الفصل التاسع

151 2 0
                                    

لم أستطع أن أتمالك نفسي على الرغم من كوني حاولت كثيرا حتى لا أكسر قلب والدتي الكبيرة في السن، انهارت كل جوارحي وشرعت في بكاء مرير عجزت عن التوقف عنه، وجدت صديقة والدتي تضمني في حضنها وتربت على ظهري وتقول لي: “لا أريدك أن تحزني، فأشهد الله تعالى أنكِ أنت الرابحة في كل ذلك وإن كانت الغاية الوحيدة من كل ذلك ابتعادكِ عن خالتكِ، ألا تدرين أنها مولعة بأعمال السحر، وأنها غير راضية عن زواجك من ابنها من الوهلة الأولى؟!”
لم أدري ماذا أقول لها حينها، وجدت لساني قد انعقد ولم أكرر إلا كلمة: “أعمال سحرية؟! خالتي؟!”

أجابتني السيدة: “ألا تدري أن خالتكِ تفعل أعمال سحرية؟!”

أجبتها: “لا، لا أدري عليها شيئا مذل هذا”.
فأجابتني مندهشة: “إن كل أهالي المنطقة لدينا يعلمون ذلك مثل الشمس التي تظهر في السماء في منتصف نهار الصيف، الجميع يشهد لها بذلك، خالتكِ تذهب لرجل له في الأعمال وكانت تتردد عليه كثيرا بعد زواجكِ من ابنها؛ أنا واحدة أشهد الله أنها في يوم من الأيام بينما كانت تجلس معي أخبرتني بأنها لا تريد إلا أن تطلقكِ من ابنها وأنها ستفعل المستحيل لتحقق ذلك، وعندما سألتها عن السبب أخبرتني بأنها على استعداد أن تزوجه بأي فتاة يشير عليها لأنها تكرهكِ وتكره والدتكِ”
كانت قد أمسكت بي من يدي وابتعدت عن والدتي لتخبرني بكل ذلك وتخفف من آلامي، استجمعت كامل الخيوط ووجدت أن كل حرف تفوهت به هذه السيدة حقيقة لا يمكنني أن أنكرها مطلقا، وكيف لا أصدقها وقد كانت خالتي هي السبب في استئجار المنزل المسكون، وهي السبب في كل مشكلة وخلاف حدث بيني وبين زوجي؟!
وعلاوة على كل ذلك كانت السبب في موت ابنتي بعدما تعلق قلب ابنها بها وبدأت الحياة تصلح بيننا، ألم تتضايق عندما رفضت أن أشرب الحليب وألقت به أرضا؟!، ربما كانت تضع لي بداخله شيئا يكون سببا في موتي لتتخلص مني نهائيا
رحلت السيدة ولكن لم ترحل معها الأسئلة الحائرة التي كادت تودي بي، وبالفعل بعد أيام قليلة وجدت زوجي قد طلقني وأرسل لي ورقتي دون أن أرى وجهه، يا له من أسود عام مر بحياتي منذ أن خلقت، لقد كان عاما لم أرى فيه إلا كل البؤس والشقاء من كلا العالمين عالم الإنس وعالم الجان؛ وبعد انفصالي التام عنه ظننت أن حياتي السابقة ستعود لي مجددا، ولكنه لم يكن أكثر من ظن واعتقاد، فالكوابيس لا تزال تطاردني في نومي والخيالات تطاردني في يقظتي، كدت أفقد عقلي حرفيا
وفي يوم من الأيام صعب حالي على والدتي فقررت أخذي لرجل يعالج من المس والشياطين، سردت على مسامعه كل ما يحدث معي وما حدث بالمنزل أثناء فترة زواجي، وقبل أن يفعل أي شيء اتفق مع والدتي على مبلغ من المال، أخبرته بأنها ستعطيه كل ما يطلب، وبعدما اطمئن شرع في عمله أحضر طشت من النحاس وسكب بداخله الماء، طلبي مني أن أخلع الحذاء وأكشف عن ساقي وأقف بداخل الطشت، وبعد ذلك أحضر امرأة علمت فيما بعد بأنها كانت زوجتها وجعلها تقف أمامي في المياه بداخل الطشت النحاسي كانت هذه المرأة خرساء لا تتكلم نهائيا، لكن أغرب ما رأيته في ذلك اليوم أنها ما إن وقفت داخل الطشت وطلب منها أن تنظر للمياه التي به وأخذ يقول بعض الكلمات الغير مفهومة كليا بالنسبة لنا جميعا، وإذا بها تتحدث بصوت طفل صغير للغاية قائلة: “هي من قامت بفعل السحر لها، هي من جعلتها بمنزل مسكون لتفعيل السحر، كل شيء بات معروفا، وكل شيء بات مكشوفا”

رفيقة الجن Where stories live. Discover now