الفصل الثلاثون.
في عيون الحياة نحن مجرد ترحال من حال لحال
...............
وفي المشفى خرج الطبيب مطمئنا : الحمدالله مجرد تسمم غذائي بسيط، والحمدلله كثرة الاستفراغ ساعدته إفراغ كل الطعام الملوث وهذا سبب له وهن وضعف، ينهي المحلول ويمكنكم أخذه للمنزل بإذن الله تعالى
شكره أيوب وتنفست حسناء الصعداء : علي إخراج صدقة غدا، هذا عين لم تسمي الله علينا، الحمدالله
ترتب خديجة علي كتفها بهدوء وحنان : حقك، الحمدالله هو بخير، شملنا الله بلطفه خالتي
ليقول أيوب مصدقا : الحمدالله ابنتي، سأذهب للحسابات وأعود
.........
وبعد مدة وجيزة خرج معهم وهو متعب وفي حالة سيئة، يستند علي كتف والده في خطواته، وأكملت معه خديجة في جناحهم قالت حسناء : سأحضر له حساء ساخن
لتقول سمية بهدوء : بدلي ثيابك وسأعد لكم زاد ما اكلتم من الصباح، لتشكرها حسناء قائلة : سلمتي ام صهيب، سأعود سريعا خديجة لأساعدك
وذهبت لتبدل ملابسها التي اتسخت من الأمطار وهي تسير بسبب طولها.... أما خديجة كانت تسند يعقوب وبدلته له ثيابه برفق سريعا، وهي تحدثه بلطف "برفق لا تخاف، فقط هذا وسننتهي"
ليقول لها بطلب : دثرني خديجة أنا متعب جدا
لتضمه بحب وتربت علي رأسه التي تسكن في أحضانه وتزيد عليه الغطاء قائلة : حسناً نام وكل شيء سيكون بخير
وأخذت تداعب شعره وتقبل رأسه بحب ومراعاة وأخذت تقرأ الرقية عليه بسكون، تراجعت حسناء وسمية للخارج وأغلقوا باب الجناح الذي تركه مفتوح وهي تساعد يعقوب، وحسناء تيقنت أنها ظلمت خديجة وأن الأمور بخير وسمية قلبها وأطمئن أن طلما الود قائم فالحال خير بينهم.......
.....................
عاد العروسين من الفندق بعد يوم كامل ممل قضوه فيه رحبت بهم العائلة، وأستقبلهم الجميع في منزل، نسيم كانت سعيدة بوجود زهراء وماجد أيضا كانت مستبشر بسبب سابقة المواقف بينهم الجيدة، سألت خديجة عن حال يعقوب المتعب، فأخبرتها وسألتها خديجة عن كيف الحال فقالت بهدوء : دعاوتك خدوج
لتقول خديجة بضجر : أبتلاني يعقوب بدلال غريب
نظرات زهراء المتعجبة والصامتة، لتقول خديجة هامسة : اكذبي علي الحي وجيرانه لا تعرفين الكذب علي، ولكن لا بأس أمامك كل الوقت لتعتادوا الوصل، عسي المناسبة القادمة سبوع دبك
لتقول زهراء بقلة صبر : دبي أنا
لتضحك خديجة قائلة : هل نسيت كيف كنت أيها الدبدوب في الصغر
لتقول لها زهراء بوعيد : انتظري علي، صبرك
......................... عتاب رشيد بشير بحدة وحذره من إندفاعه ونتائجه ووعده بشير بأن هذه ستكون الأخيرة، كانت ساديش تجلس مع أخوتها في جلسة عائلية ما زالت علاقتها بوالدها متوترة ولكن هم يبذلون كل الجهد لهدم الحواجز بينهم وقالت ميسون : هكذا نكون أنهينا كل طلبات القماش وفستان الزفاف، بربي ليكون لك أجمل جهاز وفستان في الجنوب
ليقول المنتصر مؤيدا : يليق بها والله، لن أوصيك ساديش أي شيء يكن في بالك فقط أشيري
لتقول ساديش بسؤال : اتمني أن تكون العقبي قريبا لمعتز منتصر
لتضحك ميسون قائلة : أصبحت لغتك تشبهنا بدون فرق
ويقول معتز مبتسما : تريدني أن اتزوج
لتقول ميسون ببعض التوتر : ولما لا أظنك فهمت الدرس وتعلمت من خطئك
ليقول معتز بهدوء وهو يرمي احدي أوراقه : يعني متردد، سمعتي لا تشفع
ليقول منتصر مشجعا : النية فقط وأختار ويكن الشيخ زهران شفعيك
ليقول معتز بثقة : إذن دعاوتك منتصر
لينظر له متفاجئ وهو يقول : تحدثني بصدق معتز
ليقول وهو يقوم راحلا : نعم والله، دعاوتك عندما أقرر سأبلغ الوالدين، عن إذنكم عندي عمل مهم لنور علي الذهاب
نظراتهم كانت مصدومة ومنتصر فهم أن في عقله أحد ويدرس الأمر، ولكن من؟!
.................
وقرر رشيد نزع بعض المسافات بينه وبين زهراء وتقريب العلاقة أكثر بينهم كعائلة منذ البداية فأخذهم إلي مزرعة الخيول خاصته لقضاء يوم حافل، بدأ بفطور في حديقة منزل المزرعة وملاحقة الأرانب من قبل زهراء و نسيم وهو ماجد يقضيان وقت هادئ وهو يعدان اللحم المشوي وابنه مبتسم الثغر يحدثه ويساعده، جو من السكينة أفقده كثيرا الأن إذا انشغل عنهم سيكون مرتاح البال ولو قليل أن هناك من سيهتم لأمرهم، زهراء مرأة ناضجة تعرف كيف تدير الأمور وأستطاعت إدارة العلاقة بينها وبين نسيم رغم هشاشة مشاعر نسيم، والآن يبدو أن جسور الثقة بدأت تزيد بينهما وماجد مرحب بأي هدوء يزور الحي ويجعله يقيم في منزلهم....... كان الولدان يلعبان ونسيم تطير طائرتها الورقية، لتقول زهراء وهي تجلس بجواره علي جزع الشجر الذي حول لكرسي متوسط الإرتفاع : العلاقة بين رحيم وماجد جميلة جدا، تشعرهم أخوة
ليقول هو بشرح : نعم حقيقي، أحب علاقتهم، تعلمين تعرفت علي بشير منذ سنوات تعطلت سيارتي وهو أقلني للمنزل وبعدها توالت الصدف حتي قويت علاقتنا، وللمصادفة المضحكة أحد أزواج أخواتي تعرفت عليه بنفس الطريقة لكن سيارته من كان معطلة وكانت معي أختي وبعدها بفترة طلب يدها وتزوجوا شاب جيد ومكافح، وأخرهم أنت
لتضحك قائلة : صدف غريبة حقا، لكن ما الأمر الذي جعلك تخرج عن تجارة الأثاث لمزارع الزيتون، لأن مزرعة الخيول فهمتها ولكن هذه فلا
ليقول ببعض التأثر : كان لي صديق جدي كان يملك أكبر مزرعة زيتون في أرضها الخالدة كان محب ومعطاء ومغامر وذو شرف كنت أجلس معه يعلمني كل أسراره وكل عام لابد لي من حصة من مخلل الزيتون وزيت الزيتون يأتي بأسمى، كان يحدثني عن أحلامه وطموحاته هو وإبنه الأكبر، حتي ارتقوا شهداء وأسرت مزارع الزيتون والأرض، حبي لهم ولهذا المهنة كان كبير، صدقت بحلمهم ولأنهم أحياء شعرت بهم معي وجواري كنت دائم أتذكر وهو يقول لي هكه الزيتونة الخضراء أحلي زيت زيتون بكر والتي يغيب لونها علي حسب منها من يكون زيت ومخلل وهذه الدرجة من التسوية تستمر معك لبعض الوقت من التخزين وعندما يغيب اللون تماما وتصبح طرية هكذا كلها بألف عافية على قلبك، أخر مرة أهدني شال غزلته زوجته بيدها وبعدها ارتقوا شهداء بعض انباء نجوا، وكان منهم واحد محب وعاشق لتراث أجداده الفلسطيني وصنعته، وعندما التقيت به وأخبرته عن أول خطواتي شجعني فوجدت نفسي أطلب منه أن يكون شريك بالمجهود والخبرة وأنا بالباقي
وقالت بتأثر : أسم الأصلي
أكمل عنها : نعم لقب عائلتهم، وأن شاء الله اسعي لصنع مصنع عصر وابيع الزيوت بأسمه ليس فقط المحصول، أنا وصهيب وصديقي قريبا سنناقش الأمر علي طاولة أعمالنا
ابتسمت بتشجيع وقالت: ما شاء الله، بالخير عليكم، صهيب تاجر ماهر وأمين
ليقول رشيد مؤكد : أعلم
ويري خيله العزيز يركض وهو يتباهى بنفسه ويرمقه من مرة لأخري نظرات متسائلة تقول له "أنا هنا أهلا بك"
لتقول زهراء : يبدو أن جوادك غيور
ليقول وهو يقترب منه ويداعب عنقه : هو يحب أن العبه دائماً، لا تقترب الأن إنه لا يعتاد الناس بسرعة
وقفت زهراء علي بعد مسافة منهما وقالت بسؤال : سمعت أنك تزوجه، لما يتركه فرسته لأجلك
ليقول رشيد بحب وهو يمشط شعر عنقه : لأنه ابني وليس جوادي فقط، عندما ولد انا من ربيته وأنا الوحيد الذي دربته وأمتطيه، بينا علاقة هكذا خاصة وأثيرة هو مني وأنا منه....
هنا مال الجامح برأسه علي يده يداعب رشيد كما يحب علي خده، منظر تألفهما معا وسيرهما حتي عدوهم كان لوحة خالصة، علاقة ولغة خاصة، لتقول زهراء والجامح يأكل : هل صغاره مثله هكذا في صلابة الرأس
ليقول رشيد بصوت خافت كأنه لا يريد أن يسمعه صاحبه : الجامح عقيم زهراء
نظرت للجواد بحزن وقالت له : لكن لما تزوجه إذن
ليقول لها وهو يعود يمشط شعره ظهره : لأنه حبيبي الذي لا أبخل عليه بأي شيء، وكما يرزق البشر، ربما يفيض الكريم عليه ويكون له شبيه، وأن لا فيليق به ألا يكون له شبيه والله
وعاد يداعب جواده والآخر سعيد بهذا، لم تكن تتصور زهراء أن رشيد يوم ما تراه عاطفيا سيكون مع هذا الجواد، حقا لا يليق بالجواد أي فارس
...............................
كان يعقوب يحزم حقيبة سفر خفيفة وخديجة تناوله صندوق طعام وهي تخبره بإهتمام : هل أنت متأكد أنك تقدر علي السفر
ليقول ببعض الإرهاق : بخير يا فتاة ومعي صفي، وصهيب مشغول في أمر الحادث وإجراءاته من سيوصل تبرعات الجنوب للجيش غيري
لتقول بإهتمام : صفي يذهب لتقديم أسماء الأطباء المتطوعين في فرق الإسعاف أليس كذلك
هز رأسه بنعم، وحمل حقيبته ووقف أمامها يتأملها بمحبة وهو يقول : أفكر أنا أسرق يومين اخرين لنا كشهر عسل مسترجع ما رأيك
لتقول ببسمة : إن استطعت بالتأكيد موافقة
وطبع قبلة علي جبهتها وضم بحب لدقائق كوداع قبل وأشارت له بوداع وراقبت رحيله من الشرفة، ودعت أن يعود سالم، ستفتقده كثيرا حتي يعود، وقررت أن تذهب توصل ملف للعمل، وعندما انتهت عملها، اتي لها زميل يقول بطلب : خديجة عذرا، هل من الممكن أن تحضري عقد مع أحد الزبائن، الكل مشغول وعلي الذهاب والدي متعب
لتقول له بمراعاة : لا بأس، معك الأوراق
ليقول لها بإهتمام : ستجدينها عند المتدرب الجديد وسيكون معك، وأن احتجت أي شيء معه رقم منزل أبي، شكرا لك
ورحل وبعدها تجهزت ومعها الزميل المتدرب والسائق كان في إنتظارها وقالت له : اوصلنا مشوارنا وبعدها نعود
هز رأسه بالإيجاب، ورحلوا ودخلت مع للمكان البيعة، مكتب البائع وتقدمها المتدرب ليعرفها علي الأطراف وهو يقول :الحج حقي غني عن التعريف، والسيد أكمل المسيري
تفاجأ الأخير ووقف بصدمة وتلهف للسلام ومد يده، فقال الحج حقي : عذرا ابنتنا خديجة السيد أكمل غير جنوبي يجهل تحية الجنوب
إيماءة تحية وتفهم لهما وقالت بثبات وتجاهل لعيون الأخير : نتمم عقدنا سيد حقي وعذرا علي التأخير زملينا حدث له طارئ أخره
وفعلا لأن الأمر كان متوقف علي الامضاء ومراجعة العقود تم سريعا، وبعدها رحلت خديجة ولكن عيون أكمل خانته أكثر من مرة، مر الزمن ولم ينسي فتاة الجنوب!..
.....................
عادت نسيم من المدرسة بتعب، ولكن كانت سعيدة بغرفتها الجديدة، جدد لها الكثير فيها، وجلست علي الفراش وهي تخرج خطاب رأته في حقيبتها وهنا دخل ماجد غاضبا وهو يصرخ فيها : إذن ما سمعته نسيم، أعطني هذه
و قرأ بعض الكلمات وصرخ في وجهها : منذ متي وأنت تتلقين الخطابات من الأولاد وترخصين نفسك نسيم
وصرخت عندما صفعها ونزف جانب شفتيها وأخذت تبكي بشهيق، ودلفت زهراء بفزع وأخذت تضم نسيم بخوف وهي تسأله بغضب : ماذا حدث، لماذا ماجد
ليصرخ فيها : لأن نسيم ترخصنا زهراء وتقبل الرسائل الغرامية الرخيصة من الشباب
لتطلب منه برجاء : ماجد اتركني أفهم منها الأمر رجاءا، أرجوك
تركهم وخرج بضيق وأخذ يصرخ ويهدد بألف كلمة ووعيد لأخته، مسحت زهراء وجه نسيم بمحبة وقالت بهدوء : أظن أن علينا نفهم الأمر
لتقول نسيم ببكاء: والله أول مرة زهراء، أنا لا أقبل أي شيء بسبب ان جميعهم أصدقاء ماجد، زهراء أول مرة أحد لا يعلق علي جسدي وعلي ويقول إني جميلة، هو فتي جيد درس بالخارج وعاد فترة استثنائية لمرض جده وأبيه يكون جواره، انا لست سيئة لست بهذا الصورة أقسم لك، ورحمة والدتي صدقني
تمسح زهراء دموعها بيديها وتجذبها للمرأة قائلة بإهتمام : لكن أنت جميلة جدا نسيم بحق، العالم حبيبتي يتحفظ بمعايير عميقة للجمال، شعر أشقر وعيون النمر ودقن الثعلب، أشياء مضحكة، الله خلقنا باختلاف ليكون هناك تنوع في الجمال فتري من كل جزء قطعة، يكفي فقط تلك العيون الجميلة، تعلمين لون شعرك المميز هذا يدفعون فيه أموال بهذا القدر للوصول لونه وطوله، أحيانا الناس تخاف من المميز فتحاول قتله حتي يظهر الفشل والاختلاف وأن هذا هراء، أريدك واثقة من نفسك وتضعي كل الحديث السلبي خلف ظهرك، أنت مرآة روحك فالناس لا تعدل ولا تقيم، ثانيا أباك يعشق التراب الذي تمشون عليه، يبذل الغالي والرخيص لراحتكم ورخائكم، أفضل الملابس والثياب والمنازل وإجازة في مكان مميز وسمعة طيب، ينحت في الصخر حرفياً، ويضع كل الثقة والأمل فيك، الحق أولي أن يقال، أنت لا تأخذين تلك الرسائل ليس لأنهم أصدقاء ماجد وسيعلم لا، لأنك غالية وهذا كلام سهل متناول، ثانيا لأجل ثقة والدك لا يجوز حزنه بعد كل شيء يفعله لك، ثالثا والأهم لأنه حرام، سيأتي وقت لك تحبين وتعشقين وتتبادلين كل كلمات الغزل التي تسمعينها من الفتيات والأفلام والروايات ولكن عندما تكبرين وتجدين رجل يحبك بحق ويخاف عليك، أعرف أننا نحب كثيرا الأثناء علي كل شيء نفعله وبابا واخوك لا يجدون الحديث في هذه الأمور والله حتي الذين عندي، أنور لم يكن يجيد سوأ المزاح، ولكن تعلمت أن أفهم لغة حبهم وحنانهم وأصبحت أحبها لأنها لغة غالية، لغة الحب عن طريق الأفعال لغة الرجال ولا بأس أن تعلموا الحديث ولكن الفعل أهم ونحت من نعلمهم كيف يعبروا عن مشاعرهم لنا، مثلا أعددت عصير حلو لبابا، تقولين له أوصفه لي، قولي كم جميل، مرة بعد مرة سيعتاد، صدقني أفهمك وافهم تغير مشاعرك، هذا ليس الطريق الصحيح للحب صدقني، الحب موجود وأن غاب مظهره كم تحبين، والآن أنت عليك القرار
نظرت لها نسيم بخجل، فأخذتها زهراء في أحضانها قائلة :لست فتاة سيئة كلنا نخطئ لا تخافي، سنظل نحبك رغم الخطأ لأنك ستعودين وتصلحين كل شيء أليس كذلك
نظرت لها نسيم ببسمة وبعدها أخذت الرسالة ومزقتها وراي ماجد ذلك واعتذرت له، ولأن سمع حديث زهراء حاول أن يتبع نفس النهج معها، نسيم تحتاج اللين، وجدتهم كان شديدة الصرامة وخاصة عليها كانت تريدها في شكل معين كأنها دمية فتحولت لمسخ مزعزع الرؤيا والأحلام
وفي اليوم التالي إنشغلت زهراء في العمل حتي قاربت التاسعة وعادت قرب الحادية عشر، لتجد رشيد متقيظ في غرفتهم، لتقول التحية بحرج ويرد هو قائلا : أظن أنه كان بينا اتفاق ضمني أنه لا تتأخري،، أقصي وقت حتي المغرب، وليس للصبح
لتقل زهراء بعذر : والله ضغط عمل أعتذر رشيد، أحتاج راحة
ليقول بغضب : زهراء أمي كانت هنا ووجدت الولدان بمفردهما، هكذا ستحمين للكل التحكم والتدخل في شئون المنزل
لتقول زهراء بغضب : إن كنت موجود تسد مكاني، ولكن انت تعود ان عدت تعود عند النوم، والولدان كبيران لن يصيبهما ضرر ليوم واحد، تصبح على خير
وتركته ودلفت للحمام وشغلت الماء وتنفست بتعب، في وقت مماثل كانت تعود مع أنور أو السائق تجد أمها يسر حضرت لها الطعام وحمام دافئ وتظل معها حتي تنام وتساعدها إن كانت مكتظة بالعمل، ليس هناك من يحاسبها علي التأخير ومن يتبعه، ومرت وثاني يوم حاولت أن تعود في الثالثة لتجد والدته في المنزل، رحبت بها، لتقول الأخيرة : أهلا زهراء مبكرا اليوم
لتقول زهراء بصبر : لا والله في ميعادي
لتقول والدة رشيد بتعجب: عجبا، حسبته منتصف الليل
لتقول زهراء بتغير الأمر : سأعد حلوى اليوم هل تفضلين شيء معين
لتقول والدة رشيد وهي ترتشف قهوتها: الفتيات قاموا بكل شيء، يمكنك طلاء اظافرك حتي يعودون الغذاء
نظرت لها بدهشة غلافها الصمت والصبر، ذهبت للاطمئنان علي الولدان، ليقول لها ماجد بطلب : عندي حفلة عيد ميلاد لأحد أصدقائي ونسيت ان أخبر أبي هل يمكنني الذهاب
زهراء رجاءا صديق عزيز
لن أتأخر وعد
زهراء ماذا قولتي
وضعت يدها علي رأسها بتعب وقالت : حسنا حسنا، لكن ماجد ستعود قبل العاشرة فهمت
ليصفق ماجد بسعادة : أعدك شكرا شكرا، وقبلها قائلا وهو يغمز لها : غدا الخميس نعد الحلوى والفشار ونشاهد الفلم العائلي مثل الأسبوع السابق
ضربت كفها بكفه وقالت: أن وفيت بوعدك وعدت في معادك
...............
كانت حسناء تعيد ترتيب ألبوم صور يعقوب بحب بعدما انهت الخاص بحفصة، كانت تصورهم كل فترة أكثر من أي شيء، نعمة كبيرة أعطاها الله لها بعد سنوات حرمان وطلب، وهنا دخلت خديجة وبهرت من كمية الصور وقالت : الله الصور جميلة جدا
لتقول حسناء وهي تناولها جزء منها : عندما كنت أخذ البعض، جعلت لها نسختين حتي تشملي الألبوم الخاص بك وبزوجك صور طفولتلك، وقتها لم أحدد من ستكون زوجته ولكن حلال عليك هذا
لتقول خديجة بشكر ومحبة وهي تطبع قبلة علي خدها : شكرآ شكرا ست الحسن، كنت حقا أنهي الألبوم الخاص بنا.
وهنا رن الهاتف، فذهبت خديجة تلقطه ببعض السرعة، موعد إتصال يعقوب، ضحكت حسناء بخفوت وهي تسمع لمحادثتهم من ناقر ونقير، حتي أخذت الهاتف منها تطمئن عليها، يبدو حقا ظلموا علاقتهم في البداية......
..................
العاشرة ونصف الحادية، الثانية عشر، الواحدة صباحا، الوقت يمر ة ماجد لم يعد، وظل الوقت يمضي لا هو ولا والده، حتي أشرق الصبح ودلف رشيد وهو يضم ماجد الشبه غائب عن الوعي وجوارهم جدته وجده، أصبيت بالصدمة والخوف وهي تسأل عن حاله وبشير أصابه جموده، حتي جلس والديه بتعب في بهو المنزل بتعب وإرهاق، وعندما أدخل الفتي فراشه وبجواره أخته تطمئن عليه، زهراء تسأل بلهفة وتقول : رشيد ماذا حدث لماذا تجيب
ليتحدث بغضب محاولا ضبط النفس : كله هذا بسببك، خطأي إني اعتمدت لك، أعتذر زهراء
لتقول زهراء بعدم فهم : لا أفهم، هل يمكنك أن تجيب علي سؤالي
ليقول بغضب : أجبي أولا، كيف سمحتي له بالخروج له ليلا، هل تعلمين مع من خرج وأين والي متي، واين يسكن صديقه، هل قريب، بعيد، هل حفل جيد حفل سيئ أجبي
توترت وادركت أنها غفلت عن هذا وقالت بتوتر : لقد قال أنها حفلة صديقه ووعدني أن يعود قبل العاشرة
ليضحك بسخرية وهو يقول : أكثر الله خيرك حقا ماذا الجمال، هذا مراهق مراهق تفهمني ليس بالغا، ليس في الجامعة هذا حتي تتعاملي معه هكذا، والله حتي لو كان جامعيا، أبسط أن تطمئن علي مكانه واين وكيف ومع مين، تركتيه يذهب لحفل أقاموه أصحابه خلف ظهور عائلاتهم سرا، يتناولون الممنوعات سجائر وحشيش وغيرها وماجد مريض ربر هل تفهمين إنه من الممكن أن يصيبه خطر يهدد حياته هل تفهمني
لتقول بدفاع : أنا مستحيل ان اسعي لضرره، وأيضا أنا كنت هنا منذ عدة أيام انت اباهم من أول العمر، أين كنت وأين وقتهم، أين حقوقهم عليك رشيد، أنت تبحث عن أحد تلقي عليه المسئولية، أنت مذنب كان يجب أن تكون وتحذر ولدك من كل هذا، ليس لمرضه لأنه خطأ، لا تقصر في حق عملك، بطولاتك ولا عائلتك لكن الولدان أخر اهتمامك، يحتاجون وقتك مثل الآخرين يحتاجونك أكثر من أي، كانوا أطفال يشغلهم اللعب والطعام والثياب واكتشاف الحياة والان أصبحوا كبار وتغيرت مشاعرهم تجاه كل شيء، نظرتهم لبعض البعض وللحياة، أين أنت من كل هذا، من المفترض انك دليلهم لا السجان
ليقول مدفعا : اتركي خطأك وعلقي علي حياتي، زهراء عاشوا كل هذا بدون خطأ او مصيبة، بوجودك الفتاة تتلقي رسائل غرامية واخوها كدت أفقده، أنا حر وانت كنت هنا لتنفيذ الأسلوب الذي أريد إتباعهم مع أبنائي رأيك احتفظي به بنفسك رجاءا
لتقول بغضب : أنا هنا مثلي مثلك سيدة المنزل، لست خادمة.
ليصرخ بها قائلا : واين عقلك وأنت تركيه يذهب لمكان بدون عنوانه حتي من باب الاحتياط، أين أنت ولكن لم اعاتبك، أنت لست أمهم ولست أما أصلا، شخص قتل ابنه كيف أنتظر منه أن يراعي أبنائي وفقط يخاف عليهم في غيابي
وهنا مات الرد نظرت له بوجه مقتول مدمر وجه شاحب عاد لعشر سنوات للخلف، كانت تهرب منهم، فعادوا فأول صفعة وقف واستجمع عقله وقال معتذرا : زهراء أنا أسف، حديث لم أفكر به قبلا، أنا
لتقول وهي تضع خاتم زفافهم بألم : طلقني رشيد لم يعد هناك شيء يقال
وحتي بدون حقيبة يد رحلت، بدون حتي تبديل ملابسها لأخري مناسبة أكثر للخروج وقف رشيد بصدمة من نفسه مع عجز والديه من إيقاف رحيل وفي الخلف نظرات صغيريه معاتبة له، الأخ يستند علي أخته ويعودان للداخل، وعلي الإفطار دلفت زهراء بوجه شبه شاحب شبه مقاوم، وأنور كان يناقش معه آخر تجهيزات منزله وهو يقول بصدمة : أظن لون القهوة جيد لصالة الإستقبال، زهراء صباح الخير هل اتي معك رشيد
قالت بتيه : لا
اقتربت منها يسر وثريا وهي تقول بإهتمام : هل أنت بخير حبيبي
لكنها لم تراهم، بل رأت دماء تعرفها وتهرب منذ سنوات من عقاب ضميرها لها، تجمد جسدها وتخشب مثل الخشب في الصقيع، أصبحت كل النداءات ضبابية، حتي سقطت أرضا مغشيا في تعب وشحوب وفزع الأخرين
.................................
أخذت خديجة سريعا الخطابات من سعاد وتوجهت لزهراء عندما علمت بمرضها وطلبتها خالتها يسر لتكن معها فحالة زهراء غريبة، والجد جبران القلق عليها أنتظر أن يأتي زوجها ويقدم له ألف سبب لحالتها زواجهما لم يتعدى أسبوعين، وألف خيال بشع يحيط بعقل الموجودين، جلست بجوارها خديجة وهي تضمها وتقول : زهراء هل أنت بخير
ولكن زهراء لم تنظر لها ولكن قالت بألم : خديجة لما لا يفهمون، أنا لم اقتله هو من رحل، أنا لم أكن في وعي لما لا يفهمون، لما خديجة لما
وانفجرت في البكاء، بعض الجروح تظل نازفة في الخفاء، وجرحها هذا دماء نزيفه سامة تقتل كل جزء فيها ببطء، رغم أحضان خديجة لها ويسر تمسح علي شعرها وتمسح دموعها ولكن لا شيء يوقف الألم
..........................
أنهي يعقوب إيصال التبرعات، وجلس مع رفاق صفي في المقهى، مازال هو وصفي علي بعض نقاط الخلاف ولكن في وقت لاحق يتحدثان، وانتظره أن يأتي بالطعام حتي يأكلوا ويعودا لأن الطريق طويل ولن يجدوا مطعم قريب وهنا جاء أحدهم قائلا : بعض الناس تتغير الدينا وهم لا يتغيرون
ليسأله أحد رفاقه : ماذا تقصد
ليقول شارحا : تذكرون أكمل الميسري حفيد عائلة الميسري المدلل هذا
هزروا رؤوسهم بنعم، ليقول الرجل مكملا: أنظر يا أخي تزوج وتخرج وعمل والفتاة كمثل هي من عائلة الجعفري الجنوبية المعروفة، ومازال عندما يراها يعود لأيام الدراسة يقف أمامها مثل طالب الثانوي، كان مشهور بقدر وسامته وأن الكثير معجبين به ولكنها الوحيد التي وضعت أنفه في التراب برفضها له، ليس عندي معلومة حقيقة السبب التقاليد أم رفضها لشخصه، تعلمون تذكرت إسمها خديجة الجعفري، ولكنها كانت فتاة مميزة ويشاد لها بالخلق والإحترام و
توقف عندما وجدت نظرات أصدقائه المصدومة، فظنها لوجود غريب بينهم ليقول : ما بكم، أعتقد أن رفيق صفي لن يأخذ الأمر علينا، نحن لا نعيب الفتاة، فقط نسخر بعض الشيء من غرور الفتي وكيف انتهي به الأمر عاشق بلا حول ولا قوة ولا نصيب وعاد النصيب لأبن عمها والله نسيت اسمه
ورفع له علبة السجائر قائلا : تدخن
ليقول يعقوب بقبول : لما لا
والكل في حالة صدمة، لا أحد يعرف من أين يبدأ، ليكمل الأخر بسؤال : لم نتعرف يا فتي
يعقوب وهو يدخن السيجار بشراهة وتحيط سحابة دخان أحرقت معها كل شيء : حقا لم أخبرك
هز راسه بنفي وقال : من أين الكريم
ليقول وهو ينفث دخان سيجاره : أبدا من الجنوب واسمي يعقوب الجعفري
تجمد الرجل في محله لحظة، لقد تذكر شيئا مهما الأن أبن العم الذي نسي أسمه يجلس أمامه الأن
حاول الرجل التوضيح فأشار له يعقوب بتحذير: إياك هذا ليس مجال حديث من الأساس
أعتذر الرجل وداخله يقسم أن يتوب عن أي حديث مشابه، لقد نجي عنقه بأعجوبة، ولكن هناك لم ينجو من حريق الغيرة
..........
.................. يتبع