Part 10: نور اسود

28 4 0
                                    

«الى النور»
لم يكن كأي طفل حديث الولادة فهو لم يبكي او يصرخ كان هادئا كأنه يعرف ما خلق من اجله وضعته بين يداي المرتجفتان له وجه مختلف عن البشر بنفس اختلافه عن الشياطين وجه دائري صغير شاحب اعين مفتوحة على ضوء الشمعدان الكئيب لون عين بنية تعود لامه وعين زرقاء لآسر شفاه وردية صغيرة جسم قوي رغم صغر حجمه... هاهي هديتك تعانق العالم اتمنى ان يبادلها العالم العناق...

أمسك الطفل خصلة من شعر امه النافرة بقوة تنافي كونه طفلا نظر بحدة و برائة لعيني امه البنية الكبيرة.. صوت لطيف من عينه يقول لست طفلا الا في تفكيرك ... سيقلب ابن«آسر» هذا العالم على اعقابه...

نظرت مطولا الى ماحمل رحمي ... مختلف تجمع بيني وبين والداك اسميتك لاختلافك اسما مختلفا يجمع بين العالمين «ضارم» احمل يا ولدي غضب الدنيا وما فيها وبإسم ملوك العالم السفلي المقدسة انقل اليك مهمة الانتقام لدم ابيك الذي لازل عالقا على قلبي كن لي سندا بعد والدك. كن نار اغرسها في قلوب اعدائك.
«رمح منكم عليكم»

عدت بعد ولادتي مباشرة الي البيت الذي جمع حب العالمين. الحب المحرم مكانك المقدس «آسر» ...
حاولت ان اوفق بين عملي في السوق الكبير و تربية ولدي الصغير «ضارم» لا اخفي انه كان امرا صعبا التوفيق بين الامرين خصوصا وان «ضارم» كان صغيرا جدا. لكن «بحر» لم ينفك يساعدني في قضاء حوائجي وكل طلب عندي له كان كالأمر عليه. أستصعب مساعدته لي فهو غريب عني لكني احسست ان « ضارم» تعلق به .
حاولت جاهدة ان اعوض مكانة «آسر» لكن «بحر» صعب الامر علي خصوصا وانه اصبح يأتي يوميا لزيارة «ضارم» . لحسن حظي ان محاولتي لم تذهب مهب الرياح بال جنيت ثمارها لان «ضارم» وعلى عكس المتوقع من طفل فهو لم يكن ينادي «بحر» الا بأسمه.
كبر «ضارم» ولم يعد طفلا متكلا علي كما انه ساعد امه في اعمالها واصبح تاجرا مصاحبا ل«بحر» في سن صغير.
«ربيع شبابك»

لم يكن الانتقام غايتي ولم أكن اعرف عدوي. لكن اسئلة «ضارم» الكثيرة والعميقة حول والده دفعتني لاختلاق الاكاذيب حتى يكبر فانا اعرف داخل ابني المظلم جيدا فقد احب والده رغم انه لم يره ابدا لم اكن اريد زرع بذور الثأر في ولدي من صغره اردته ان يعيش كأي طفل صغير وشاب بشري طبيعي ايضا..
بعد 4 سنوات في حديقة البيت الكبير الذي كان كوخا تأخذه الرياح ان هبت تغير حالنا و داع صيتنا في القرية والسوق الكبير.

لأصف لكم «ضارم» ابني الوحيد و هدية «آسر» لي كان مختلفا عن البشر شبيها بالشياطين له عين بنية وعين زرقاء شعر ابيض يصل كتفيه البارزة عضلاتها طويل كجبل له بشرة تخلط بين البياض الناصع المخيف والقمحي لطيف. خفيف الظل عذب اللسان قليل الكلام حاد النظرة له انياب بارزة تزيد جمالا كلما ابتسم.
«ذبيح سؤالك»

غادر «ضارم» مع طلوع الفجر ككل يوم روتيني هادئ جميل نجمة الفجر بارزة على الوان السماء. نسائم باردة تعانق شعري و تلعب به.. تتراقص الذكريات امام ناظري أتأمل مثواك الاخير فلا انساك ألتمس كل ذكرى نابعة منك الي... ليت دموعي تجف فأنساك..... ليت الحب ينتهي فأنساك.... ليت الموت يأخذني فألقاك... ليتني اقبلك و أشم نعيم رائحتك.... وليت الايام تعود فأرتمي في حضنك باكية على ما انا فيه بعد الفراق..... ليتك خنتني ففطرت فؤادي لكان اهون لي من موتك.... ليتني اعاتبك.... ليتني المس وجهك و يداك..... كنت الحياة وغادرت نقضت بوعد القلوب فكسرتني وذهبت...
«ضارم»: لما ارى عينك باكية؟
«إنصات»: لا شيئ لم ارك هنا ادخل لترتاح..
«ضارم»: لا مجال للتهرب الان لن اقبل اعذارك اكثر اخبريني ما حدث لوالدي. من حقي ان اعرف من اين اتيت اوليس كذالك؟
«إنصات»: نعم من حقك لكن الوقت لم يحن بعد لإخبارك.
«ضارم»: متى اذا؟! متى!!؟ هل سأبقى معلقا بين دموعك وقبر والدي لما انا الوحيد الذي لا يعرف سننهي الامر هنا و الان اخبريني ما حدث ما الذي تخفينه عني؟
«إنصات»: إجلس.... لا مفر من هذا على اي حال..
أخبرت «ضارم» عن حياتي كلها كل تفصيل منها كنت اعلم ما سيحدث بعد معرفته كل هذا لكن ماذا قد افعل غير اخباره..... تعجب وتنهد ايضا ابدى ردات فعل لم أعتد عليها منه فطبعه من طبع والده بارد لا يبدي وجهه ردات فعل واضحة لكنه دافئ لطيف مع من يحب ... ثأر تجلى في عينيه غضب مخيف في صدره ضغط غضبه على انفاسي فتقطعت ..
«ضارم»: لم أخفيتي عني هذا؟
«إنصات»: خوفا مما ستفعله الان.
«ضارم»: اليس من حق حبيبك الثأر له ؟
«إنصات»: لو كنت اريد لفعلت.
«ضارم»: ولما لم تفعلي؟
«إنصات»: لاني إنطفأت بدونه كان ضوئي الذي لا يميل مع الرياح... صحيح انه ذهب لكنه ترك لي هدية هي انت... ولو عاش لما قبل ان أثأر له.
«ضارم»: ان كان الثأر لحبيبك اختيارا فهو واجب علي!
«إنصات»: لما تقول هذا انك لم تره حتى وانا لن أسمح لك بالدخول في معركة خاسرة.
«ضارم»: حبيبك هو والدي وان كنت لا اعرفه فأنا منه والثأر ليس خياري بل واجبا علي لقد سكتي بما فيه الكفاية حان وقت التحرك.
«إنصات»: ارجوك لا تفعل لن أحتمل فقدانك انت ايضا لست مستعدة لتجرع مرارة ذالك الالم بعد كل هذه السنوات لن أدعك تجني على نفسك!
«ضارم»: لا تخافي فأنا شيطان في النهاية وان سكتي انت على حق حبيبك خوفا من الشياطين تحججا بي فشياطين لا تخيفني وانا لم اعد صغيرا يخاف عليه!! ..
فجأة تحدثت الذكريات..... رأس «آسر» ... صوت الشياطين.... عقلي أعاد كل ما عشته في دقائق مرت كسنوات على مخيلتي.... لا أريد الخسارة!! لا اريد تكرار الماضي!! لن احفر قبرا!! آخر لن أفعل لن ابكي عليك بعد والدك !!
«شيطان الثأر»

كنت اعلم اني لم اخلق لأكون تاجرا .... وضعت صوب عيني هدفا ربما أموت في بداية الطريق اليه لكني لن ارحل عن الحياة الا بعد ان اخرج روح ذالك الوضيع ثمنا لاخذ روح والدي وحبيب امي لن أعود اليها لا ثائرا.
توجهت الى منزل «بحر» لاعلمه عن مغادرتي.
«ضارم»: هل يمكنني الدخول يا «بحر» ؟
«بحر»: تفضل يا بني ماذا تشرب؟.
«ضارم»: لا لن امكث هنا طويلا اتيتك طالبا معروفا.
«بحر»: خيرا هات ما عندك.
«ضارم»: لدي امانة لن يهنئ بالي الا وهي عندك.
«بحر»: وما هي؟
«ضارم»: امي اريدك ان تعتني بها مدة مغادرتي.
«بحر»: امك عزيزة علي و إعتنائي بها واجب لكن لما كلامك مليئ بالألغاز؟ واين انت راحل؟
«ضارم»: انها فترة وجيزة أحتاجها من اجل نفسي و اظن ان امي ستخبرك سبب ذهابي حين تلقاك.. دمت سالما «بحر»
«بحر»: رافقتك السلامة....

تعمدت ان لا اخبر «بحر» سبب ذهابي لاني اعلم انه سيمنعني وجعلت امي أمانة لي عنده.... جمعت ملابسي و أغراضي والمال ايضا توجهت نحو الجنوب الى بلاد السحرة بلاد الفرس.... لست بغبي يريد الموت انا رجل ثائر لن اذهب للملك دون عدة ولن اموت في طريقي اليه... سأرفع رأسه بين عيني امي ... لارى ابتسامتها الخجولة.....
ترقب ايها الوضيع لست انا من يدع دم والده على الارض....

            رياح رمادك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن