9

97 10 6
                                    


.
.
.
.


دنوت منهم، احث الخطى، اراهما يتحدثان بشوق كبير، يسترجعان الماضي، ذلك الذي نسيت أغلبه، يحيى المراهق دائم الخروج، لا يعود إلى المنزل إلا قبل الغروب، وعدن الذي أجزم أنه لا يدخل منزله إلا في الشتاء ولياليه، وقفت قبالتهما، أضع يدي على كتف يحيى

- كادت أن تنطلي عليك

أخبرته، هز رأسه يزفر أنفاسه، منشرح الصدر

- شعرت بذلك، أنتما مختلفين

كان يحيى يتفرس في وجه عدن، كما لو أنه بفعله هذا يعيد ذكرياته ويربطها معا، ثم أصدر تنهيدة طويلة يصفق يديه ببعضها

- عدن! تذكرتك الآن، وأنا أقول في نفسي أن هذا الإسم مألوف! إنه أنت كنت اناديك جنة

ضحك يحيى، وامتعض عدن، يشيح وجهه عنا، يسوؤه أن يناديه أحد بهذا الإسم، مؤنث اسمه، قهقهت اربت على كتفه، ينظر إلي، يقلب عينيه، أمسكت يده، أقول

- لنذهب إلى السينما، أريد أن أرى فيلماً!

وافق يحيى كلامي، سحب عدن يده يشير إلى شقته في الأعلى وهو يجول ببصره في وجوهنا

- في الداخل عندي شاشة كبيرة يمكننا ربطها بالهاتف وتشغيل الأفلام، لا داعي للسينما

بعد أخذ وعطاء، اقتنع يحيى بعرض عدن، مع أن أحد أحلامه كان مشاهدة فيلم معي، في صالة السينما، يقرر تأجيله، لا يدري إلى متى، ينتظر ذلك الحلم كما انتظر أنا، أن تكف يدي المرتعشة عما تفعله، أن تكون صلبة الأعصاب حتى لا يعصف بها قلبي .

دخلنا شقته، جلسنا في غرفة الإستقبال، راقبت ويحيى، عدن، الذي شرع يغلق النافذة، ويسدل عليها ستارة رمادية، يربط الشاشة المقابلة لنا في هاتفه، يسلمه لي، يعرض فيه ملصقات أفلام ومسلسلات بعدد شعر رأسي، أخذت أنا ويحيى تنصفحها حتى نختار فيلماً مناسباً، وكالعادة، يجب أن يكون هنالك شجار في مثل هذه المواقف؛ يحيى مصر على اختيار عمل رومانسي، وأنا كدت احلف بالله على جثتي قبل أن يعرضه لنا، أردت تصنيف الخيال العلمي، والذي لم يكن ليطيقه حتى لو امطرت كسفا، علت أصواتنا، استقام يحيى ممسكا الهاتف، يحذرني بيده

- إن اخترته أقسم ساخرج!

- لا تكن لحوحا، قلت لك سأموت قبل أن تعرض ذلك القرف!

- كفى !

صفق عدن الباب مجفلا ايانا، التفتنا إليه، كان يرتدي مئزر الطبخ، يربط شعره الطويل إلى الأعلى، يظهر قرص وجهه كله، ألاحظ أن له حواجب طويلة وحادة، كانت ملتحمة من شدة تقطيبه، تقدم ناحيتنا، يسحب الهاتف من يد يحيى، يقلب فيه، ما يزال عابسا، تحدث مغضبا

ميَّال الشَمسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن