الفصل الحادي عشر
عندما يداعب النسيم، وجهك يغدو قلبك طفلا، وعندما يواجه القدر قلبك تغدو قتيلا
ليقترب ويستند علي حافة طاولة الزينة قائلا بتكرار وسؤال : مابك، هل أخطأت العد، اليوم يعد السابع لعرسنا وتأجلت هذا الوليمة بسبب عرس أخيك
توترت للحظة وقالت له وهي تتهرب منه قائلة ببعض الخوف : الحقيقة يعقوب، نعم ان اليوم السابع،في هذا صدقت، ولكن أنا
هز رأسه بجهل وقال وهو يحك رأسه بتعب : قولي خديجة أسمعك، ولكن سريعا أريد النوم، لأني سأخذك غدا لسفري لمدينة السواحل، لنقضي يومان معا، واعدك أن نكررها ثانية
وقفت وأعطته ظهرها وقالت وهي تفرك يدها وتناظر الحائط : لا داعي يا يعقوب، لأ أظن أنها فكرة جيدة
أمسك ذراعها ووقف أمامها ورفع وجهها له وقال بقلة صبر :لما
تنفست بحدة وقالت وهي تحاول التهرب من يده ونظرته المنتظرة : لأني أملك عذر
ليصرخ بصدمة قائلا : نعم يا أختي، تملكين ماذا
وتجمد لحظة ويتراجع خطوة ويراجع الفترة الماضية، نعم يجوز لها في العذر أن تسبح ما أردت ولكن لا يجوز لها مس المصحف وهو راها مرة ولكن لم يركز لأنه هبط لصلاة الفجر، تغير موضع السجادة بعد كل صلاة لم يكن ترتيب كان خدعة، فرغ فاه وضحك علي غبائه، وقال وهو يعطيها ظهره وينظر من خلال النافذة للزهر النائم وهو يقول بتقرير : يعني إنت كذبتي علي يوم عرسنا وطيلة الأسبوع الماضي
قالت محاولة قتل الأمر في مهده : يعقوب، إن شاء الله أربعة أيام وينتهي العذر ولك ما أردت
ليمسك بمرفقها ويقربها منه ويرفعها عيناها لوجهه وقال : كفاك خديجة هذا ليس خلافنا، خلافي إنك كذبتي، عذرتك أول يوم ولكن الباقي كان يمكنك أن تخبرني خوفك وكما قدرت الأمر أولا سأفعل ثانيا ودائما، يعني أظن ما رأت مني شيئا يغضبك أو يخفيك، أم إنك مرغمة وتكرهين عشرتي
هز رأسها برفض وقالت بدفاع : أنا خديجة الجعفري لا يستطيع ميلون وإن وضعوا الخنجر علي عنقي أن يجبروني علي أمر، إن أردت فعلت، وإن ما أردت فقدر الله وما شاء فعل
ليقول بسخرية وهو يطالعها : أنا خديجة الجعفري كذابة و جبانة
لتوقفه بغضب : حسبك يعقوب
تصلبت يده وتحول لون عيناه لبركة سواد داكنة تخفي غضبه وهو يتركها وهو يتراجع ويعطيها ظهره : خديجة الجعفري، أنا يعقوب الجعفري لا يغرنك ما بي من لين، فأكثر ما أكره الكذب والخداع والخيانة وحاشاك تفعلين الكل، ولكن ما أدرتك مرغمة، كارهة أدرت ثقتك، رغبت أن نكون شخص واحد في جسدين ، نستطيع أن نفكر معا ونتحدث ونأمن بعضنا البعض، ولكن لا بأس،إن كنت تحتاجي الوقت فخذي العمر خديجة ولكن لا تكذبي، وهبتك الأمان عموما، طلما كان الصدق بابك وقصدك
أمسكت يده بلين وقالت له بحنان وعرفان : أعرف، أعذرني مازالت وسأزال اتعثر في خطواتنا، أعتذر لهذا، لا تحزن لا يهون عليا حزنك
هذا الوميض في عيناها الرمادية سيكون يوما هلاكه، جذبها وضمها وهي يداعب خصلات شعرها قائلا بمزاح :يعني هما خمس
لتضحك قائلة بدلال : لا أعرف أنا غالبا اضيع العد
شدد ضمها وهو يقول بابتسامة : أكبر محتالة تزوجها عقابا فعسي من الصبر نجبر
..........
تجلس على الشرفة تراقب الأجواء الهادية، نعيم وسكون وأحلام وهوى زائر، ولكن مضي السيف، يوم يومان، أربع سيعلم أباها بكل شيء تمضي أيام بلا فائدة، طرقة خفيفة ثم دخول نقاء وهي تضع صينية الإفطار قائلة : صباح الخير يا ساديش، نفطر معا
هزت رأسها بالإيجاب، فدخلت الأخري ووضعت الطعام، فأخذت ساديش تقرب الكراسي علي الطاولة وصبت الأخرى الشاي ليبرد قليلا حلما ينهيان الفطور، فنظرت لها ساديش وهو تأكل الجبن الطازج قائلة بتساؤل :يعني إنت الزوجة الثانية لمنتصر
هزت رأسها بعدم فهم وهي ترتشف بعضة من الشاي، لتقول ساديش : إنت جميلة وشابة وعرفت إنك أكملت دراستك وتعملين معلمة لرياض الأطفال، ما أرغمك علي زواجه
أبتسمت لها وقالت بهدوء : لأن زواجه بعذر، وحكاية طويلة قليلا
رفعت ساديش عيناها بفضول لتقول الأخرى وهي تزيد العيش بالعسل قائلة بشرح : منذ سنوات قرر العم صالح أن يزوج ولداه، وحدث وخطبت لهم سناء أختان وسكنوا معهم وفترة وقرر معتز أن يسكن وحده، زاد الخلافات بين المعتز وزوجته عنان السماء، وكان له طفل، موته كان القشة التي قضمت ظهر البعير فحدث الطلاق بلا رجعة، وقد كان في نفس الوقت زوجة المنتصر حاملا، ولكن حدث نزيف شديد أثناء الولادة وفقدت الرحم وكان الطفل ميت في رحمها، وقضي الأمر، فلم يعد المعتز لزوجته، وبعد عام قرر العم صالح أن يزوج المنتصر لأجل الذرية، ليكن لطفله الأول أخوه ولا ينشأ وحيد
هتفت ساديش وقد ظهر الحزن علي وجهها : حادث مؤسف حقا
ربتت علي يدها وقالت بحنان : عوضنا الله خيرا
فقالت ساديش وهي تدفع خصلات شعرها للخلف : ولكن كيف تزوجتم
قالت وهي تزيد كوب الشاي : أولا عندما يذكر أحد أمامك دعاء، يجيب الرد بقول أمين علي الأقل له
هزت رأسها وقالت وهي تحك عنقها من الخلف : أمين
لتكمل نقاء قائلة وهي تكمل كوب الشاي : أبي أحد أصدقاء العم صالح، فعرض عليه العم الأمر فقبل أبي وتمت الرؤية، واستخرت وارتحت رجل كريم الخلق و رحيم وسمعته لا يوجد بها شائبة، وعلمت بعد الرؤية الأمر، فاستخرت مرة أخري فلم يتغير داخلي شيء ومضي الأمر وحقا لم أندم لحظة، داعوتك لنا بالذرية الصالحة
أجابت ساديش علي الفور قائلة : أمين
ضحكت ونقاء وقالت : حسنا تحسن مقبول.
.........
كان ينهي عمله ويجمع الملفات والتصاريح المطلوبة قبل أن يدلف مساعده قائلا بعميلة : أستاذ يعقوب لديك ضيف، يود مقابلتك
قال له وهو يضع الملفات في حقيبة عمله : دعه يدخل سريعا
دقيقة وهتف بشير: أبو زهران كيف حالك
أبتسم وسلم عليه قائلا مرحبا : أهلا وسهلا يا أبو العز، الساعة المباركة التي أنرت فيها مكتبنا، ماذا تشرب
جلس مقابله علي الكرسي الوثير وهو يقول : جئت لطلب واحد، إن حدث أشرب وقتها الشربات معك
تفحص وجه برهة وقال بإهتمام : عيني لك يا أبا العز، اطلب ألبي
تنفس بشير براحة وهو يقول بثقة : عسي ألا تردني، وترد عليا بالقبول هذه المرة، يا سيدي يشرفني ويسعدني وعلي رأسي نسبكم من كريمتكم الغالية، أختك الصغرى والوحيدة، عسي أن تكون كريما بعد الظفر بمرادك
صمت يعقوب لحظة، ليكمل له بشير : والله لتفكر في الأمر مليا وتكن عون لي، سيكون لها بيت بمفرده وبني كبر ولا يحتاج من يخدمه وعلي كل حال له من يخدمه عامة حتي لا تظن السوء، أرجوك يعقوب كن لي عونا، والله علي نفس عهدي القديم ما أردتم و إن أردتم مهر مساو لإبنة الدنان والله ما بخلت
حك يعقوب مقدمة رأسه يدعي التفكير قائلا بتمثيل :يعني وإن رفضت
هز بشير رأسه بيأس قائلا : مالي غير الله عون، سأبحث عن شفاعة لي عند شيخكم، عساه يقبل بي
أبتسم يعقوب وقال له بهدوء : نعطيك إذا أعطاك الله بشير
تغيرت ملامحه للصدمة قائلا : بحق الله يعقوب
هز رأسه وهو يربت علي كتفه قائلا : سأخذ لك موعد الليلة إذا كان يناسبك، سيكون كل كبار الجنوب عند جدي في جلستهم، خذ أباك وعمك وخالك كم تعرف و تقدم وإن شاء الله لا تنساني في حلوى الزفاف يا إبن الطحان
أبتسم الأول قائلا وهو يضم : بشرك الله بالجنة يعقوب
وتراجع خطوة قائلا بحماس : سأذهب لأبشر أبي ونأتيكم في الموعد
داعبه يعقوب قائلا : ربما لا يناسبه يا رجل
لوح الأخر بحماس وهو يخرج : يناسبه مرة والف مرة يا فتي
ضحك يعقوب قائلا وهو يغني وهو يلملم أخر أوراقه ليتصل بأباه يخبره: أهل العشق مساكين والله
....................
يجلس علي كرسي مقابل للنهر، والنسيم محلق تغرق عيناه في أحداث وقته ولا يجد فيها خلاص، ما بال قلبه لا يخاف ما يقدم عليه، اه والف مر أحاط به من علقم، أمر من نبات الصبر، عيونه تدور في الليل البادئ، ليوقفه تفكيره وشروده صوته خليله مناديا وهو يجلس بجواره بتعب ويمدد قدمه قائلا : بحثتك عنك نهاية المغرب، ما بك تتجنبي يا فتي
لكن ظلمة عيناه لم تختفي وتنهد بتعب وقال : لا أتجنبك ولكن أليس لي وقت لنفسي
لحظة صمت ونظرات صابرة من المنتصر ليقول بصوت هادئ :لو كان بسبي لا يهون عليا حزنك، أعذرني ما أستطعت أنا أخالف أمر أبي
وقف صهيب بتهرب وهو يقول وهو يرفع شاله لكتفه : جزاك الله خير، كفيت ووفيت لا عليك
وقف المنتصر يمسك بيده يمنعه وهو يقول برجاء : لا تؤاخذني بعلتي وتهرب مني مجددا
أجابه صهيب بجمود : لا أهرب، لكن سأذهب لأحاسب علي بعض الفواتير الخاص بي، وأنا أعلم ما لي وما علي
رد المنتصر بتعب : صهيب حبا في الله، أقسم علي أبي، لم أخفي عنك إلا مضطرا، يا فتي لا تكن قاسي القلب
ليبعد يده عنه ويرحل عنه بعد كلمة واحدة شاقة، قاسمة " إن شاء الله"
رمش المنتصر بعد تصديق، كان يعرف إنه إن علم معرفته لن يغفر له بسهولة ولكنه أصبح لا يعد المرات التي حاول فيها كسر جليده من هذا الساعة، خلافات الجنوب تحول بينهم، يوضع هو بينه وبين المصقلة، مرات علم فيها إجتماعات مجلس الإدارة في بداية عمل صهيب في تركة أبيه ولم يستطيع المنتصر أخباره بالموعد كما طلب، ليكون له أول خطوة في معرفة حقوقه وحقه ولكن كان الشيخ واضحا، وحضر مرات مفاجئا وتفاجئ مثل الكثير بأن الكل علم إلا هو، اتفاقات و إجتماعات حدثت في غياب صهيب وسفره وماكانت تحدث إلا عندما يغيب، أحيانا قرر المنتصر عدم أخباره لعدم إحزانه أن كل الأشياء التي تجمع الجميع تتم بدونه وبأمر من جده، ولكن كانت موضع خلاف بينهم، وأخرها تشاجر مع أبيه صالح لأجله ولم يأخذ إلا قسم قاسي من والده الأ يخالف قوله و إلا سيغضب عليه، وجلس وحيدا متعبا علي قارعة الطريق، يري صديقه وأقربهم له وأكثرهم شبه له يبتعد عنه ويتذكر أخر خلاف بينهم وهو يصرخ " ما أطلب منك سوء أن تكون معي، تساعدني بمعلومات قليلة من حقي، هل قالوا لك إن اختلس حقي، بحق الله، كم حدث شيء وأخذت عليك عهود"
فكان رده وهو يقول بتعب من كثرة شجارهم " والله أردت وحال بيني وبين ذاك إن علمت بعد سفرك وعند هذه المرة وحزنك بسبب أمر الخطبة التي رفضت ما أردت أن أزيد حزنك وتشعر بزيادة التجاهل و يأتيك حديث يسوئك من أبناء عمومتك، وأمر الإجتماع والله أقسم علي جدك عدم أخبارك، وإن كسرت قسمه ما كان أبي ان يغفر لي، ولكني حدثته أن يحادث جدك ووعدني أن يتغير هذا، أرجوك لا تحزن مني "
ولم يجد منه رد مثل هذا المرة، اختفي عنه عدة مرات وتركه وعاد للعمل وحاول أن يجمع الصدع ولكنه كسر منه، يجلس على قارعة كل الحزن في قلبه، أعز شيء أختارته رحل، يذكر في مرة قال له بهدوء" إن شعرت إن وجودي وعوني فوق طاقتك و سيأتي عليك بالمشاكل رحلت منتصر "وكان بسبب شجار أحدثه الأولاد وتدخل فيه وتأذيت قدمه، أستند علي الكرسي في إرهاق، رغم فرق السن بينهما كان أعز وأقرب خليل له، فكر للبعيد ورأي الوضع لا يطاق، أغمض عيناه مستغفرا وهو يضم عصاه بتعب يفكر في كل شيء المسئولية التي تحيط عنقه وعجزه، أخته التي تتطلب منه مساعدتها في الإنخراط في العائلة والحياة وتصليح علاقته بأباها والمعتز وتغير صلابة رأسه وتصليح علاقته بالحياة وتحكيم العقل بين نفسه وعقله لجعل علاقة سوية بينه وبين أخته، وطفله ومسئوليته التي تتزايد وزوجته الأولي وكثرة ضجرها، والثانية وتأخرها في الإنجاب وكيف يرفع عنها الحزن علي هذا الأمر، الكثير يتطلب منه، عليه أن يجمع قوته أمام هذا الحرب ، يهرب عقله لذكري أول مرة قابل صهيب كان في العاشرة من عمره وكان يشتري بعض البطاطا المشوية وكان الأمر بعد فترة قليلة من حادثه واتي يجلس جواره وهو يقدم الطبق أمامه قليلا بمحبة وود " تأكل معي البطاطا"، فما باله يشم رائحة الذكريات ويسمع صوت مشابه، لينصت لحظة ليأتيه الصوت قائلا : يا ولد
يلتفت ليجد صهيب مبتسم وهو و طبقين من البطاطا الحلوة الساخنة، ليتهلهل وجه المنتصر ويجلس وهو يأخذ طبقه، ليقول صهيب وهو يأكل طبقه : والله حاولت كثيرا، ما بال نفسي تغضب منك ولكن لا تتركك ابدا
ليضربه علي كتفه بخفة : وأنت تعلم إني أحبك وأنت غير الجميع عندي
أستند علي كتفه قائلا بمحبة : لا أمن رأسي أن ترتاح إلا علي كتفك
داعب شعره وضم، واستغل الأخر الفرصة وأخذ يزغزغه، فدفعه صهيب بخفة وخطف طبقي البطاطا وقال : سأكلها وحدي
ليخطف منتصر قطعة وهو يقول بتلذذ : إنها رائعة، جرب تلك تبدو سكرية أكثر
وأخذ يتشركان الطعام، يقفان دوما علي حافة النهاية، يصلون للمحك ويعيدهم الود الذي جمعهم بدون معاد أو عمر أو تشابه، فكان مثل الأخوة إن مال الأخر يقيمه أخاه، أحدهم يدمر والأخر يصلح ويقيم حتي ما بينهم، بدون نهاية وحتي تنفي العوالم والعمر ويكن الأمر قيد السماء السابعة.
............
وفي مجلس هادئ وبعد تناول القهوة قال بشير في حضرة المجلس موجه حديثه بثبات للشيخ وايوب : هل لي بطلب يا شيخي
أبتسم الشيخ وقال بود : أطلب ما أردت ولمجلسي الشفعة
ليبتسم قائلا : والله لك الطلب ولك الشفعة ولله إجابة الدعوة، وأكمل بثبات وثقة :والله يا سيدي وشيخي أتشرفت بطلب يد كريمتكم ابنة عمي أيوب الصغري
ليكمل أبا بشير عنه : ولك ما أدرتم، منزل ومهر وجهاز ما أدرتم نلبي بأمر الله تعالى
ليقول الشيخ نعمان بدعم : والله خير البشري، بشرنا يا شيخ ان كان ولد صالح لا تجد عليه خطأ، نفرح بأبنائنا مرة واحدة والله نعم القرار
ليقول أيوب بمهادنة : مهلك شيخ نعمان ، ربما الولد ليس جاهز بهذا السرعة
ليقول بشير سريعا : والله لو أدرتم وأراد الله فليكن وأنا جاهز وأي شيء حاضر،ما رأيت شيخنا و أنت يا أبا يعقوب
ليقول الشيخ ليقطع الهمهمة وبداية الاقتراحات : نأخذ رأي الاهل ونرد عليك
ليتوسط الدنان بدهاء قائلا : والله يا شيخ ان الفتي لا يعاب، فلنستشير الأهل ولا يقام المجلس الا بالبشري والله نراه فال خير علينا
ليقول أحد الجالسين بتأييد : مبارك يا بشير، بارك الله لك في هذا النسيب وأخذت شفعته باكرا
نظرة بين الأب وابنه ليري إشارته بفعل الاقتراح، فيدلف ويجد والدته تجلس في صالة المنزل تقرأ كتاب ليجلس بجوارها يخبرها الأمر سريعا، وهو يحمد ربه الف مرة أنه لم يجد حسناء، ليس وقت حرب الإقناع الأن، فوافقت وصعدت لغرفة إبنته، ليجد عندها أبناء عمومتها زهراء وخديجة ورقية يتضاحكون، ليقول وهو يسلم عليهم بمحبة : أميرات عائلة الجعفري
لتهتف زهراء بزهو : وجبران يا عماه
ضربة خفيفة علي كتفها وهو يقول : أجلسي أيتها العرجاء ليس وقتك
لتقول خديجة بتحري: خيرا عمي، أري في جمعتكم أمرا
لتدلف الصهباء ببعض الحلوى والشراب قائلة بود : أم أيوب وايوب، حللت علينا البركة
أخذ قطعة حلوى من الصينة الموضوعة علي الطاولة وهو يقول : بشري خير بهذا الحلوى
لتقول الجدة بهدوء : حفصة، نريد رأيك في أمر ولا تخجلي، أنه قرارك
لتهمس زهراء للتوأمين : عريس بهذا السرعة
قالت حفصة ببعض القلق :أسمعك جدتي
لتكمل الجدة بنفس الهدوء : جاءك خاطب ويريد زفافكم مع صهيب الأسبوع القادم
لتقاطعه زهراء بمفاجئة : ماذا هذا، هل سيشحن بضاعة
لتقول خديجة بتخمين : لا تقولي لي خاطب قديم، لهذا ألغيت الخطبة
ليقول أيوب بسعادة لخديجة : عقلك من ذهب يا فتاة
لتقول حفصة بتردد : عندها حق زهراء، لنقل شهر او شهران نري صدق خصاله، ابي الناس يتغيرون كما تعلم ، علي الأقل يوم يومان استخير
لتقول الجدة ببعض المكر لأبنها : قلت لك يا بني، حتي لو كان بشير الطحان لن يختلف طبع ابنتك، دعنا نخبرهم بأننا نحتاج الوقت لنرد عليهم
في صدمة حفصة ولجام لسانها، أطلقت زهراء زغاريد غنائية، ليقول أيوب وهو يحاول إيقافها حتي لا تعلم حسناء التي أتت هي والفتيات العاملات جميعا علي صوت الزغاريد لتسأل بفضول : عساه خيرا، أفرحونا معكم
لتقول الجدة بثبات لمعرفتها غضب حسناء من الأمر لأنها لا تطيق الخطيب ولا تحبه : كنا نستشير ابنتك في عريس
لتقاطعها حسناء وهو تسأل حفصة قائلة بفضول مجددا : وبماذا أجبتي يا حفصة
أجابت حفصة بخجل : ما يراه أبي وجدي يا أمي
وأخذت تفرك يدها بتوتر، ليضحك أباها علي تغير ردها وهو يقول بتأكيد : استخري حفصة، الأمر سيتم مع عرس صهيب
لتصدم حسناء، لتقول بصدمة : نعم
لتقول حفصة بتأكيد وخجل : ما تروه خيرا، أفعلوه البي
لتفرغ حسناء فمها أيوب يقبل رأس إبنته وهو يقول لتفسح له الفتيات العاملات الطريق : طريق يا ولد
وحسناء تشاهد إبنتها بصدمة وهي تقول بصدمة : لا في الأمر مكيدة، هذا ليست إبنتي ولا هذا ليس أيوب، لما العجلة، ومن هذا، تركتم وكنت أقوم علي الضيافة ما فعلتم بهذا السرعة
لتقول زهراء وهو ترفع كتفيها ووتراقص بحرص بسبب التواء كاحلها وتقول بإبتسامة عريضة وهي ترفع حاجبها لتغيظ حسناء : لا أسمع زغاريدك خالتي الغالية، بارك لإبنتك كنة آل الطحان وزوجة بشير الطحان مستقبليا
وأعطتها زغاريد صغيرة هادئة، لتقول احدي الفتيات بسعادة : هل نزيد الشربات في الضيافة سيدتي
لتجيبها الجدة قائلة بأمر : نعم وأكملن الباقي، عندنا كثير من الأعمال هذا الأسبوع هيا، وتكمل مؤكدة : ولا زغاريد الأن، هيا
لتهز سمية حسناء قائلة برفق : أم يعقوب، بسم الله عليك ما بك
والأخرى تجمدت للحظة وكأنها تتسوعب الخطب ولا تصدق، لتقول الجدة برفق وهي تساعدها علي الجلوس : حسناء بشري وقولي خيرا
لتجيب بغضب مكبوت : لا أحبه عمتي لا أطيقه يا ناس، يارب أسألك الثبات
لتخبرها سمية بلين : أم يعقوب، قدر الله ما قدر، باركي لإبنتك لا تكسري فرحتها
نظرة شاملة لتري الفتيات مترقبة وحفصة تقف بالقرب من رقية متوترة وعيناها عليها، لترفع ذراعها وتشير لها لتقترب، لتندفع إليها الأخيرة بسعادة وقالت بصبر : مالي إلا أن أبارك وادعو لكم، عساه يكن خيرا وتسعدين معه، ولكن أقسم بالله لو أحزنك لأجل أيامه خراب ودمار إبن الطحان
دفعه خفيفة علي كتفها لتقول زهراء بطلب : هيا خالتي لا يحلو الخبر الا بزغاريد أم العروس
نظرة للجدة، التي أخذت حفصة في أحضانها مباركة، تخبرها بنعم، لتنطلق منها زغاريد ومن الفتيات أيضا بدعم، ليصل أيوب المجلس، ورغم أن والده أدار دفة في قضية أخري، فقال أحد الجمع بتساؤل : بشرنا أبا يعقوب
ليقول أيوب وهو يخفي ملامحه الجدية التي دخل بها وأفزعتهم وهو ينظر لأبيه : أعطيناه اذا أعطاه الله عمي
ليتهلهل وجه الجمع ويقول أبا بشير بسعادة : اذن نقرأ الفاتحة
ليقول الشيخ زهران بقرار : نقرأها ولكن لن يعقد القرآن إلا يوم العرس
ليقول الشيخ نعمان بسعادة : كلامك عدل والله، نقول بسم الله
ليقول أبا بشير بسرور : والله لا تمهر أقل من عروس صهيب بنفس الذهب والمهر وتختار ما تشاء من الجهاز لبيتها نلبي
ليدعمه أخر وهو يقول : والله عين الكرم
ليرفع الشيخ زهران يده قائلا : بسم الله
ليرفعوا جميعا أيديهم لإكمال الإتفاق، ليتم العرسان في وقت واحد، وحسب التقاليد الخطيب القديم الذي لم يعاب، في العادة لا يكون له فترة خطبة طويلة أو أحيانا لا يكون له من الأساس، لتدلف باقي الضيافة بالشربات والحلوى
يتبع......