الفصل الثاني و الثلاثون :
تجلس و أصابعها تدق على أزرار حاسبها بصمت ... في أكثر الأماكن التي أحبتها في البيت وهو المطبخ .... حيث كان دافئا باستمرار ... و الشمس تدخله من النافذة و من باب الشرفة الخلفية على الحديقة ....
أحبته جدا .... حميمي و دافىء و يشع بجو اسري تماما كما كانت تحلم به .... ربما لو استطاعت وضع كرسي متأرجح في زاويتة البعيدة تلك ... و المتسلل اليها شعاع ذهبي يفوق الوصف في جماله من باب الشرفة الخلفية ....
ابتسمت وهي تعدل نظارتها ذات الإطار الأسود الخاصة بالعمل و التي لم تضعها منذ فترة طويلة .....
بينما شبكت شعرها فوق قمة رأسها في عقدة مستديرة غير منتظمة ... لتنساب بعض الخصلات منها رافضة القيد المفروض عليها .....
أنها اليوم تشعر بشعور متحرر دافىء .... و لا تريد أن يعكر صفو مزاجها شيء .....
لكن كيف السبيل و هي تسمع خطواته من خلفها ... ها هو يدخل الى ركنها الهادىء ... يقف صامتا ... هل يتأملها من جديد ؟؟ ..... عضت على شفتها بغضب و هي تتجاهل وجوده تماما ....
منذ أيام و هي تتجاهل وجوده خلال النهار .... و حين تحتاج لشيء ما تكتبه على ورقة و تلصقها بالثلاجة على مضض .... فلو كان عليها لما أرادت أن تطلب منه شيئا ابدا .....
لكن الحياة المشتركة تجبرها على أن تخاطبه .... ففضلت أن تخاطبه كتابة على الرغم من تفاهة الفكرة ...
كتبت له مرة
" أين براد الشاي ؟؟ ..... "
و حين دخلت وجدت ورقة منه مكتوب عليها ...
" أمامك مسخن الماء الكهربي .... تمدني قليلا .... زمن البراد انتهى منذ القرون الوسطى "
مرة اخرى كتبت له
" اين المكونات التى من المفترض أن أطهوهااااااااااا .... مطبخ فارغ من أبسط الأساسيات !!! "
لتجد ورقة مكتوب عليها
" العروس لا تطهو لعدة أشهر .... طعام الغذاء سيصلنا كل يوم , لكن بامكانك اعداد الفطور "
آخر ورقة كتبت عليها
" لا تلمس اشياااااااااااااااااائي الخاصة !!!! و هذا التحذير الأول و الأخير ! "
بعدها دخلت المطبخ تتميز غضبا منتظرة الرد .... الا أنها تفاجئت به بجوار الباب ليعتقل خصرها و يرفعها من الأرض حتى أصبح وجهها مواجها لوجهه وهي تتلوى منه بشراسةٍ دون جدوى بينما هو ثابت مكانه دون أن يتزحزح يبتسم على محاولاتها الفاشلة في التحرر ....
ثم اتجه بها وهي محتجزة خلف ذراعه الحديدية التي ترفعها رفعا عن الأرض .... الى مفكرة الأوراق الصغيرة بجوار الثلاجة ليكتب عليها بوضوح أمام عينيها المتوحشتين و لسانها اللاذع
" أنتِ و كل أشيائك الخاصة ملكي ......... "
ثم نزعها ليلصقها بالثلاجة .... و التقط واحدة أخرى و هي لا تزال تتلوى بشراسة صارخة به أن ينزلها
لكن دون جدوى ..... الى أن ألصق الثانية ايضا الى الثلاجة مكتوب عليها
" و بما أنك تتبعين أسلوب الصم و البكم هذا ..... فسأخبرك كتابة بأنك جميلة جدا اليوم "
و ما أن ألصقها ... حتى التقط ورقة ثالثة ليكتب عليها كلمة واحدة بخطٍ عريض
" و سأقبلك ......... "
صرخت به بغضب بأن يتركها الا أنه أخمد صرختها بقوةٍ أهلكتها .....
تأففت بغضب و ضاع مزاجها الحسن مع الريح حين تذكرت تصرفاته البغيضة .... حتى تلك الوريقات
و التي مزقت أولها .... و جعدت ثانيها و ثالثها .... ثم بقت معها الرابعة و الخامسة كي تذكر نفسها بمدى بغضه ليس الا ..........
أخذت نفسا عميقا .....
انه حافي القدمين ... على أرض المطبخ الناعمة ... و مع ذلك استطاعت سماع خطواته الشبيهة بخطوات فهدٍ بمنتهى الوضوح ...
رغما عنها سرت قشعريرة بدأت من عنقها المكشوف و الشعريات الناعمة التى وقفت مرتعشة هناك تحت وقع أنظاره المتربصة ...
لم تنتظر طويلا حيث التقطت اذنها المرهفة صوت اقترابه أكثر الى أن أصبح خلفها مباشرة ....
ربما سيريها الآن جانبا من همجيته الحقيرة ... بعد أن رفضته ليلة أمس ... أخذت نفسا خفيا و على الرغم من بعض الإرتجاف الخفي الذي شعرت به الا أن بداخلها نشوة اشتعلت بلذة ... من مقدرتها أخيرا من مواجهته بقوة ... و فرض ارادتها ... لم تعد تهابه .... و ليفعل ما يفعل .... لن يكون أسوأ مما فعل قبلا ...
انتفضت بداخلها فجأة حين شعرت بيدين دافئتين تمسكان بذراعيها برفق .... فأغمضت عينيها و ابتلعت ريقها و انتظرت ......
الا أن أن انتفاضة أخرى ... لكن من نوع مختلف غامض بالنسبةِ لها .... حين شعرت بشفتين دافئتين تضغطان برفق على مؤخرة عنقها الطويل ....
فتحت عينيها ببطء دون أن تدلي بكلمة .... و حين اسودت شاشة حاسبها و أصبحت عاكسة استطاعت أن ترى انعكاس صورته بها ....منحنيا الى عنقها , مغمضا عينيه .... ثم بعد فترة طويلة أبعد شفتيه عنها دون أن يستقيم ..... كان ينظر الى جانب وجهها بصمت ...
لكنها من الشاشة السوداء لم تتبين ان كانت تلك ابتسامة التي تظلل شفتيه حقا أم لا ....
همس أخيرا بصوته العميق الخشن
( صباح الخير ....... )
ما هذا ؟..... اليس غاضبا ؟؟ ... ولا حتى لذرة ؟؟ ..... من أين أتى بتلك السيطرة و التي لم تعرفها عنه يوما ...
لم ترد عليه بوقاحة .....
فابتعد عنها .... ليس الا ليجذب كرسي خشبي أنيق من كراسي الطاولة الخشبية .... ليقربه منها ... فيحتله جالسا في مواجهتها حتى لامست ركبتيه فخذيها ....
فسارعت لابعاد نفسها عنه .....
هي جالسة الى الطاولة تنظر امامها .... بينما هو جالسا الى جانب الكرسي مواجها لها .لا الى الطاولة !!
ماذا الآن ؟؟ .... هل ينوي أن يصورها مثلا أم سيبقى بهذه الوضعية طويلا ....
قال أخيرا بخفوت
( يسرني أن أعجبك الحاسب ..... لم أعتقد أن أجدك تتعاملين معه منذ الصباح الباكر ... بصراحة ظننت الى حد اليقين أن أستيقظ صباحا لأجده في مكب النفايات ........ )
هزت كتفها بلامبالاةٍ زائفة دون أن تنظر اليه ... فتابع يقول باستفزاز
؛( ما دمتِ ترفضين الكلام معي , فليكن عندك مبدأ و اتركي الهدية التي جلبتها لكِ ..... )
أحست بوجهها يشتعل غضبا و همت بإغلاق الشاشة كي ترميه في وجه صاحبه الا أنه ضحك بخفوت و هو يمنعها من غلق الشاشة قائلا بمرح
( حسنا .... حسنا .... كنت أمازحك فقط )
اختفت ابتسامته قليلا ... لتلتقي عينيه بعينيها الزيتونيتين .. دون ارادةٍ منها على الفكاك من عينيه .. و حين حاولت كان اسرع منها فالتقط ذقنها بين اصابعه كي يدير وجهها اليه لينظر الى غابتي الزيتون مجددا
ثم قال أخيرا بجدية
( الن تسامحيني يا حنين ؟؟........ الم تنتهي فترة عقوبتك التي فرضتها علي ؟؟ )
واجهت عينيه بصلابةٍ لتقول بعد فترة
( اي عقوبةٍ تلك التي فرضتها و التي توازي كل ما فعلته ضدي ؟؟ .......... )
انحنى نحوها وهو يجذب وجهها أكثر اليه حتى بات يفصل بين وجهيهما نظرة واحدة .... ثم قال يهمس أمام شفتيها
( جفاؤكِ لي يعد بالنسبة لي أكبر عقوبة ... حتى أنني أحيانا أبدو كالمجنون و أكاد أفقد السيطرة على نفسي تماما , أيرضيكِ هذا ؟؟ ..... الا أنني أعلم بأنكِ تعلمين بذلك , تحسنين استغلاله على أكمل وجه ..... )
سكت قليلا وهو يتنهد .... محدقا بملامح وجهها البريئة نزولا الي وجنتيها و شفتيها اللتين أطال عندهما النظر قليلا بيأس واضح ثم صعودا مرة أخرى الي عينيها حبيبتيه ....
فقال متابعا بخفوت
( و أنا أقبل بذلك .... هل تصدقين أنه ليس للمشاعر دخلا بذلك ؟؟ ..... لو كانت للمشاعر دخلا لكنت أرضيتها مرارا خاصة و أنكِ أصبحتِ بين يدي أخيرا ....
لكن .... لكن ما أريده هو أن أمحو ذلك الشعور الحارق بداخلي من كل ظلمٍ أنزلته بفتاة طيبة و بريئة ......
ما أريده حاليا هو أن أعيد اليكِ براءة روحك التي سلبتها منكِ في غمرة اندفاعي و رغبتي بكِ .....
كنتِ كل ما أريده ... سواء أردتِ أنتِ أم لم تريدي .... المهم هو أنكِ ملكي و أنني أريدك لي أخيرا بعد سنوات الصبر ..... )
ترك ذقنها ليحيط وجهها بكفيه ليقربه منه أكثر حتى ارتاح بجبهته على جبهتها ليقول بخفوت هامس
( لكن مع كلِ يومٍ مر بيننا ..... أصبحت رغبتي تختلط بشيءٍ آخر يتزايد و يتشابك ..... لا علاقة له بالمشاعر .... بل له علاقة بآدميتك ..... لا أعلم لماذا أصبحت صورة نوار تقفز أمام عيني مؤخرا باستمرار.....
لتختفي فجأة و تحل صورتك مكانها ..... و كأنني اريد أن أمنحك الرعاية التي كنت أمنحها لها ....
شعور بالذنب يقتلني .... )
اقترب منها أكثر ليمس شفتيها بشفتيه ثم يكمل همسا
( شعور حارق يا حنين و أريد أن أهدئه بأن أعوضك عن كل ما فات من سنواتٍ تركتك بها ....
فاعطني تلك الفرصة ...... )
صمت قليلا ليضحك بصوتٍ خافت ... ثم يقول هامسا
(أعتقد أنه له علاقة بالمشاعر رغم كل شيء ............. )
حين استطاعت الهمس أخيرا ..... قالت من بين شفتين مرتجفتين قليلا
( ماذا تريد مني تحديدا ؟؟ ...... ها أنا قد قبلت بيتك و هداياك و قبل كل شيء قبلت باسمك من جديد .... فماذا تطلب أكثر ؟؟ ...... تريد خضوعا كاملا ؟؟ .... تريد بأن أكون راضية تمام الرضا ؟؟؟ ....
و كيف هذا ؟؟ ...... لو كانت هناك اداة تحكم بمشاعر البشر لكنت ابتعتها و سلمتك رضاي الكامل كي أريح نفسي من رفضي لك و الذي يؤلمني أكثر مما يؤلمك ......لأني أتمنى أن أرتاح .... صدقني أريد أن أرتاح .....
لم أعرف يوما الكره و الحقد و الغضب ... كما عرفتهم في الفترة الأخيرة ...
و ان كان الذنب يقتلك ..... فهذه المشاعر تأبى حتى قتلي , بل تظل تحرقني و تدمر كل ما هو طيب بداخلي )
سكتت حين لم تستطع المتابعة ... و اسبلت جفنيها أمام النظرات التى هاجمتها بقوةٍ ما بين ذهول و غضب يحيط بهما ألم داكن لتسمعه يهمس أخيرا بقوة وهو يهز وجهها قليلا لا مسا أنفها بأنفه
( الكره ؟؟ ...... أتكرهينني حقا ؟؟ ...... أتعلمين مدى خطورة تلك الكلمة حين أسمعها منكِ ؟......امحي هذا الشعور .... أمحيه أو دعيني أمحوه بالقوة )
ابعدت وجهها عن كفيه بالقوة وهي تئن ألما .... ثم ظلت ناظرة أمامها بصمت , صدرها يعلو و يهبط بسرعة قبل أن تقول متعثرة في حروفها
( لم تجبني ..... ماذا تريد مني ؟؟ )
سكت هو ايضا لفترة قبل ان يقول ببطىءٍ لنفسه قبل أن يكون لها .... محدثا نفسه.... , ناظرا اليها
( أريدك ..... أن تغفري لي , و تمنحي زواجنا فرصة ..... و تحبينني ...............)
التفتت اليه بوجهها بسرعةٍ مذهولة .... تدقق في وجهه الحائر من مدى سذاجة ما نطق به للتو ... و الغريب أنه كل مراده في تلك اللحظة .
فغرت شفتيها قليلا ... ثم همست محاولة الإستيعاب بصعوبة
( تريدني أن ...... أحبك ؟؟ ...... أي أن الأمر لا يشمل مجرد الاستسلام أو تلبية طلباتك .... أو حتى مسامحتك ..... بل في الواقع أنت تطلب .... حبي ؟؟ ...... )
قال متجهما بوضوح و إيجاز
( نعم ............ )
أومأت برأسها للحظة محاولة الإستيعاب للمرة الأخيرة .... رفعت وجهها اليه , و سعلت قليلا لتنقي حلقها كي تستطيع الكلام ... ثم نطقت محاولة الإتزان قدر المستطاع أمام طلبه الجهنمي
( لماذا ؟؟؟ .............. أقصد بماذا يفيدك حبي أو عدمه ؟؟ ..... )
قال بوجهٍ متجهم بعد لحظة تفكير في اجابة منطقية
( لأنه يجعلك أكثر تقبلا لمسامحتي و بدء صفحة جديدة معي ........ )
ارتفع حاجبيها و هي تنظر اليه متحققة مما تفوه به .... ثم صمتت تحاول استجماع ما ستقوله ... و حين تكلمت جاء صوتها هادئا
( حسنا ........ أنت تطلب المستحيل يا جاسر )
ثم التقت عينيها الهادئتان بعينيه الغاضبتين و هي تتابع
( لقد أخبرتك للتو ..... لو كانت هناك أداة للتحكم في مشاعر البشر لكنت ابتعتها لأريحك و أريح نفسي )
تجلت الهمجية على وجهه و عينيه اللتين احمرتا و نفسه الساخن الذي ازداد لهيبا فوق وجهها ... و حين ظنت بأنه سيتفوه بما يؤذيها .... قال أخيرا بصوتٍ أجش
( ولو كانت هناك ؟؟ ........ لو كانت هناك أداة للتحكم بشاعر البشر , هل كنتِ لتبتاعيها ؟؟ ..... لتريحيني ؟؟
أم تفضلين الاستمرار في مشاعر كرهك لي ؟؟ .......... )
طرفت بعينيها و حادت بهما عنه ... لكنه لم يسمح لها بالفرار بعد أن أمسك بكلتا ذراعيها ... الى أن همست أخيرا
( كنت ابتعتها ............ )
ابتسامة ضئيلة شقت طريقها الى شفتيه القاسيتين المتجهمتين لتمنحه مظهرا أكثر انسانية .... ثم نطق أخيرا بهمس عميق
( اذن هذه هي بداية ............ )
و سكت يلتهمها بعينيه قبل أن يهمس
( تعالي .......... )
جذبها الى صدره بينما أنّت هي هامسة برفض و غضب ( لااا ........ )
لكنه لم يستطع منع نفسه من اذابة مقاومتها الضعيفة بموجة شوقٍ عاتية خلفها احباط الأمس ... و احباط كل نظرة كره يراها في عينيها وهو ينتظر أن ترق له الغابتان الزيتونيتان .....
تركها قليلا بعد عدة لحظات عاصفة ليهمس بصعوبةٍ قرب أذنها الصغيرة بخشونة فجة
( تركك هو الأمر البغيض الأكثر صعوبة في أيامي الحالية .......... )
و قبل أن ترد عليه بكلماتٍ مسممة تؤلمه بها كان قد ربت على وجنتها و هو يتطلع اليها بنظرةٍ غامضة عميقة ....قبل أن يتنفس بإستياء ليقول بهدوء
( أعدي الفطار ريثما أعمل قليلا في الحديقة .......... )
ثم نهض من كرسيه ليبتعد , لكنه لم يلبث أن عاد ليداعب عقدة شعرها الملفوفة و يجذب خصلاتها المتحررة وهو يقول
( أحب بهذا المظهر الأحمق ...... )
ثم انحنى ليطبع قبلة طويلة على جانب عنقها كادت أن تكسره من قوتها .... ثم استقام و خرج من المطبخ تاركا اياها تستشيط غضبا و تلهث من شدة الغيظ .... و من شيء آخر يشتعل و يضعفها و يثير براكينها في آنٍ واحد ....
أخذت تنظر الى وجهها الأسود الهائج المنعكس في شاشتها السوداء .... ثم دون ارادة منها فتحت ورقة جديدة لتطرق الازرار بغضب
( نوار ,,,, أخاك أحمق مجنون و محله في مشفى المجانين , و جنونه لن ينطلي عليّ ...... أبدا .... أبدا )
رفعت أصابع مرتجفة الي شفتيها و هي تنظر شاردة الى الشاشة أمامها بعد أن هدأت قليلا .... ثم همست لنفسها بشرود و هي تجذب خصلات شعرها المنسابة حول وجهها
( يريد حبي !! ...... بمثل هذه السهولةِ و اليسر !! ....... و ماذا يعرف هو عن الحب و قد سقاني الكره اقداحا )
أغمضت عينيها قليلا ثم عادت لتفتحهما حين سمعت صوت نشر الخشب من جديد .... فنهضت ببطءٍ مسيرة الى النافذة المطلة على الحديقة حيث وجدته يقوم بنشر المزيد و المزيد من الخشب ..... و على الأرض اصطفت بعض الواح الأرابيسك المشغول يدويا ..لم ترها في الحديقة من قبل
همست حنين بشرود وهي تعقد حاجبيها قليلا هامسة
( مالذي........... )
الا أنها صمتت وهي تمد أصابعها تلمس زجاج النافذة عابسة بحيرة .... و بإصبعٍ آخر اخذت تلف خصلة شعر ناعمة شاردة حوله .... و هي تتابع الى أين سيصل هذا المجنون ....
.................................................. .................................................. .........................
مستلقية تنظر الي سقف الغرفة .... تتنفس بكبت محاولة السيطرة على نفسها ...
بينما كان هو مستلقيا بجوارها مستندا على مرفقه ...مشرفا عليا .. ينظر اليها ....
الى أن همس أخيرا وهو يبعد خصلة شاردة عن وجهها الجميل
( حوور ....... )
لم ترد .... لم تتكلم منذ عودتهما , ودخلت مباشرة لتستلقي على سريرها ....
همس مجددا بقلق
( حوور ...... )
لم ترد بل ازداد تسارع أنفاسها حتى اصبحت كالتشنجات زامة شفتيها .... فتكلم نادر بخفوت وهو يداعب خصلة طويلة من شعرها ليلفها على اصبعه
( حسنا .......... ليس من الحكمة التصارح مع بعض البشر ....... )
نظرت اليه بصمت و عيناها كسيفين في حدتهما , فتنهد قائلا
( كنتِ تبدين اكثر تقبلا للأمر قبل مصارحتي لكِ ........... )
تخلت حور عن صمتها لتقول بصوتٍ أجوف
( كانت حب حياتك ................... )
استمر في اللعب بخصلة شعرها هامسا قبل ان يقول شاردا
( كانت ......................................... )
ردت حور بنبرة أكثر قوة
( كنت تقابلها الفترة الماضية .................................. )
رد عليها هامسا
( كانت النهاية ........................)
نظرت اليه تلهث قليلا لتئن هاتفة وهي تغطي وجهها بكفيها ,.... بعد أن فقدت السيطرة على نفسها أخيرا
( أنا أختنق ...... لا أتحمل ... لا أتحمل ..... لقد كذبت حين أخبرتك أنني أستطيع التفهم .... لا أستطييييييييييييييييييييي يييييييع )
ابتسم قليلا على الرغم من يأسه منها ... الا أن انفعالها راق له ... بل أسره ....
دائما تمنحه هذا الشعور بالرضا .... و كأنه ملك لمليكةٍ واحدة على سطح هذا العالم ......
فمد يده كي يبعد كفيها عن وجهها المتألم ليقول بخفوت
( لا بأس ..... لست أطلب منكِ التفهم أو السيطرة ....... لكن افهمي شيئا واحد فقط )
همست بعذاب
( ما هو ؟؟ ..................... )
اقترب منها ليقول هامسا في اذنها
( أنني أحبك .......... و لن أمنحك الفرصة كي تتحرري مني أبدا , .......... أبدا .......... )
فتحت شفتيها بصدمة ..... تنظر اليه بذهول و هي تهمس بدون وعي
( ماذا ؟؟ ......................... )
رفع حاجبيه ليقول بمرح معاتب
( لماذا هذا الذهول ؟؟ ........ لقد قلتها ليلة أمس )
صرخت وهي تهز رأسها بجنون
( لم تقلهااا ... لم تقلها .... قلت مجرد "نعم " .... مجرد "نعم " غبية حمقاء ليس لها أي معنى ....... )
لم تستطع المتابعة حين هبط برأسه اليها ليسكت صرختها بقبلةٍ عنيفة اخبرتها بمدى غبائها و غبائه .......
ليهمس مجددا حين تمكن من التنفس أخيرا
( أحبك ........ )
ليكررها و يعيدها من بين أشواقٍ لم تعرفها منه قبلا ... ربما عرفتها ... لكنها لم تشعر أبدا بمثل حلاوتها وهو يكرر حبها و كأنه الحياة بالنسبة له ...........
أنت تقرأ
بأمر الحب 🌺بـقـلم تـمـيـمـة نـبــيـــل 🌺
Romanceأهو ذاك العذر الذي تتشبث به حين تتسرب الى حياة الآخرين ... متشربين كل ذرة من أرواحهم ... معللين الإمتلاك وكأن العذر مبرر أنه بأمر من الحب حين نراهن لتربح قلوبا.... دون أن ننظر إليها ..... دون أن نشعر بما تنبض به اتحتوينا أم خدعنا أنفسنا من ا...