3

112 10 5
                                    

.
.
.
.


أنني ممسك بزمام الأمور كلها، لكن لا أدري كيف تفلت السيطرة من بين يدي، إذ لم تكن قبضتي بواهنة، أصدق نفسي حين تقول لي أنها فوق القدرة، وأن سؤالي عنها شيء يدعو للخجل، ولكنها الآن حين جد الجد، تبكي على وقت اهدرته هذرا، أمام ورقة الأسئلة، أكاد أن أقسم أنها ليست من ضمن المنهاج الذي درسناه! رباه ماذا كنت فاعلاً أيام الدروس، أين كان عقلي منشغلا؟! هل سوف اعيد السنة؟ صدقا هذا خانق، لكن مهلا ... إذا أعدت السنة لن أراه، رفعت رأسي بعد أن كان محملقا في الورقة وكأنها ستحل نفسها بنفسها، نظرت إلى الأمام، إلى ذلك المتشح سواداً، كان منحني الظهر منكبا على الإجابة، مركزاً حتى ما عاد في وسعه سماع أصوات المراقبين ومحادثتهم التي اضجرت الطلاب، أنهم لا يكفون عن الحديث ليس وكأن أمامهم طلاب تعتمد حياتهم الدراسية على هذا الاختبار، ولما لم يكن عندي شيء لأفعله، تركت القلم من يدي، فسقط على الطاولة ثم تدحرج إلى الأرض، وراح يركض هارباً مني قافزا إلى قدم عدن، لعله أراد من شخص ذكي أن يكتب فيه، ولسوء حظه لم يكن مالكه قد ذاكر مادة الاختبار هذه ليبرهن له على ذكائه، أما الآن فقد ذهب كل شيء، ولم يعد للندم موقع، تنهدت بعمق، ليس أمامي خيار، أملت جسدي أحاول نده عدن ليعطيني قلمي، لما كان المراقبين منشغلين عنا، بإصبعي، لكزت كتفه، التفت إلي مقطبا ينظر شزرا، وكأنني قتل في عقله الأفكار، أشرت إليه إلى الأسفل، نظر إلى حيث أشير، مال حتى التقط قلمي، وقدمه لي، أمسكت طرفه ساحبا إياه من بين أصابعه لكنه لم يدعه، رفعت بصري إليه كان مركزاً في دفتري الفارغ، وكان العجب على محياه، قرأت في عينيه السؤال، فأجبت دون أن يطرحه مختصراً على نفسي محادثة عقيمة

- ذاكرت المادة الخطأ.

تبدلت ملامحه إلى أخرى ساخرة، واقسمت أنه لم نكن في قاعة امتحان لفجر ضحكة تصم الآذان، ضحكة تصم اذني فقط، لم يضحك أمام أحد من قبل بها . كان بعد ذلك أن سحبت قلمي، ودفعته متأففا، وانكب بعد ذلك في عالمه الخاص، يكتب كأن به جنة، حدث كل ذلك في أقل من خمس ثواني، لكنه بدا ممتدا ساعات بطولها، عندما أحدثه فإن الزمن كله يتوقف، لا أحد يسلب عنه انتباهي، وهذه عادة جاهت نسيانها، يشهد ربي إني أحاول الهرب، لكنه يعود فيلتصق بي، كذنب لم تجد التوبة شيئا تجليه به، فهو يعود في كل لحظة ضعف منها، يعود فيكبر، ولا تستطيع بعد رجوعه شيئا تكفر به، ليس لدي ما أكفر به ذنب مرافقتي له في الماضي، ولا الحديث معه الآن، لا عذر لي، إلا أني أحاول مجاهداً نفسي، كارها إياها، لعلي ضعيف يحاول الفكاك من تمساح، إن براثن الشيطان لا تدع ثوباً نقياً إلا لطخته، لا أدري في محاولتها هذه من طائل، إلا أنها لا تريد الشعور بالوحدة، لا تريد أن تكون الآثمة الوحيدة، بل تجر معها جيشاً من فجور ومجن، وترقص في المنتصف منتصرة على المتفرجين، تخبرنا أنها ليست الوحيدة التي عصت، وأننا أشد منها ذنباً .

ميَّال الشَمسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن