المشهد التاسع عشر

4.6K 248 0
                                    


انتفخت عروق وجهه من الانتظــار الطويل -بصحبة أتباعه المخضرمين فيما هو خارق للقانون- تحت لهيب أشعة الشمس الحارقة، عند مفترق الطريق الفاصل بين البلدة وذاك المؤدي للطريق السريع. لثم أحد قطاع الطرق وجهه بوشاحه الداكن، وكلم من معه في صوتٍ غليظ وآمر:

-اطلعوا فوق النخل اللي هناك، ولو شوفتوا العربية جاية حدانا إدونا إشارة.

تحرك أحدهم من موضعه تنفيذًا لأمره صائحًا:

-وجب يا ريس.

تساءل آخر في برطمة مزعوجة:

-احنا هنفضلوا كتير إهنه؟ الشمس قورت نافوخي.

نظر إليه شزرًا قبل أن يجاوبه:

-مش هنمشوا إلا لما نخلصوا مهمتنا...

ثم ارتكز ببصره على بقعة وهمية في الفراغ الفسيح الممتد قبالته متابعًا حديثه إليه في تحيزٍ حانق:

-دي فرصتنا الوحيدة، ولا عاوزهم يقولوا بيت "صفوان" حطوا على مطاريد الجبل؟ تفتكر الناس هتهابنا بعد إكده؟

وافقه الرأي مومئًا برأسه:

-كلامك صح يا ريس.

صافرة غريبة صدحت فجأة لتثير انتباه المجتمعين، أتبعها قول أحدهم كتحذيرٍ:

-جايين!

في التو أمر رجاله باتخاذ مواقعهم كما خطط سابقًا:

-إداروا، وعند إشارتي تهجموا.

أطاعوه في الحال، وامتثلوا لأوامره، وراحوا يتوارون عن الأنظار خلف نقاطٍ بعينها، تمكنهم من حصار القادمين، وتضييق الخناق عليهم، حتى يتمكن من أسر من يريد دون عناءٍ أو مقاومة، ومن ثم الهروب إلى سفح الجبل بلا عائق.


يتبع >>>>>>

بين عشية وضحاها - قصة قصيرة كاملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن