لدغة غير مرئية أصابت جلد إحدى الشابات، فتأوهت من الألم، وراحت تحك بشرتها، ليزداد التورم والالتهاب بها، نصحتها أخرى بوضع مرطبًا أو دواءً لتخفيف حدة الألم، فأبدت شكواها لـ "ياقوت" التي انتهت لتوها من تبديل ثيابها بمنامةٍ مريحة:
-الناموس هنا صعب أوي.
ردت عليها بابتسامةٍ شبه ساخرة:
-ده على أساس مافيش في بيتكم زيه؟
ظهر التذمر على محياها وهي تخبرها:
-بس هنا زيادة، عاوزين نقول لـ "سندس" تشوفلنا حاجة تخلصنا منه.
أشارت لها بسبب آخر أيضًا:
-ده عشانا قريبين من الجناين اللي هنا.
نظرت لها بامتعاضٍ قبل أن تزيد من تبرمها:
-مكانش في مكان أبعد من كده يحطونا فيه، ده احنا في المنفى، لا بنشوف حد ولا بنسمع حد.
استطال وجه "ياقوت" في ضيقٍ شديد من تذمرها غير المبرر، ولامتها في شدةٍ:
-عيب الكلام ده، احنا ضيوف هنا، المفروض نقدر اللي الناس بتعمله معانا.
وكأنه لم تقل شيئًا، استمرت تشتكي:
-هموت من الناموس مش قادرة.
التفتت الشابات جميعًا تجاه باب الغرفة الذي فُتح لتوه، وأطلت منه "سندس" وهي تحادثهن باسمة:
-من غير ما تقولوا، أني جيبتلكم الحل السحري.
تنفست "ياقوت" الصعداء لأنها لم تسمع ما قيل قبل هذه الجملة، وإلا لحزنت كثيرًا. راحت الشابات يتأملن ما حملت في يدها من مبخرةٍ حجرية صغيرة، ينبعث من أعلاها الدخان الأبيض، بادرت إحداهن بسؤالها:
-إيه ده؟ بخور؟
أجابتها وهي تطوف بالمبخرة في أرجاء الغرفة:
-حاجة زيه، بس نتيجتها أقوى.
علقت عليها إحداهن في طرافةٍ:
-حلاوتك وإنتِ بتتكلمي صعيدي!
ضحكت على ما فاهت به، ليتحول بعدها رنة ضحكاتهن إلى سعالٍ متفاوت مع كثافة الدخان المنتشر بين جدران الغرفة، راحت واحدة تشكو في تبرمٍ:
-احنا كده هنتخنق.
سعلت "سندس" مثلهن، وعلقت:
-شوية بس عقبال ما تأثيره يبان، وبعدها هتناموا أحلى نومة هنا.
انتظرت لدقيقة، وناولته لأخرى لتقوم بالانتقال للغرفة الثانية المتواجد بها بقيتهن، حتى تساعدهن في التخلص كذلك من الحشرات المزعجة. تحركت "سندس" نحو فراش "ياقوت" لتجاورها في الجلوس عليه، احتضنتها في محبةٍ قبل أن تتراجع عنها لتحدثها في ألفةٍ بلهجتها التي اتخذت نمطًا صعيديًا:
أنت تقرأ
بين عشية وضحاها - قصة قصيرة كاملة
Romanceنُشرت هذه القصة القصيرة ضمن احتفالية جروب بيت الروايات والحكاوي المصرية تدور الأجواء حول الوقوع في الحب من أول نظرة