الفصل الحادي عشر

163 6 0
                                    

وبالفعل تزوجنا بعد شهرين، كان طيب القلب يعاملني كالملكات وكأن الله سبحانه وتعالى يجبر بخاطري بعد كل الآلام التي عشتها، أمضيت معه الحياة في سعادة وهناء، وأتم الله علينا نعمه حينما اكتشفت أمر حملي، كاد أن يطير بي فرحا وبطفله الذي يسكن بداخلي؛ ولكن الحياة لا تستمر على لون واحد على الدوام، اجتباني الله سبحانه وتعالى لابتلاء جديد، أصاب زوجي مرضا نادرا، وعلى الرغم من طرقنا لكل أبواب الأطباء ابتغاء العلاج إلا إن المرض كان يشتد عليه اليوم تلو الآخر، وفي النهاية رحل عن الحياة وتركني وحيدة وابنته التي لم تولد بعد بداخلي، ساءت حالتي النفسية كثيرا بعد موته، ومن جديد تركت منزله وعدت لمنزل والدتي وبعد شهرين من رحيل زوجي جاءت ابنتي وأضاءت الحياة من حولي بعد ظلام حالك اشتد وطأه على نفسي، كانت ابنتي بمثابة العوض من الله سبحانه وتعالى والجبر على كل شيء رأيته وعايشته بالحياة المريرة، تمسكت بالحياة لأجلها قررت الصمود والوقوف على قدماي، فعملت لتوفير كل مستلزمات الحياة لأجل صغيرتي، وصرت أنا بالنسبة لها بمثابة الأم والأب وكل السند، اعتنيت بها كثيرا وبوالدتي، وعلى الرغم من مشاق العمل إلا إنني كنت في غاية السعادة والفرح والحياة لا تخلو دوما من منغصات العيش، مرضت والدتي واشتد عليها المرض وفارقتني وصرت أنا وابنتي من بعدها وحيدتين، حاولت ألا أنكسر برحيل أمي لأكون داعما وسندا لابنتي والتي ليس لها أحدا بكل هذه الحياة بعد خالقها إلاي، مكثنا في منزل أبواي الراحلين، حتى أن المنزل بات قديما متهالكا فقررت أخذ ابنتي لمكان جديد لتهنأ بطيب العيش، وبالفعل تمكنت من تأجير شقة بمصر القديمة، حينها كانت أحوالي المادية تمكنني من ذلك بكل سهولة ويسر، وانتقلنا وكانت الشقة واسعة وأجمل من المنزل القديم كانت ابنتي قد كبرت وزادت الحياة جمالا بوجودها، كنت أعمل ليل نهار وفي نفس الوقت أتابعها في دراستها وحفظها للقرآن الكريم، وبعد ثلاثة شهور من انتقالنا للشقة الجديدة بدأت أشياء غريبة تحدث معي، في يوم من الأيام بينما كنت نائمة بالليل وابنتي في غرفة نومها الأخرى سمعت أصواتا تأتي من الصالة، في البداية اعتقدت أنهم لصوص مجرد لصوص، فهممت بالذهاب للصالة بهدوء على قدر المستطاع لأتبين الأمر!
وما وجدته هناك جعلني مذهولة إذ أنني وجدت أربعة من الرجال وعلى رأسهم رجل أكثر ضخامة منهم جميعا، وهذا لا يعني أنهم ليسوا برجال ضخمي البنيان، كانوا يرتدون الجلابية البلدي الشهيرة ويمسكون بالعصي في أيديهم، أول ما رأتهم تذكرت وصف والدتي عن الفتوات
صرخت في وجههم قائلة: “من أنتم؟!، وماذا تفعلون بمنزلي؟!، ومن الأساس كيف دخلتم هنا؟!”

ابتسم كبيرهم في وجهي وقال: “لقد جئنا لنرحب بكِ، اقتربي وصافحيني” 

رفيقة الجن Where stories live. Discover now