2

132 10 7
                                    

.

.
.
.


بعد لقائي الاخير معه، كف عدن تدريجيا عن الالتفات نحوي
بطرف عينه، تجاهلي المستمر له افقده الامل، او هذا ما ظننته، ان الدنيا لم تفلح قط في زعزعتي ولم تجعلني اياس من الحياة، لكني الان اهد قوتي بيدي، اتقهقر الى حفرة ظلماء، اموه نفسي عن الناس، لا اريد ان اظهر ولو بكلمة عابرة ، لا أريد أن يسمع عني فيعود يحوم حولي محاولا استرجاعي اليه، ولن يحصل ذلك الا على جثتي، الامر العجيب انه كف عن المحاولة، وصار اقرب الى الطلاب في فصلي ، وحتى باقي المراحل والاقسام باتت تعرفه عن ظهر قلب، ان له علاقات مع الجميع، وكأنه اخطبوط متشعب، وهذا انما جديد علي، لم اعهده حمامة تحلق في كل مكان، كان صخرة ضاربة في القدم، متجذرة في الارض حد ان لا يحركها زلزال، اعجب كيف انتهى بنا الحال نسختين متناقضتين عن انفسنا، انا هو الماضي وهو انا الحاضر، لقد كففت بعد مجيئه عن اصدار حتى صوت واحد، وهو لم يصمت وان عنى ذلك طرده من الصف اثناء الدروس، لعله بذلك يملأ الفراغ الذي خلفه غيابي عنه في قلبه، او انه يشمت بي، انا الذي تخليت عنه، يظهر ان حاجته الي معدومة، وانه قادر اكثر مني على ان يكون انا لنفسه، وهذا على عكس توقعاته ، يفرحني بشدة، انه كف وهذا يبعث في نفسي الطمأنينة، لم اكن اظن ان الامر بمنتهى السهولة، وانني كنت كثير التفكير الى الحد الذي افقدني اتزاني، ان التجاهل هو الحل الامثل لكل مشاكلنا، وهذا يفلح دائما في اخراجي من معترك الدنيا .

الاختبارات على الابواب، ايضا مولود اختي الذي سيخرج الى النور في أي يوم، تحسرت على أنني قد لا أراه في أول يوم له معنا؛ بسبب الدراسة، ولكن مع غبطتي، إلا انني قلق، فمع الاختبارات والطفل الصاخب، لن يكون لي متسع للمذاكرة، وعلي ربما الانتقال من المنزل مؤقتا، وهذا هو ما يشغل ذهني في هذه اللحظة، حيث اجلس في ركني المفضل اتكأ بظهري على جدار المسجد، اتأمل الحمام في طيرانه البهي، ويحلق عقلي معه ايضا مفكرا، اين سأمضي ؟ الى من سألجئ وأنا لا اعرف أحداً عدى عائلة أختي هنا في العاصمة، أو لعلني سوف استأجر شقة، لكنها غالية الثمن على طالب ، اذا لن يبقى الا سكن الطلاب، لكن الوقت قد مضى على التسجيل فيه، لم اجد امامي منفذا، تنهدت بقوة، اضرب راسي بالجدار بخفة، لعل الافكار تتساقط عليَّ، لكن عبثا احاول، لعلني أتحدث مع عدنان ليكلم بدوره رئيس القسم يجد لي حلا، رئيس قسمنا يحب عدنان ويحترمه، وهذا ما كنا نستغله دائما أحسن استغلال..

كان اليوم الدراسي على وشك الانتهاء، ليس لدينا إلا محاضرة واحدة اليوم وتبدأ بعد ربع ساعة، تستمر لساعتين، بعدها سأخذ عدنان على انفراد واقص عليه مشكلتي، على أمل أن يجد لي حلاً، توجهت إلى الفصل، أمشي عبر الرحلات المتراصفة، وأخيراً إلى حيث مقعدي عند آخر الفصل، أجلس مطرقا راسي اتظاهر أني نائم، لعل أيا كان من يريد الحديث اليَّ يغير رأيه ، ولطالما كنت انجح

ميَّال الشَمسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن