الفصل السادس

149 4 0
                                    

حزنت كثيرا على نفسي وعلى حالي وما آل إليه، دخلت غرفة نومي وشرعت في بكاء مرير ولم تكف دموعي عن النزول إلا عندما سمعت صوت الباب بعد خروج زوجي من المنزل حينها كفكفت دموعي وشرعت في الأعمال المنزلية لأخرج نفسي من الحالة السيئة التي كنت أشعر بها، وبعدما انتهت من كل شيء شعرت بتعب وإرهاق شديدين فقررت أن أنال قسطا من الراحة قبل أن يعود زوجي من عمله، وعلى عكس عادتي أول ما وضعت جسدي على السرير غرقت في نوم عميق، فمن عادتي ألا أخلد للنوم إلا بعد تفكير عميق وقضاء وقت طويل في حساب أدق التفاصيل على مدار يومي وربما على مدار حياتي بأسرها وبينما كنت في نوم عميق استيقظت فزعة على صوت صرخات لامرأة!، والصوتي يأتيني من الصالة سارعت للذهاب إليها لمعرفة ما بها وما الذي يحدث داخل منزلي على الرغم من يقيني حينها أنني لم أترك باب منزلي مفتوحا على الإطلاق لدخول شخص ما حتى وإن كانت سيدة  نهضت مسرعة وعندما خرجت للصالة وقفت مصدومة مما رأيت، لم أجدها الصالة الموجودة بمنزلي، لقد كانت نفس الصالة ولكن كل شيء بها مختلف من أثاث وألوان الدهان على كل حائط بها كان كل شيء بها على الطراز القديم، وبمنتصف الصالة كانت تقف سيدة، لحظة إنها نفس السيدة التي رأيتها من قبل داخل الشارع والذي ظهر معي من الدولاب، في هذه المرة لم تكن تنظر لي بل كانت منهمكة في الباجور (كان يستعمل قديما لإشعال النيران للطهي وما شابه ذلك)، وفجأة خرجت النيران منه وأمسكت بملابس السيدة واشتعلت بسائر جسدها، وأول ما النار أمسكت بها صارت تجري بكامل قوتها في الصالة وتصرخ مستنجدة بأي أحد لينقذها ويغيثها من النيران التي تلتهم جسدها بشراهة
كانت تصرخ السيدة من شدة ألمها وأنا أصرخ من شدة خوفي من هول ما أرى، حاولت جاهدة ومتماسكة أن أهرع للهروب منها داخل غرفة نومي ولكني فشلت في ذلك، إذ أن جسدي بالكامل كان متخدرا ولم أستطع تحريك ساكن به، وحدث ما كنت أخشاه إذ أن السيدة والتي كانت تشتعل فيها النيران اقتربت مني والنيران تملأ المكان بأسره وكل جزء بالصالة، هنا أيقنت أنها نهايتي الحتمية، ولكن فجأة خمدت النيران من حولي ووجدت السيدة في وجهي وقد بات جسدها بالكامل أسودا متفحما إثر النيران الضارمة وصرخت صرخة مخيفة في وجهي طويلة لأبعد الحدود وغير محتملة على الإطلاق
ومع صرختها ووجها الأسود وعينيها والتي كانت سوداء سواد صرف وجدت نفسي أصرخ بشدة مثلها أيضا، وع صرختي وجدت زوجي يهزني ويوقظني من النوم مثل المرة السابقة، نهضت مخضوضة وعلى الفور شرعت في سرد ما حدث لي من أهوال، ولكني وجدته يصرخ في وجهي: “لقد انتابكِ الجنون، لم أعد أحتمل العيش معكِ ولا النظر لوجهكِ القبيح، لقد كرهت الحياة بأكملها والسبب أنتِ، لقد كرهت طفلي قبل أن يأتي للحياة والسبب الوحيد لأنه منكِ أنتِ”.
لم أتعجب من كل حرف تفوه به زوجي حينها، وكل ما كان يشغلني حينها كيف وصل زوجي لغرفة نومي مع إني قد أوصدت غلق الباب جيدا من الداخل ولا يمكن لأي امرأ أن يدخل إلا إن فتحت الباب له؟
في الحقيقة لقد نال أمر دخول زوجي للمنزل دون أن أفتح له حيزا كبيرا من تفكيري، فصرت على الدوام أفكر في ذلك وأحاول أن أجد له تفسيرا؛ أما زوجي فمن حينها تغير أكثر من السابق، فصار على الدوام عند والدته ونادرا ما يأتيني للمنزل وعندما يأتي لا يتناول الطعام مطلقا ولا يلمسني ولا يكلمني على الإطلاق، ودوما ينفر من شكلي، وصل به الحال أنه بات يبيت عند والدته ويتركني في المنزل بمفردي ويأمن بذلك أما عن والدته فكانت راضية كل الرضا عنه وكأنها لا تريد بيننا إلا الخراب، أما عني فالليالي التي كنت أبيتها بمفردي في المنزل كنت أتجرع فيها الويل حرفيا لدرجة أنني كنت أطلب الموت ولا ألقاه، كنت في كل ليلة أستيقظ على أصوات أناس يتحدثون مع بعضهم البعض في المنزل، وأحيانا كثيرة على صرخات نفس السيدة، وأول ما أفتح عيني أجدها أمامي بالغرفة أوقات كانت تكون بشكلها الطبيعي وأحيانا كثيرة كانت تكون متفحمة، كنت أستيقظ أحيانا على أصوات مياه ملأت المنزل بأكمله وكأني سأغرق وعندما أتمالك نفسي وأبدأ في قراءة القرآن الكريم يختفي كل شيء وكأني لم أرى شيئا من كل ذلك الأغرب من كل ذلك كان عندما تأتي عيني على المرآة ولو صدفة دون قصد مني، فبدلا من أن أرى انعكاس صورتي كأي إنسان طبيعي في الحياة كنت أرى انعكاس صورة المرأة نفسها وهي تنظر إلي

رفيقة الجن Where stories live. Discover now