عادت إلى وعيها مرة أخرى، فوجدت نفسها بواحدٍ من المشافي الحكومية التابعة للبلدة، حيث تلقت بها الرعاية اللازمة لتصبح أفضل حالًا، نظرت إلى باب الغرفة عندما استأذن أحدهم بالدخول مناديًا باسمها:
-ست "ياقوت".
اعتدلت في رقدتها، واضعة الوسادة خلف ظهرها، وقالت بصوتٍ شبه متحشرج:
-أيوه.
أجلت أحبال صوتها ونظرت إليه بخجلٍ، فسألها باهتمامٍ زائد:
-عاملة إيه دلوقتي؟
ردت باسمة قليلًا وهي ترفرف بجفنيها:
-أحسن الحمد لله.
أشار بيده نحو الباب متابعًا:
-أني جيت أطمن عليكي، وهمشي.
أوغر صدرها تصريحه بالذهاب، لهذا حاولت استطالة الحديث معه فسألته بوجه عكس القليل من الكدر:
-باقي البنات كويسين؟
أجابها في جديةٍ:
-أيوه، كلهم بخير، وخرجوا من إهنه ووديناهم حدانا.
ردت عليه "ياقوت" مبدية عرفانها بجميله:
-احنا تعبناكو معانا.
أخبرها في استعتابٍ رقيق:
-متقوليش كده، تعبك كله راحة.
جملته كانت موحية، ومُرضية لها، تبسمت في تلقائية، وتوردت بشرتها. حاولت تورية ما ينتابها من مشاعر رقراقة بتبديل مجرى الحوار إلى آخر بقولها:
-تلاقي خالتي قلقانة عليا.
في التو أخبرها:
-اطمني، كلمناها ودريت باللي حصل.
وقبل أن تدور برأسها الهواجس، أكد لها:
-بس متقلقيش، أني خبرتها إنك كويسة وبخير.
مقاومة هذا الشيء الذي تشعر به نحوه كان يزعجها بشدة، لهذا قررت إزالة كافة الحواجز التي تحول دون تأكدها من إحساسه ناحيتها، فلم تعد تطيق حجب مشاعرها المرهفة، تحلت بالشجاعة، واستجمعت جأشها لتبادر بالاعتراف الحذر له:
-مش عارفة هتصدقني لو قولتلك إني كنت مطمنة إنك هتيجي تلحقنا.
خُيل إليه أنها أعطته الإذن ضمنيًا للإفصاح مثلها عما بذل فيه جهدًا لتكوين عبارة مفيدة تمنحه عبرها الفرصة لسؤالها إن كانت حقًا ترغب في العيش هنا والارتباط به، لم ينتقِ هذه المرة كلامه عندما نطق بشكلٍ عفوي:
-وأني عمري ما كنت هسيبك، أني عاوز أفضل جارك.
لمعت عيناها بوميضٍ كان ساحرًا، ومصحوبًا بابتسامة مشرقة، مما أكد له أنها لا تمانع مطلقًا في اتخاذ خطوة جدية في توطيد علاقته بها.
يتبع >>>>>
أنت تقرأ
بين عشية وضحاها - قصة قصيرة كاملة
Romanceنُشرت هذه القصة القصيرة ضمن احتفالية جروب بيت الروايات والحكاوي المصرية تدور الأجواء حول الوقوع في الحب من أول نظرة