!" صَرَخَتْ
"أُوه، لَا عَلَيْكَ "
ثُمَّ أَكْمَلْتُ طَرِيقِي دُونَ أَنْ أَنْظُرَ إِلَيْهِ
فَقَط كَانَ طَوِيلًا جِدًّا لَمْ أَرَاهُ بِوُضُوحٍ
أَبصَرْتُ الأَرْضَ وَأَكْمَلْتُ المَسِيرَ- minho -
مِينْهُو ذُو القَامَةِ الطَّوِيلَةِ، شَعْرُهُ البُنِّيُّ وَبَشَرَتُهُ البَيْضَاءُ، وَأَصَابِعُهُ الطَّوِيلَةُ وَعَيْنَاهُ النَّاعِسَتَانِ وَمَلَامِحُهُ الْحَادَةُ دَائِمًا مَا يُلَاحِقُهُ الفَتَيَاتُ قَوِيٌّ وَبَارِدٌ لَكِنَّهُ لَطِيفٌ بَعْضَ الأَحْيَانِ وَالْعُنْفُ جُزْءٌ مِنْ طَبْعِهِ، ومع من كان عَنيفاً مِثْلاً؟ بِالطَّبْعِ "هَان"
- Han -
فِي السَّاعَةِ السَّابِعَةِ صَبَاحًا
كَانَ يَصْرُخُ فِي نَفْسِهِ
"لَا أُرِيدُ الذَّهابَ إِلَى المَدْرَسَةِ، أَشْعُرُ بِالنَّعَاسِ"
نَهَضَ، فَرَشَّ أَسْنَانَهُ وَرَكَضَ إِلَى المَطْبَخِ
وَجَدَ أُمَّهُ"صَبَاحُ الْخَيْرِ يَا بُنَيِّ، اغْسِلْ يَدَيْكَ، فُطُورُكَ جَاهِزٌ"
"حَسَنًا، أُمِّي"،
بَعْدَ أَنْ غَسَلَ يَدَيْهِ قامَ يَتَلَذَّذُ بِالْفَطِيرَةِ
وَطَعْمُ النُّوتِيلَا فِي فَمِهِ وَالْحَلِيبُ فِي يَدِه"هَان عَزِيزِي؟"
"مَاذَا، أُمِّي؟"
"حَسَنًا، أَسْمَع، بَعِد أُسْبُوعٍ سَأَسَافِرُ إِلَى لَنْدَنَ
لَدَيَّ أَعْمَالٌ كَثِيرَةٌ هُنَاكَ وَأُرِيدُكَ أَنْ تَعْتَنِي
لنَّفْسِكَ""أُمِّي، لَكِنِّي خَائِفٌ حَقًّا!
لَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ وَحِيدًا فِي المَنْزِلِ"أَنَا أَفْهَمُكِ عَزِيزِي... لَكِنَّ بَعِد وَفَاةِ وَالِدِكَ أَعْلَمُ أَنَّكَ لَيْسَ لَدَيْكَ شَخْصٌ غَيْرِي فِي المَنْزِلِ يَعْتَنِي بِكَ وَلَكِنَّكَ لَقَدْ أَصْبَحْتَ كَبِيرًا أَيُّهَا الشَّقِيُّ! هَيَّا هَيَّا، أَنَا فَخُورَةٌ بِكَ، عَلَيْكَ أَنْ تَعْتَنِي لنَفْسِكَ، لَنْ أَتَأَخَّرَ سَوْفَ أَعُودُ سَرِيعًا، اَتَّفَقْنَا؟" أَجَابَتْ مُبْتَسِمَةً.
"حَسَنًا أُمِّي وَأَنْتِ أَيْضًا اعْتَنِي لنفْسِكِ! "
" هَيَّا، أَنْهِ فُطُورَكَ قَبْلَ أَنْ تَتَأَخَّرَ."
---
أنْهِيتُ فُطُورِي وَرَكِضْتُ فِي طَرِيقِي،
وَفِي الْمَدْرَسَةِ لَقِيتُ فِيلِكْسَ أَمَامِي"هَان، بِحَقِّكِ، أَيْنَ كُنتَ؟"
" أَيْنَ كُنتَ أَنْتَ؟ أَهْ... تَبًا، أَتَنَفَّسُ بِصُعُوبَةٍ،
كَانَتْ دَائِمًا خَائِفًا مِنْ أَنْ أَتَأَخَّرَ"" إِنَّ السَّاعَةَ السَّابِعَةَ وَالْأَرْبَعِينَ، لَمْ تَتَأَخَّرْ
فَإِنَّ الجَرَسَ يَرِنُّ السَّاعَةَ 8:30 وَتَبْدَأُ الْحِصَّةُ الأُولَى "" آه، حَسَنًا، سَأَدْخُلُ وَأَضَعُ أَشْيَائِي فِي الْخَزَانَةِ،
وَدَاعًا! "- minho -
مِينْهُو فِي خِزَانَتِهِ يَرَتِّبُ أَشْيَاءَهُ وَهُوَ نَاعِسٌ،
"بِحَقِّ، أَكْرَهُ كُلَّ الحِصَصِ، لَا فَائِدَةَ فِيهَا."
نَظَرَ إِلَى خَزَانَتِهِ، فَرَأَى هَان
يَلْتَحِفُ نَفَسَهُ وَيَلهَثُ،" وَهَاهِ، الحَمْدُ لِلَّهِ، وَصَلْتُ. "
نَظَرَ مِينْهُو إِلَى هَان فِي اندِهَاشٍ
" مَنْ هَذَا؟ لِمَاذَا لَا أَعْرِفُهُ؟ سُحْقًا، إِنَّهُ مُمَيَّزٌ جِدًّا. "
وَقَبْلَ أَنْ يَتَقَدَّمَ لِيَحْتَسِي حَتَّى يَتَحَدَّثَ
فَجْأَةً، تَحَاطَ بِهِ أَصْدِقَاء هَان وضَحِكُوا
وَفِي لَحْظَةٍ، كَانَ مِينْهُو يَنْظُرُ إِلَى هَانكَأَنَّهُ صَيَّادٌ رَأَى فَرِيسَتَهُ.
" أَحْتَاجُكَ أيها الأحمق الرَّائِعُ " .
...