.
.
.
.لم أستطع النوم، ذهني كان منشغلا بهواجسه، أتأمل أنفاس عدن الهادئة، لقد نام منذ أكثر من ثلاث ساعات، تجاوز الوقت منتصف الليل، جفلت حين انقلب على ظهره أخيراً واستقرت يده إلى جواره تخرج من الغطاء، قفز قلبي في صدري، وأنا المحها، طرف معصمه الذي لم يستره شيء، ابتلعت ريقي، وعلى صدري أشعر أن النمل يمشي، جلست في المسافة بين السرير وفراش عدن، وباقصى ما لدي من حذر وهدوء، وكأنني على وشك لمس لقم أرضي، سانفجر إن شعر بي، سأموت ان حطت عينيه في عيني، وعلى مهل، أبعدت طرف الغطاء عن يده، البدر يضيء من النافذة، وكأنه قد اكتمل فقط لأجل هذه اللحظة، يزيدني شجاعة، ازحت الغطاء عن ذراعه، ثم وبرفق أشد، رفعت كم ثوبه، شيئا فشيئا، بدأت أرى ذراعه بوضوح، تلك التي لم يكن يبالي بسترها حتى في الشتاء، حتى تحت المطر، ها هو يسترها مني، وكأنني ساقطعها حين أراها ... حطت عيني على شيء لم استوضحه أول الأمر، ضيقت بصري وانحنيت أتأمله، خطوط وندوب وآثار حروق، كان واضحاً أنها اثار شفرات واموس، ندوب غائرة بعمق، وجلد كان يبدو أن محاولة فاشلة لسلخه قد تمت عليه، قطبت حاجبي، لكل هذا، ثم إلى وشم صغير كاد أن يمحى، باسم عدن .
التاعت نفسي، وكدت أن اشهق بصوت عالي، أعدت كمه وغطيته، ثم صعدت إلى السرير، أطبق أنفاسي العالية، كانت تصرخ، دون إرادتي، رجوتها أن تسكن، أدت لها الهدوء، لكنها أبت، وانقطعت تركض من بين يدي، انفلتت من شفتي، وبكيت أخيراً ، كما لم أفعل من قبل لأجل الندم، لأنني رأيت تشوهه، لم يعد في عيني كما كان، شيء في داخلي تحطم، ورحت انعاه، أزيد من دموعي وانثرها عليه ... لماذا؟ إن كانت يده فقط هكذا فماذا عن جسده ؟ كيف تشوه ؟
وغرقت في النوم، في دموعي وبين الحقيقة التي عرفتها قبل وقتها، ساءتني واكلتني الندامة، تقرضني قرضاً ...
استيقظت على صوت عدن الهادئ، يندهني للصلاة، أجبته بصوتي المبحوح، واستقمت اسير خلفه، احمد الله أنه لم يشغل اضواء المنزل، إلا ضوء الحمام الأصفر شديد البهتان، وذهبت إلى المطبخ، وجدت يحيى يمسح رأسه ثم رجليه، استقام ينظر إلي، أقترب مني، يحط عينيه في عيني الحمراء، تجهم ملامحي، الغيم حولها يبلغه أنها انهمرت، يحيط بي بذراعه، يأخذني إلى حضنه، مرتلا في أذني البسملة، يمسح رأسي، ويقبله
- مابك يا روح اخيك ؟
تنهدت وكأن التنهد سرق كل حروفي، أبعدت عنه أبتسم له، اطمئنه، ودون أن أرد عليه، ذهبت اتوضئ لعله يبتعد عني، ذلك المنظر البشع، لعل ذراع عدن تمحى من الوجود .
عندما انهيت الصلاة كانت الساعة عند الخامسة، خرجت من الغرفة، أرى عدن جالس في الصالة، يقلب بهاتفه، يرفع شعره إلى الأعلى، ويحيى في المطبخ يجهز الإفطار، جلست إلى جواره، ولم ينتبه لي، أخرجت هاتفي، ابتسمت وأنا التقط له صورة، كان وسيما في هذه اللحظة، ولم أقاوم رغبتي في تصويره، أردت أن احتفظ به، في هاتفي إلى الأبد، أتأمل تلك التفاصيل الهادئة، الابتسامة الممتدة، الوجه الصافي، وعينيه الضائعة تحت جفونه ...
أنت تقرأ
ميَّال الشَمس
Teen Fictionأتأمل الأعوام التي مرت بين يدي، خلسة، وكأنها تهرب مني، من جلادها، من وباء، أحدق من زجاج النافذة إلى الطريق المعبد، والمباني المتطاولة، أفتش بعيني لعلي ألمح طيف الماضي المختبئ بين زوايا دنيانا هذه، وددت لو امسك به، أسأله عما فعلته، لماذا أضاع مني روح...