الفصل الثاني

259 5 0
                                    

ومرت الأيام متباطئة ومملة ومميتة في آن واحد، مر أربعين يوما على زواجنا وبدأ ظهور الأشياء الغريبة وحدوثها معي، ففي يوم من الأيام بدأت الأعمال المنزلية من تنظيف وغسيل للملابس وطهي للطعام وخلافه بعدما أعددت له الإفطار وغادر المنزل لعمله، وبعدما انتهيت من كل شيء صليت الظهر واتكأت على السرير بحجرة نومي، جعلت أقلب بنظري يمينا ويسارا حتى غفوت، و يا ليتني لم أغفو في هذا اليوم، استيقظت على أصوات غريبة من حولي وكأنني في سوق يعج بالناس، فهناك من يصرخ عاليا لا يعجبه السعر وهناك من ينادي الناس ليشتروا منه بضاعته، جلست مذهولة مما سمعت في نومي واعتبرته كابوسا مزعجا، ولكنني صعقت أكثر من ذهولي عندما رأيت الدولاب أمامي وقد فتح على مصرعيه والسوق بداخله، في البداية كنت أسمع أصواتا ولكني الآن بت أسمع وأرى! أخبرت نفسي أنني بالتأكيد يهيأ لي ما أسمع وأرى، نهضت من على السرير وسرت حتى وصلت للدولاب لأتأكد مما أراه وأسمعه، ولكن بالفعل وجدته شارع يكتظ بالناس، وكان هناك هواء ساخنا يخرج من الدولاب مفعما برائحة الشمس التي لا تدخل حجرتي إلا إن فتحت النافذة في الصباح الباكر؛ اشتممت الروائح والتي لا تدل إلا على وجودي في سوق فعلي، أيقنت حينها أنني لم أكن أتهيأ ولا أحلم وأنني في واقع حقيقي لا أعلم من أين جاء أمامي وامتثل بهذه الطريقة وهذه الكيفية. وجدت نفسي وقد اقتربت من الدولاب لأنظر ما بداخله وأزداد تركيزا في كل الأناس بالسوق، لم يعر انتباهي كليا إلا سيدة وما شدني تجاهها أنني وجدتها تنظر إلي دونا عن الباقيين، وجدت نفسي أنظر إليها بتمعن أيضا، ووجدت نفسي أنسحب من لساني وأسألها: “هل تنظرين إلي؟!، وتريني أمامكِ؟!” فوجدتها تقترب بخطواتها تجاهي، و يا ليتني لم أسألها، إذ كانت تقترب مني أكثر فأكثر وكلما اقتربت مني كلما تغيرت ملامحها للأسوأ، في البداية من بعيد كانت ملامحها عادية للغاية مثلها مثل أي سيدة من عامة الناس، ولكنها كلما كانت تقترب مني وكأنها ستجتاز الدولاب وتكون معي بالحجرة كلما اسود وجهها وتفحم! 

رفيقة الجن Where stories live. Discover now