المشهد الرابع والعشرون - الأخير

7.1K 328 41
                                    


في وقت لاحق، وبجوار أحواض الزهور الضخمة، والموجودة في حديقة القصر بعدما عاد الجميع سالمًا إليه، جلست "ياقوت" على حافة السور الحجري لتنظر إلى ذلك الواقف أمامها وهو يخاطبها في صوتٍ دافئ وحنون:

-ست "ياقوت"!

همهمت في صوت ناعم:

-نعم.

احتاج لكل شجاعته ليسألها في جديةٍ:

-مانفسكيش تفضلي إهنه؟

وكأنها تشاركه نفس الرغبة والإحساس، فقالت برجاءٍ صريح:

-يا ريت...

بردها المقتضب والمباشر هذا منحته المزيد من الأمل لتحقيق ذلك الحلم الذي راوده منذ أن رآها للمرة الأولى تطأ أراضيه. خفضت "ياقوت" من رأسها لتكمل جملتها بتحرجٍ:

-بس هفضل فين ومع مين؟

أجابها في تلهفٍ مدفوعٍ بحماسه العظيم:

-فين دي أمرها سهل، بس مع مين بقى ليها كلام تاني!

رمشت بعينيها في ربكة متزايدة، خاصة عندما أضاف:

-والكلام ده لازمًا يمشي بالأصول، بس الأهم إنك تكوني موافقة.

لحظتها نظرت إليه في ترقبٍ، وكأنها تخشى الإفاقة من هذا الحلم الجميل، سرعان ما حادت بحدقتيها عنه عندما وجدت خالتها تقترب منهما وصوتها يسبقها:

-أنا معنديش مانع.

انتفضت قائمة لتجري ناحيتها وهي تناديها في شوقٍ:

-خالتي!

ثم ارتمت في أحضانها، فضمتها إليها وهي تكلمها بتحنانٍ كبير:

-حمدلله على سلامتك يا حبيبتي.

تراجعت عنها "ياقوت" لتنظر إليها بعينيها الفرحتين، وسألتها في لهفةٍ:

-جيتي إزاي هنا؟

أدارت "شيرين" رأسها تجاه "صفوان" المشاهد في صمت للقائهما الحميمي، وجاوبتها باسمة في شيءٍ من الامتنان:

-"صفوان" دبر كل حاجة علشان أكون هنا جمبك في أسرع وقت...

بشكلٍ لا إرادي توجهت "ياقوت" بنظرها إليه، بينما تحولت نبرة خالتها للاعتزاز وقتما أكملت:

-وبصراحة هو راجل ما شاء الله عليه، لو تشوفي الناس بتحكي عن اللي عمله عشان يوصلك هتعرفي إن مافيش منه اتنين...

في مكرٍ بدا محرجًا لكليهما أنهت حديثها إليهما:

-ربنا يحميه لشبابه، ويرزقه ببنت الحلال اللي تستاهله، ولا إنتي رأيك إيه؟

تلبكت للغاية من تلميحها الأخير، وهربت من نظرتها المتفرسة فيها لتقول في تدللٍ:

-الله بقى يا خالتي!

ضحكت خالتها ملء شدقيها في تسلية قبل أن تؤكد لها:

-دي مافيهاش كسوف.

ثم التفتت ناظرة إلى ذلك الواقف خلفهما موجهة حديثها إليه:

-والأصول ما تزعلش.

آنئذ تدخل "صفوان" معلقًا عليها بنبرة اتخذت طابعًا جديًا، وقلبه يرقص بين ضلوعه طربًا؛ لأنه سقط أخيرًا –وعن طواعية كاملة- في بئر العشق بين عشية وضحاها:

-صُح الكلام!

-تمت-


في انتظار متابعتكم لعمل آخر جديد ♥

بين عشية وضحاها - قصة قصيرة كاملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن