زهرة فى مستنقع الرذيلة 45

273 7 1
                                    

فوجئت زهرة بنانا تأتى لزيارتها بالجريدة.
زهرة : أخيراً ، أيوه كدة يا نانا اخرجى ، الدنيا ما بتقفش على موت حد .
نانا : مراد جالى فى الحلم ، قولت له سامحني ، قال لى مسامحك ، وسامحينى أنتى كمان ، إحنا الاتنين غلطنا ، خلي بالك من نفسك ومن العيال .
زهرة : فعلا أنتوا الاتنين غلطتوا .
نانا : أنا عايزة أعمل صدقة جارية على روح مراد يا زهرة ، عايزاكى تيجي معايا لمستشفى 57 نعمل حاجة باسمه ، مراد تعب وشقى فى الدنيا كتير وما لحقش يتمتع بفلوسه ، يبقى يستفيد بيها فى أخرته .
زهرة : برافو عليكي ، أحسن قرار خدتيه .

وحسب الموعد المحدد لهما من سكرتيرة الجريدة حضر رجل وسيدة فى مقتبل العمر لمقابلة زهرة .
مظهر الرجل والسيدة التى معه يدل على الثّراء والذوق الرفيع معا ، هى لا تبالغ فى ارتداء المجوهرات ، فقط خاتم من الماس وسلسلة من الذهب اللازوردى فيها قلب صغير ، به الحرف الأول من اسمها والحرف الأول من اسم زوجها .
رحبت بهما زهرة وسألتهما عن المشكلة التى جاءا للبحث عن حل لها .
زهرة : الاسم المتسجل عندى مدام حبيبة والباشمهندس أسامة .
أسامة : قصد حضرتك الباشمهندس أسامة ومدام حبيبة .
زهرة : ما علينا ، الباشمهندس أسامة والمدام ، مشكلتكوا إيه ؟
أسامة : اسمحيلي أتكلم أنا الأول .
زهرة : اتفضل .
أسامة : لما أتقدمت لحبيبة ، وافقت على كل شروط أهلها ، جيبت أكتر من اللي طلبوه ، فى المقابل كان ليا طلب واحد ، إننا ما نخلفش .
زهرة : جوازة تانية ومش عايز المدام تعرف ؟
حبيبة : لا أنا الزوجة الأولى والوحيدة له .
زهرة : طب إيه الشرط الغريب ده ؟ شايفة حالتكوا مستورة ما شاء الله ، كنت قولت بسبب ظروف اقتصادية .
أسامة : أنا مهندس برمجيات ، شغال فى شركة أجنبية ، بأقبض بالدولار ، طول عمري عايش فى مستوى كويس ، الحمد لله ما قلتش عنه ، بل على العكس .
زهرة : الأب والأم منفصلين عشان كدة خايف تخلف ويحصل انفصال ؟
أسامة : لا أبداً ، أنا الحمد لله أتربيت فى أسرة مترابطة ، متحابة ، الاحترام والمودة بتربط كل أفراد الأسرة .
زهرة : طب ليه مش عايز تخلف ؟
أسامة : العالم ده بالظروف اللى حوالينا دى مكان لا يصلح للعيش ، أنا مش هكرر مأساة طفل يتولد على غير إرادته في عالم ظالم وحزين مليان أوبئة وحروب وصراعات .
زهرة : إيه الكلام الغريب ده ؟ وهو أمتى الحروب والصراعات وقفت ؟ ما أنت أهلك جابوك وكان فى حروب وصراعات .
أسامة : ومين قال لك إنى سعيد ؟ أنا طول حياتى عايش فى صراع ، لازم تذاكر عشان تبقى الأول ، حتى بعد ما أشتغلت فى حرب طول الوقت ، لو ريحت شوية هأنداس ، إحنا فى طواحين ، ما أحبش إن ابنى يعيش اللى أنا عيشته ولا يشوف اللى أنا شوفته .
زهرة : هى متعة الدنيا ، فى الحركة ، فى التحدى ، فى الصراع ، والطفل اللى أنت مش عايزه ده هو اللى هيهون عليك صعابها .
أسامة : يعنى عشان ألاقى حاجة تهون عليا أجيب طفل أعذبه ، مش يمكن هو ما يحبش يجي الدنيا دى ولا يعيش فيها .
زهرة : فى حاجات بديهى تحصل ، ما حدش أهله خدوا رأيه قبل ما يجيبوه ، جيبه الأول وبعدين خد رأيه .
أسامة : الموضوع مش هزار على فكرة ، وبعدين أنا عايز أنجح وأتقدم فى عملى من غير أى معوقات .
زهرة : هو الطفل هيعوقك فى إيه ؟
أسامة : النهاردة عيان ، بكرة عايزك فى اجتماع مجلس الأباء ، وبعده وبعده ، مسؤليات أنا مش قدها .
زهرة : يعنى أنت عايز جواز من غير التزامات ولا مسؤليات ؟ جواز زى جواز المتعة ، ده مرفوض دينياً ، ربنا خلقنا عشان نعمر الأرض .
أسامة : وهو أنا اللي هأعمرها ؟ أنا مش مؤهل لتربية أطفال ، أخاف أظلمهم .
زهرة : والناس الطيبة اللى ما كانتش متعلمة وأولادهم بقوا علماء ودكاترة ومهندسين كانت مؤهلاتهم إيه ؟
أسامة : ما جاتش عليا ، مش ابنى اللي هيعمر الدنيا؟
زهرة : منطق غريب ، وطبعا أنتوا جايين عشان المدام عايزة تخل باتفاقها .
حبيبة : فعلا يا مدام زهرة ، ونفسى تقنعيه يغير رأيه .
زهرة : أنتي إزاى أصلا وافقتى على شرط زى ده ؟
حاولت حبيبة أن تتكلم لكن أسامة قاطعها قائلا : كانت بتهاودنى ، قالت نتجوز وبعدها أحطه قدام الأمر الواقع ، ومن أسبوع بتهزر وتقول لى لو حملت هيحصل إيه ، على فكرة أنا كنت مأمن نفسى بوسايل تانية ، هى اتفاجئت بكدة ومن وقتها وهى عمالة تتحايل عليا ، لا يا هانم أنا ما خدعتكيش ، إحنا متفقين .
زهرة : اتفاقكوا باطل .
أسامة : تقدر تطلب الطلاق .
حبيبة : أنا بأحبك يا أسامة ونفسى يكون لى طفل منك .
زهرة : اديها وادى نفسك فرصة ، يبقى لك ابن حتة منك ، امتداد ليك ، يكبر قدام عينيك ، تتابع تفاصيله الصغيرة ، ده كفاية تشم ريحته ، سالت دموع زهرة وهى تتكلم .
حبيبة : أنتى بتعيطى يا مدام زهرة ؟
زهرة : سبحان الله ناس هتموت على ضفر عيل ، وناس مش عايزة .
أسامة : أنا آسف يا مدام .
زهرة : لو أنت قادر تخلف يبقى أنت فى نعمة كبيرة ، احمد ربنا عليها ، وبلاش تضيع الفرصة ، فى ناس بتدفع ألوف عشان يبقى لها طفل ، خلف وأنت بصحتك ، طفل تنسى هموم الدنيا لما تبص فى وشه ، العالم صحيح مخيف لكن اللى بيهون علينا وجود حد نحبه ، ونخاف عليه .
انصرف أسامة وحبيبة ويبدو أنه غير مقتنع بكلام زهرة.
انتظروا الحلقة القادمة بإذن الله

زهرة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن