الفصل الثاني والثلاثون
الصبر جميل، لقد بدأت العاصفة
................
حالة تخوف عام من الجميع، زهراء ساكنة وكل ما نطقت به أنها تريد الطلاق، نظرات الخوف والف احتمال أسود يعيش في خيال الجدين ومهاتفة من أبا رشيد إنهم سيأتون مساءا لمناقشة الأمور والاعتذار وحل الأمور.
..................
كان رشيد يجلس في مكتبه بعد عتاب والده له بسبب تسرعه، حتي دخل ماجد وهو متعب وبالكاد يستطيع أخذ أنفاسه قائلا : أريد التحدث معك أبي
ليقول رشيد وهو يعاونه علي الجلوس : بني أجلس مازالت متعب
ليناظره ماجد ببعض الغضب قائلا : أنت تعلم اني أحبك وأقدرك ولكنك قولت كلمة غريبة أبي لزهراء، اي حياة نعشيها معك بدون مشاكل، أبي يؤسفني أنك تعيش الوهم لا أكثر، تعاتب زهراء لأنها غابت عن البيت ليوم واحد وانت غير موجود، أبي سأخبرك سرا جدتي منذ عامين كانت تحاول ختان نسيم ولولا صراخي في وجههم وإخباري جدي من والدتي لكان أصاب أختي شر كبير، وهي في السادسة تاهت من الخادمة وقضت يومين خارج المنزل أحدهم في الشارع والاخر في قسم الشرطة، هل أخبرتك السر الذي جعل جدتي تصر علي ختان نسيم، بدلا ان تحاول أن تساعدها علي فهم طبيعية جسدها وأنه أمر طبيعي لا عيب فيه، سأخبرك إنه قبل أمر الختان حاول أحد العمال المؤجرين لإصلاح الحديقة التحرش بها ولولا وجود خالتي في زيارة كانوا سيأخدونها لطبيب للكشف عن عذريتها وبعدها قررت جدتي أن الختان سيحفظ الفتاة التي شوهت فيها وسمحت للجميع التنمر عليها فتيات، كبار صغار، لأن جسدها أكبر من عمرها، حتي لا تأكل وتخضع لنظام قاسي لا يناسب طبيعية نسيم، أي حياة كنت تتحدث عنها، هل تعيش الوهم، الكلام الذي رددت من قاله اي مواعيد واي عنوان أبي، هذا الكذبة كذبتها علي جدي وخرجت مرة واثنان وعشرة وقبض علينا قبل كذلك وحل الأمر بالمعارف وخاصة قبل أن يعلم الجد جبران ويقامها علينا، أي حياة أجبني، هل أخبرتك متي سافر طبيبي وذهبت لأخر وأخذت أدوية خاطئة وذهبت للمشفى بين الحياة والموت لمدة أسبوع هل تعرف هذا، من يوم زواج عمي بشير وأنا أري كيف تغيرت حياة رحيم للأفضل وحقا طمعت أن يكون لي اخت كبري مثله تهتم به وتحادثه وفي وجودها يكون له بيت مستقل، لا أذهب لألعب وأجد مشروعي المدرسي تلف من لعب الصغار بدون رقابة، أو تعرف الحرق الذي في قدم نسيم تتذكره، كان حادث من أحد الصغار عندما كانت صغيرة رمي عليها أوراق مشتعلة فأشعلت بالفستان وتركت هذه العلامة، هل أخبرتك كم تنمر عليها فتيات العم وغيرهم، هل أكمل أم اكتفيت
وقف رشيد مصدوم وهو يطالع والديه، ليكمل ماجد بإرهاق كامل : تعلم أبي عدة مواقف صغيرة من قبل زهراء لنسيم زرعت فيها ثقة وأمان ليست موجودة بينها وبين العائلة كلها، والله حتي انا احترم زهراء علمتني كيف احل المشاكل من موقف الرسائل الذي حدث لأختي حدثتها وطمأنتها وصالحتان علي بعض وللأسف مدحت بك، مسكينة تفتقد حنان والدها، مسكينة لأنها وقعت في يد أشخاص تقيم الناس بمعايير دون ذلك صفر، مسكينة زهراء لأنها تزوجتك أبي ويبدو أنك جرحتها جدا
وأستند علي الجدار ورحل بتعب لغرفته وتعاسة، أولي خطوات إستقلالهم،فشلت صمت مهيب حل عليهم نظرات عتاب من رشيد لوالديه ليقول بعدها : عندنا موعد أبي
ليقول الأب بخفوت : بني، كنت
قاطعه قائلا : لا ابي لا عليك الذنب ذنبي أولا وأخيرا وانا وحدي من علي إصلاحه، شكراً لكما،ومن اليوم مسئولية الولدين لي
...............
في مجلس جبران، كان رشيد يجلس بحرج وجبران يقول بعدم تصديق : شجار تترك المنزل وتطلب الطلاق بعد أسبوعين رشيد
ليقول رشيد مسهبا : كما شرحت لكم عمي جبران، كنت قاسي معها بعض الشيء بسبب الصدمة وتعب الفتي وما حدث معي طوال الليل من إجراءات وحالته السيئة حتي الأن
ليقول أيوب قاطع الشك باليقين : اسمع رشيد توسمنا فيك خيرا ولكن خذلتنا عندما اعدت ابنتنا مكسورة الخاطر ومقهورة هكذا، لا شجار ولا غيره رشيد ولا تحاول إقناعي أنا بالذات بالعكس واقوله لك إن أصرت علي طلب الطلاق فهو لها، لا تضام ابنة فاطمة وأنا حي سمعت
ليقول زهران مؤكدا: والله ما كذب أيوب، حتي و إن كرهنا طلاقها، أن كان بدايته هكذا لا رشيد أخبرتك انتما لا تتفقان وربما فعلاً تعجلنا بالزواج
ليقول أبا رشيد برجاء : علي مهلكم يا جماعة، زهراء منا مثلما هي منكم، والله وأنا أشهد علي حديثه أنه صادق خلاف بينهم، و أسالوا زهراء
ليقول زهران بتروي: أنها المواجهة إذن، جبران أعط خبر لتأتي زهراء
وبعد دقائق، أتت زهراء بوجه عابس تقول بإجابة : طلبتني جدي
يقول زهران بهدوء : حبيبتي أجلسي جوراي
وفعلت، فقال : هل وجدت ما يحزنك من زوجك في التعامل أو المال أو غيره من الأمور، هل ضربك مثلا أو هدد بذلك
لتقول زهراء مقتضبة : لا
ليقول جبران متسائلا : إذن ما الخطب زهراء
لتقول ببرود ملئ بالحزن : لسنا متشابهين جدي، صراحة أفضل أن ننهي الأمر بدون مشاكل
ليقول زهران : رشيد يعتذر ويقول أنه خطأه غير مقصود وكان لحظة غضب
لتقول برد قاسم : ساعة الغضب يظهر الخلق وما يضمر الإنسان
ليقول رشيد مدافعا : لكني حقا لم أكن أقصد زهراء
زهراء بعيون حادة : نهاية الحديث رشيد أنا لا أقبل اعتذارك ومنزلك وحياتك درها كما تحب
قال أنور بإقتراح : لما لا نتركهم يتحدثون جديي
إيماءة قبول منهم وليرحلوا وهم يقولون : نحن بالجوار حبيبي
ليقول رشيد : زهراء صدقا ما كنت أقصد، بالعكس كل مواقفك القليلة أفضل من وجودي في حياتهم كله
نظرت لها بتعجب قائلة : حقا
ليقول رشيد : عندما جلست مع الأولاد عرفت بعض الأمور التي غيرت وجه نظرى في كل شيء، أدركت خطأي وأدركت أن إصلاحه يحتاج وقت ورفقة ويحتاجك، نسيم من الصباح شاحبة ولا تتكلم وماجد تشاجر معي من أجلك وأنا حقا لا أسامح نفسي عما بدر مني، رجاءا زهراء فكري مرة أخري
لتقول زهراء منهية :رشيد مازالت علي عهدي، وإن قاومت رغبتي سأخبر جديي بكل الخلاف وهما من يحكمان اذن
وقف أمامها بيأس وتعب، لو علموا انتهي الأمر بدون رجعة، هي لم تخبرهم خوفا علي حزنهم ولكن يكفي أيوب لتمام الطلاق، نظر لها بقلة حيلة وداع قائلا : سأترك لك الوقت حتي تفكري ثانية أعلم إني لا أملك خاطر او شفاعة عندك ولكن انا متأكد من رجاحة عقلك ودسامة خلقك، وكم انت شخص حنون ومقدر وأطمع بكل هؤلاء وبك
وقبل رأسها قائلا بإعتذار : واخيرا أعتذر وإن لم يكن لي عذر زهر
ورحل ومعه والده بعد تحية قصيرة، أسندت زهراء رأسها ليدها واتت خديجة تضمها بدعم وهي تقول لها بحب : سيمر زهر لا تخافي أنا معك
.....................
يحكي وتحكي الأسطورة عن أميرة العائلة المدللة التي كسر قلبها وأطلقت عليها الشائعات من كل حدب وصوب، غريب، قريب، بعيد، محب وكاره تحدثوا وأكلوا لحم جثتها وهي حية، الكثير والكثير من المشاكل وهي هاوية دموع وإنكسار حتي ركزت بأمر يحدث لها وتغيرات طفيفة وشكرا للأفلام والروايات لأنها ساعدتها علي معرفة العلامات الأولية للأمر، كانت حامل من هذا الوغد، شرارة جديدة لنيران تأكل سمعتها وسمعة والديها، ندم وألم والطعام القليل الذي كان يؤكل ما عادت تستطيع وضعه في فمها، وفي يوم أدعت فيه النوم وكانت الفتيات معها ولكن عندما نامت مبكرا، خرجوا لبعض الوقت في الحديقة مع أنور يتناولن الدرة المشوية، رأتهم وتأكدت من إنشغالهم، ويسر تركتها ترتاح والخليل وجدها وعمها في المجلس مع خالها وجدها، دخلت المرحاض وبيدها شفرة ملت حوض الاستحمام وأخذت تقفز وهي تتألم وتدمع، ظهرها ينشطر من الألم ولكنها سئمت الحياة ودور الخطيئة هذا، جلست أرضا وانفاسها ترحل بلا عودة بلا أمل، كل شيء أصبح ضبابي وباهت، وضعت جسدها النازف في المياه الباردة وهي ترتعش بألم وضعف وتمسك الشفرة وتقطع هذا النبض البائس، سترحل لوالديها ستخبرهم أنها مظلومة وأنها لم تضع سمعتهم في الأرض وأنها تفتقدهم وتموت خوفا علي الخليل أن يرحل في الحرب مثلهم، فليدركها المرض مثل فاطمة وان رحل الخليل يرحل مثل والدها، دموع ودموع وظلام أنفاس ضعيفة ونبض راحل، وصراخ خديجة عندما ذهبت تطمئن عليها وحالة كر وفر وليلة طويلة في المشفى، أسفرت عن حالة إجهاض ومحاولة انتحار وغيبوبة دامت لثلاث أشهر، وجسد ضعيف و روح قتيلة ودموع بلا فائدة، رويدا رويدا بدأت تتعافي بوجود عائلتها، وجود أمها يسر ودعمها الكبير وصبرها علي دموعها وإنتكاستها وحالات الهلع والفزع والغضب التي كانت تصيبها، وأدوية الاكتئاب وأعراض انسحاب المنوم، مر الحدث ومرت الأيام صعبة وسهلة، حكم لها بحقها وأخذته ولكنها لن تغفر أبدا من قتلوا لها فرحتها بطفلها الأول ودفعوها قصرا لهذا الجحيم والذنب، كل الجروح تمر الا هذا، شعرت يسر وزهراء تنام في أحضانها بأنها تعود لهذه الحادثة تغير حالة جسدها بوضع الجنين والدموع والأنين والحديث الغير مفهوم يعيدها لأيام خرجت منها بأعجوبة، أحيانا بكلمة يهدم كفاح سنوات طويلة، عيون يسر الحزينة تضم ابنتها وتقرأ لها ما تيسر من القرآن وتعيد ضمها بقوة وهي تقسم أنها لن تسمح لأي شيء هدم قلب زهراء مجددا
............
لم يكن يتوقع أن يفكر بالزواج، ولكن يداعبه إسمها وطلتها وقربها يشعر أنها سكنه وسكينته، اه معتز ضعت بنظرة وبعض الحديث الذي سمعته عنها مدح من مساعدها والعاملين، ولكن كل الخوف أن يقف ماضيه الغير مشرف في وجهه وترفضه مخاطرة كبيرة، لأنه لن يسمح تحت أي ظرف بفقده علاقته المريحة مع نور، ولكن صوت ساديش مع صغار أخته إنتشله من الضيق، لا يهم ما سيخرج له من الماضي أهم شيء يكن بعيد عن هذه الصغيرة الضاحكة بنقاء بجمال ينافس القمر، يريد أن يعوضها ويراها سعيدة دائما، يريد أن يزفها عروس وبعرس لم يحدث قبله في الجنوب، يريد أن يستجاب دعائه لها بالتيسير والتوفيق مع أنور وفيما تحب، والآن يريد حقا أن يهبط ويكمل معهم لعبة الكرة هذه وأجمل شيء بينهم أن نظرات الخوف التي كانت بينهم منها تبدلت بحب عندما تراه وتركض لتضمه بحنان وسعادة وهي تهتف بإسمه
.............................
كان بشير مسافرا وحاول الحديث مع حفصة ولكن رفضت وأنغلقت علي نفسها رغم ضحكاتها المتواصلة وحديثها مع رحيم، سافر علي وعد أن يوعد اليوم مساء ويحل هذا الأمر، لا يهون عليه حزن حفصة، قلبه ينشطر ولكن رغم كل شيء ما لا تريده، يريدك، في تلك الاثناء وجع رحيم حفصة قائلا : سأذهب للمكتبة لأبحث عن كتاب أستعيره، الصراحة ضعت شغفا بأسماء الأسلحة وأصولها وبالمرة أقابل ماجد حدث خلاف كبير وصوته متعب، رغم اني غاضب منه وحذرته أن يذهب لهذا الحفل
لتقول حفصة له بهدوء و ود : برفق عليها، وأنا إن شاء الله سأذهب لأطمئن لزهراء في أقرب معاد، لا تريد أن تخبرني مفاجأتك لي
ليقول رحيم وهو يقف مغادرا : في وقتها أيتها الفضولية
نظرات غيط طفولية منها وهي تقول : لن أعد لك الحلوى حتي أعرف
نطر لها ضاحك وقال بتحدي : سنري
وقبل رأسها بمحبة ورحل، والجو بدأت غيومه في تزايد، دعت أن ينجز قبل أن تمطر عليه، رغم حب رحيم للمطر، خافت أن يصيبه البرد، في نفس الوقت عندما وصل المكتبة، وانشغاله بالحديث مع صاحبها العجوز، وترك عكازها وأستند علي الأرفف وهو يحدثه بإنشغال، أخذ عادل عكازه وفك بعض المسامير بحيث يسقط رحيم عندما يحاول المشي به، ليسخر منه قليلا، ليريه من النعامة الحقيقة، وعندما أخذ رحيم أشيائه، أخذ عكازه راحلا عبر سلالم المكتبة العتيقة، وهو يقول سيتنظر ماجد بالأسفل ويرحلوا لمنزل رحيم لتخفيف عنه وعتابه علي أخطائه قليلا بعد، ولكن وجد ماجد بالأسفل يبتسم له فأشار له رحيم وأستند علي عكازه ليهبط سريعا ولكن خانته وسقطت الكتب، وسقط صاحبها بعنف، فزع ماجد وأصابته الصدمة والجمود، ضاع تنفسه الأمر كله كان لحظة سقط فيها رحيم وأصطدم بعمود من أعمدة الرخام في نهايته، صرخ ماجد بأسمه في الم وهرع له يتفقده، وهو يقول له بفزع : لا لا رحيم قف معي رجاءا،سنذهب للمشفى، أرجوك هيا
وأخذ يرفع جسده الهزيل، ولد بسيولة عالية في الدم وهشاشة عظام، تنفس رحيم كان بطء وجسده أصبح كتلة من البرد تنتشر أكثر وعيونه معلقة علي السماء وسط حشد الناس، يري فيها والدته التي رحلت ولكن وهي تبتسم، يمد يده لصورتها ولسانه ينطق بالشهادة، وسط جمود و صدمة الكل وصراخ ماجد وهو يضمه " لا بربك لا، رحيم"، قطرات المطر أختلطت بالدماء، أصبح المشهد في حداد، كل المعادلات خربت وحتي الشيطان انسحب وبقي الألم والعار يزداد لا ينتهي
يتبع