في عام ١٩٥٩
في الظهيرة كان هناك في ركن بعيد من الغرفة شئ صغير يطلق عليه المذياع يصدح منه نغمات بصوت الفنانه الشهيرة «فيروز»،أما هناك علي الفراش كانت ترقد في ثبات عميق بطلتنا الجميلة ذات العيون الواسعة الذي يميزها اللون البني الفاتح،كما كان ينسدل علي ظهرها شعرها الأسود و كانت تتميز بطول القامة و الجسد الممشوق الذي يعطيها عمرا فوق عمرها،اسف لك يا عزيزي القارئ بطلتنا هذة ذات العمر الخمس عشر!!!
ومِن زاويه اخرى من تلك الغرفة - عند باب الغرفة بالتحديد - كانت تنظر لها هذة الامرأة في عقدها الرابع الذي كان يكسو علي ملامحها الحزن من الماضي الأليم كانت تنظر هناك علي بطلتنا الصغيرة بيأس ف ها هي المرة الخامسة الذي تأتي بها لايقاظها.....تحركت لها بهدوء و قامت بوكزها في كتفها ثم تحدثت بضجر من هذة الكسولة :
-بت يا جويريه!!اصحي يا بت احنا بقينا الضهر اخلصي عندك مذاكرة قد كده.....يلا يابنتي متعبنيش معاكي.
فتحت عيناها ببطئ نظرت لها قليلا ثم قامت باغلاقهم مرة ثانية قائله بصوت يملؤه النوم و الضجر :
-في اي يا دادة فتحية،ما تسبيني انام شوية،هي المذاكرة هتجري يعني لسه في وقت انتي بتقولي الضهر لسه.
نظرت لها «فتحية» بخبث ثم تحدثت بما سوف يجعلها تستيقظ رغما عنها :
-طب خليكي نايمة بقي و انا هنزل هقول لست نادية هانم علي الدرجات اللي بتجبيها تيجي هي تظبطك،و تعين منك روايات نجيب محفوظ و طه حسين دي،و اهو بالمرة تاخد منك الراديو اللي انتي مشغلهولي طول النهار ده لما صدعتيني.
ما أنهت جملتها حتي قفزت «جويريه» من مكانها سريعا الي المرحاض :
- لا طالما فيها حرماني من اغاني فيروز نقوم بسرعة.
نظرت لها «فتحية» بيأس من هذه الصغيرة،بعد مرور ثلاثون دقيقة خرجت «جويريه»من المرحاض ذهبت الي المرآة تقوم بتجفيف خصلاتها ثم قامت بجلب الفرشاة و نظرت لها من خلال المرآة....تحركت لها «فتحية»و علي ثغرها ابتسامه حنونة ف هي الذي قامت بتربيتها،و للحق في هي تعتبرها مثل صغيرتها التي رحلت عن الدنيا،أما جويرية ف «فتحية» بمثابة لها الام اما في الحقيقه التي تُدعي نادية - والدتها - ومن حملتها في احشائها تسع اشهر لم تري منها ذرة حنان،ف هي تتحاشي التعامل معها حتي لا تصب عليها غصبها،خرجت من شرودها ثم نظرت ل«فتحية» وقامت بمفجأتها بسؤالها الغريب :
-دادة هو انا هتجوز امتي بقي!!!
________________________________بعدما قامت «فتحية» بتمشيط شعر «جويريه» تركتها الأخيرة و ذهبت الي والدها العزيز الذي كان يجلس في الحديقة يمسك الجريدة و أمامه فنجاناً من القهوة،هذه عادة ابي يا سادة في كل صباح ،ما اللذة في قراءة جريدة كل يوم بها كميه من الحوادث المؤلمة الذي يحدثها الاحتلال البريطاني؟!