مذكرات د. ريهام (الصفحات8-11)

4.1K 32 4
                                    

اه .. اللعنة
اشعر ان جميع عظامي مهشمة تماما.. حتى الامساك بهذا القلم دون ألم يحتاج لحركات أكروباتية لولبية..
لا بد أن هذا ما يشعر به مرضى السرطان في مراحلهم النهائية

حسنا .. لنستجمع الباقي من تركيزنا قبل أن يغلبنا النعاس.. ماذا حدث اليوم..

١- ذهبت الى الجيم.. أخيرا..
انا فخورة بك يا ريهام لأنك اتخذتي تلك الخطوة.. أعرف أنها لم تكن سهلة أبدا..
اعتقد ان عودة الانسان إلى الجيم أصعب من الذهاب إليه للمرة الاولى على الاطلاق.. الانسان الذي يذهب للمرة الاولى في الاغلب يكون مشبعا بعظات التنمية البشرية بأنه يقدر ويكون متخما بالاحلام الوردية بأنه سيشبه الموديلز الذين يراهم على انستاجرام, ليس فقط في شكل جسدهم بل في ثروتهم وحظهم في الحياة. لكن من يعود الى الجيم مرة اخرى يعرف هذا هراء. لا احد يشبه موديلز الانستاجرام حتى موديلز الانستاجرام أنفسهم. العائد إلى الجيم بإرادته الحرة يقاوم أشباحا مخيفة.. شبح الألم الجسدي كل مرة وشبح النظام الغذائي الصارم كل يوم.. وشبح تأخر ظهور التغيرات الجسدية التي ينتظرها وشبح نظرات الاخرين اثناء التمرين وتعليقاتهم المستفزة التي لا تنتهي عن أنه يؤدي التمرين الفلاني خطأ وأيضا شبح المقارنة المستمرة التي يغزلها عقله بين شكل جسده وشكل جميع الأجساد من حوله في الجيم بغض النظر عن طول السنوات التي قضوها يتمرنون..
لكنني فعلتها وخطوت الخطوة الأولى.. فعلناها يا ريهام
الخطوة الاولى هي الاصعب دائما.. حتى قوانين الفيزياء تؤكد هذا..
لكننا فعلناها..

٢- تلك الفتاة السخيفة عند الاستقبال .. لا اعرف ان كانت تعمدت اهانتي ام لا .. لكنها بالتأكيد تعَلّمَت درسها..
نعم انا تغيرت.. لم أعد تلك الفتاة التي تستقبل الاهانات وتكتم غضبها في قلبها ليأكلها من الداخل.. على مدار السنوات نمت لي مخالب.. الجانب الذي لا يتكلم عنه أحد عند العمل كطبيب نفسي أن عقلك يصنف البشر بشكل تلقائي لخانات محددة. وانت تحفظ عن ظهر قلب نقاط ضعف كل خانة وبالتالي تستطيع الضغط عليها وربما مهاجمتها عند الحاجة.. جانب سلبي نعم لكنه مفيد.. مع بعض الخبرة والتمرين أيضا ستستطيع تسديد الاهانات واحراج من أمامك دون حتى أن تنطق بحرف واحد..
النظرة الواثقة ورفع الحاجب وعدم الكلام كانوا الوسيلة المناسبة لتدرك تلك الفتاة انها اقترفت خطأ وعليها أن تتراجع..
ثم سحقا لها.. انا لم اكمل التاسعة والثلاثون بعد حتى.. هل تظن انها افضل لمجرد انها لا تزال في أوائل عشريناتها؟! .. حقا انا أكره Gen Z هذا..

٣- احاول ألا أشعر بالاحباط من النظر لكل هؤلاء الذين يملأون الجيم وكأنهم مولودون هناك.. لماذا جاملتهم الطبيعة لهذا الحد وأعطتهم تلك الجينات الرشيقة؟
حسنا حسنا.. لن نقع في هذا الخطأ الكلاسيكي يا ريهام.. نحن لازلنا في أول الطريق وهم في نهايته.. بل ان كل شخص له طريقه الخاص .. أليس هذا ما نعلمه للمرضى في الجلسات؟
انا في طريقي.. بخطواتي .. بقوتي.. بمعدلي الشخصي.. لا حق لأحد أن يقارنني بمن هم في طرق أخرى، ولا حتى من حقي أنا.. فقط لأقارن نفسي بنفسي السابقة.. نعم
اليوم انا ريهام القوية التي برغم كل المعوقات أكملت أول خطوة في طريقها.. وأفضل من ريهام أمس التي كانت اقل قوة واكثر استسلاما

حسنا ايتها اليوميات.. سأذهب الآن.. القلم يكاد يسقط من يدي..
أحبك يا ريهام

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Mar 24, 2024 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

دوائر حمراءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن