الفصل الرابع عشر
أقيم ربيع قلبك وعمرك حين تريد، مكان ما تريد ولا تنتظر أوان الوقت، لأنه زائل وبحلمك راحل، فأقم نفسك حيث تعرفها، فالناس لا تقيم ولا تعدل
...........
ولا أحد يعلم ماذا حدث عندما تنقلب الدينا وتختلف الحياة ويتغير العرس بالكفن ويكون فصل الختام عروس بين الدموع والدفاع، تشهر سلاحها قائلة بقوة هاوية، مهتزة و خائفة "إن اقتربت سوف أقتلك"
لحظة وهو يضم مسبحته في جيبه، وهو يقول ثابتا : أتركي هذا عنك
عيونها رافضة، فكرر طلبه بصبر : إتركيه عنك
تقدم بثبات وأزاله عنها، وسط خوفها ودموعها سقطت ليقول بهدوء : هل أجبروك
نظرت لها وبشفاه مرتعشة قالت : وبماذا سيفيد قولي
قال بهدوء : قولي وعليك الأمان
هزت رأسها بخوف وشك بنعم ، ليلقي السكين أرضا وهو يقول : عليك الأمان، إنت هنا عزيزة ومكرمة، لا بأس عليك ولا داعي لهذا وأنت في جوارنا
تلاقت أنظار المحيط الهادئة بعيون الصحراء، تلك العيون بلون الرمال الذهبية، كأشعة شمس لا تغيب، وهو يتقدم وهو يرفع عباءته ليستر مفاتنها التي ظهرت من الفستان وهو يقول : إحتفظي بسترك في جوارنا، فعقد زواجنا باطل، وأنت لا تحلي لنا، وذهب ناحية الباب وهو يقول بلطف : أنا في مكان إن احتجت شيء
و رحل، طيفا كما جاء طيف، كل الاقتراحات والمخاوف تقبع بالزوايا، ماذا سيحدث غدا
........
هدأ الحدث، ولكن قلبه لم يهدأ وأخذ يضرب بكل قوته، يصفع، ويتألم في النهاية، أخته، لا تحمل ماضيها لا، تحمل عار، كاد يقتلهم لولا تدخل المنتصر بشدة ليمنعه، فخرج والشيطان خلفه والغضب أمامه، وعيون مقتدة وقلب يصارع، وبينما الجميع يتجهز للسكون، للراحة، أغدق غضبه علي الضحية، ففتح غرفتها بعنف وجذبها من خصلات شعرها بغضب وهو يسبها قائلا : أيتها العاهرة، قليلة الشرف
دفعته في لحظة غفلة وصرخت بلغتها الأم: ابتعد عني " (Vatten)
غضب وثأر وصفعها صفعة سمعها المنزل كله من قوتها، سمعها الجدران والصور والأثاث ومن تواجد من البشر، لحظة تدور في المكان، لماذا أتت هنا وماذا يحدث، هل هربت من الموت لتجده بطريقة بشعة أكثر، انحناءة بسيطة قبل تواجه وتقف لترفع رأسها قائلة بهدوء : ماذا تريد، قتلي ليبقي ثوبك نضيف، ثوبك ملطخ، ثوبك نجس
صفعة أخري وغضب قائلا: أصمتي
وهنا فاض الكيل وقالت : "È impossibile"Non prima che tu e tuo padre sappiate che il tuo cuore e la tua anima brucino come me, che questa sia la fine di tutta questa sporca storia, Sono stata violentata, e mio zio si è impadronito di ogni centesimo che ho mandato, e mi ha venduto più di una volta e mi ha mentito, scappavo da lui per trovare il peggio, cercavo di vivere con onore e lavorare anche come cameriera, ma lui era sempre dietro di me, minacciandomi di uccidere il suo sporco assistente che era stato il primo a cercare di uccidermi vivo, e mi illudeva di essere con me e mi vendeva una, due e tre volte, dove ero, pensi che se andassi ciao, né Una volta non per te, per mia madre che è stata uccisa perché ha cercato di scappare con me e vivere libera, ho vissuto nella malattia e nella povertà e nel dolore, ho lavorato come domestica" (مستحيل)، ليس قبل أن تعرف أنت وأباك عسي يحترق قلبك وروحك مثلي، عسي تكون هذا نهاية كل الحكاية القذرة، أنا أغصبت، واستولي خالي علي كل قرش أرسلته، وباعني أكثر مرة وكذب عليا، كنت أهرب منه لأجد الأسوء، حاولت أن أعيش بشرف وأعمل حتي خادمة، ولكن كان دائما خلفي، يهددني إني قتلت مساعده الوسخ الذي كان أول من حاول أن يقتلني حيا، وأوهمني إنه معي وباعني مرة وإثنان وثلاثة، أين كنت، هل تظني إن ذهبت مرحبة، ولا مرة ليس من أجلك، من أجل والدتي التي قتلت لأنها حاولت أن تهرب بي وتعيش حرة ، عيشت في مرض وفي فقر وألم، عملت خادمة ومربية وكل شيء، لم أتعلم مثلك، لم أجد من يدافع عني، الجميع طمع بأشكال مختلفة، جميعهم ذبحوني من الوريد للوريد، أراهم يحيوا وأنا أقتل، وأخرهم فيليب وكأن أحد زعماء عصابة الشارع، نظف ثوبك بقتلهم ثم قتلي، أليس هذا قانونكم"
وقفت وجسدها ضعيف مرتعش وعيونها دامعة، شعرها مشعث من تجهمه، ووجها مصفوع ينبض خديه بألم وشفاه نازفة، جميعهم جمدهم الوضع، فهم من فهم والباقون شعروا أن الأمر جلل مما يحدث ويمس سمعة العائلة، لا يوجد قيود ولكن جميعهم مقيدون بحبال الصمت والفراغ إلا من الألم، جميعهم لا يحملون لا شئ غير الألم، يتذكر المنتصر والمعتز كيف وصفوا أختهم بالعاهرة وهي خطيبة سيدهم وهو أراد أن يسترد حقه، يسترد حقه من مسلوب الحقوق، التي قبلت أن تعمل خادمة بدون أجر لمدة عام، حتي تحصل علي مكان في حاوية بضائع، تذكر هربت خائفة ودبرت حق الطعام والشراب بسرقه حقها ومالها من خالها الفاضل ، رحلة صعبة ما كانت تنام فيها الليل خوفا من تكرار الماضي، تلك العيون تعكس الماضي والألم والشرخ والحزن، أي حزن هذا قهر، تلك العيون الملونة بلون الغاب، أصبحت كل الألوان سواء من زاويتها، كل الأنفاس ثقيلة، وصوت المنتصر خرج ثقيل وهو يطلب من زوجته أن تأخذها لغرفتها للراحة : نقاء خذي ساديش لترتاح في غرفتها
دثرتها بشال وقالت لها بلطف : هيا يا جميلتي
ووقع الكلمة كأن نياط، لذكريات أليمة، ليقول صالح بتيه : ولكن خطاباتك برفضك للعودة
ضحكت بسخرية وألم والدمع شاهد : وهل تعرف خطي، ولو كنت تراني حقك أو ابنتك أو أهمك ما كانت اكتفيت بها
حاول رفع الخطأ عنه قائلا : لقد ذهبت لزيارة مرة، بعد وفاة والدتك وخالك أخبرني عزوفك عن هذا حتي أن ذهبت لأقاربكم لجنوب البلاد و رفضتي إستقبالي
لن ينسي صالح هذا النظرة أبدا ما دام يحيي والأنفاس تدب داخل روحه وهي تقول بصوت القتيل : حقا، ولما لم تبحث عني، لكنها كانت تأدية واجب، قال خالي، إنك لا تردني وإن عار عليك، كذبته وحاربته وضربت بسببك وذهبت للمشفى وأنت أتيت ترمي فتات أموالك وترحل ولم تعد، أكثر شيء ندمت عليه إني بعت عام من عمري خادمة حتي أحصل فرصة لأراك حتي أكرهك أكثر، هذا وإن كان مازال حقي
يتذكر عندما حدثت مشكلة في القوافل، وعلق في تلك البلاد، عرف حورية من بلادهم الإبنة طبق الأصل من أمها، تذكره بأحلام أخري رآها ولم تكن له وعاش يجر أمواج من السراب والصبر، خدعته مشاعره وتزوجها، وما لبس حتي آفاق علي ماضي الحورية و فحاربته غيرته، فترك أخر أحلام هواه، وطلقها، وقبل رحيله بعثت له أن خطواتهم التي لم تكتمل اكتملت بجذور مشتركة، ولكن لم يعد وبعث لها المال وهجرها، خوفا أن يخونه قلبه وأن يبقي يصارع غريبا عن روحه وقلبه ووطنه، فكر إنه ربما يدعوها لبلاده ويساومها علي المال ويأخذ طفله وتربيه زوجته، إبنة عمها في الأساس، ولكن الحورية الفاتنة كانت ذكية وتعرف نواياه، فرفضت وظلت بينهم حرب باردة، فمنع عنها المال، ولم ترد عليه بعدها بخطاب، حتي صفعه حديث الحديث زهران مخاطبا ومحذر من فعله وعواقبه وعقابه شرعا، ومنعه وأخبره " إن لم تفعلها من مالك، أرسلت من مالي" فرضخ وقام يرسل لها، ولكنها لم ترد عليه بخطاب أخر، لكنها مرضت بالسرطان وعرفت المرض بمرحلة متأخرة، وما لبست ابنتها أربع أعوام، وأخذتها تتمشي قرب إحدي الشواطئ، فوجدت أمها ساقطة علي بسلام، قتيلة والناس حولها، ذهبت لتلعب معها لعبة الاختباء في الجوار وعادت لتراها راحلة، ومن يومها وهي تلعب تلك اللعبة دائما، وفي عمر العشر عملت، إن من قتلها كانت زوجة إحدي الناس التي تزوجتهم والدتها وكان مجنون ويفكر بالعودة لها، فعلمت زوجته، فقتلت والدتها التي حاولت أن تربيه علي كل ما فقدته، وماتت الأحلام بعدها، فبعدها أخذت تعمل لتنفق علي حالها، وتبجح حالها وقال " المال الذي يرسله والدك قليل ونادر ما يرسل، وأظنه ثمن إقامتك"، جليسة أطفال، خادمة، بائعة غي في محل، خادمة في فندق، تنظف الحدائق، في صالون تجميل، في الحقول القريبة، أي شيء وكل شيء عملت لتحيا ولكن في كل مكان رأت فيه حروب وإستغلال، فحاربت وحاولت منع كل الأيدي القبيحة، ماتت الأحلام بالتدريج حتي ماتت صاحبتها، واليوم يوجد ثلاث قتلي اثنان، نظراته مصدومة للسبب، أباهم وقدوتهم، إن أمر علي موتهم فعلوا بلا مشاورة، تلك العيون الساهرة تريد أن تسأل ألف سؤال، فهروبه من شخص، في لحظة، قتل أخر، وقبل أن يقال أي حديث رفع أذان الفجر ليغلق الباب، حتي يحين المعاد له....
أما هي ظلت علي حافة الفراش، كعادته علي حافة الأشياء الموت، الحلم، والحياة، لكن الرحيل كان الأساس وليس الحافة
.........
استيقظ من أجل صلاة الفجر، ولكنه لم يجدها جواره، بحث بعينه حول الجناح ودلف المرحاض ولم تكون هناك، وقتها قادته قدمه لمكانها، ففتح باب الغرفة بهدوء وهو يراه تضم دمي وألعاب صغيرتهم التي رحلت اليوم، وليضمها وهو يمسح علي شعرها قائلا بحب : ما بك حسناء، لما الدموع، صغيرتنا تزوجت و بينا وبين منزلها عشرون دقيقة
لتقول وصوتها يملأه الشوق: أول يوم تبتعد عني، أول مرة أدخل أراه لا تصمم لعبة او تلعب بهم، كانت هنا تقرأ كتاب وهنا يجتمعوا هي والفتيات مع بعض، هذا الدب كان المفضل لها و
قطع حديثها وأشاراتها علي الأماكن والأحداث وهو يقول بمراعاة : أعرف، ولها بسمة أجمل شيء تبدأ بيه يومك، وخدود هذا الذب المكتنز، وعليها محي وحديث ترق له الروح، وكانت حنونة وطيبة ومحبة مثلك، وأشياء لا تعد ولا تحصى، ولكن عسي كل الأشياء تظل لها ويجلس هنا أبنائها يلعبون مع باقي أبناء عمومتهم، أن تكون سعيدة مع من تحب، تبني بيت وعائلة، وتسعد ويسعد بها، كل هذا أحلام تحقق وتمنيها كثيرا، والحمدلله تحققت وفي وقت أقصر من خيالنا، والقوم أستقبلوا أبنتنا أحسن إستقبال واخواتك كانوا حضروا
قالت بإعتراض : لا أعرف من الظالم الذي يمنع أن تذهب الأم ليلة العرس لمنزل إبنتها
قال وهو يضحك : حتي لا تخطفها أمها عندما تدرك أنها لن تبيت في غرفتها وستتركها
لمكتها في صدره، فضحك وهو يقبل رأسها قائلا : هيا علينا برعايتك تحضير إفطار عروسين وحلوى إستقبال، عندنا الكثير
قالت بضجر وهي ترفع شعرها علي شكل كعكة : عساها يثمر في إبن الطحان
ضحك وهو يخرج ليستعد للصلاة ويلحق بأباه وهو يكرر واحد " يتغير الكون ولا تتغير مشاعر حسناء تجاه إبن الطحان"
...................
يحكي بين الأسطر كانت حكاية شوهها الزمن، وصبر القلب طمعا في الغد الجميل، فطمع الغد وغدا الجميل ثري، تقوم عزيزة أخت بشير الكبرى، تلك الجميلة وأمه قلبا وقالبا، كانت تراعه منذ الصغر وزاد اهتمامها حتي بعد زواجه الشنيع كانت تقيم أموره ولا تقيم للدينا أمر، تذكر حظ والدها الذي رزق بها، فتاة عرجاء وقبيحة مصابة بالحول، ومن بعدها فتاة أخري وقديما في الجنوب كان أمرا ليس مستساغا كثيرا ولكن شفع لأختها جمالها ولكنها لم يشفع شيء، وحتي جاءت البشري وكانت بشير ذاك الفتي الأسمر الذي شابه أباه بقوى البنيان والجسد، كان جسده يسبق عمره بالكثير، وهي أحبته وأهتمت به، وخاصة أنها كانت تخفي قصرا عن كل التجمعات، بأمر من الوالدة وهي كانت تعلم السبب، السبب الواهي والسبب الحقيقي، ولم تنشغل بهم كثيرا، وفي زهور الشباب تركت والدتها الحياة، وتولت هي أمر المنزل، ورعاية الأخوة وأباها الذي تزوج بسيدة طيبة كانت تعاملها جيدا، ولكن أيضا بسبب، حتي تزوجت وعادت أرملة بطفلها تواجه المزيد من أجله، حلمها هذا الولد الذي هو في الخامسة عشر، ليس بشر يكبر بل حلمها وروحها وكل مر في بالها ولم يحدث، وهو أن يكون سعيد، عسي ما زرعته في بشير تجده فيه حين تفارق وتقتل كابوس حياتها بمقولة " لا ينجب القبح، زهرا"، ولكن ابتسمت الأن عندما رأته وهو يناولها وشاحها قائلا : هيا أمي، نريد إيصال فطور العروسين
وضعت الوشاح وحملت الخدم الصناديق الخاصة بالغذاء وخرجوا وهي توصيه : عادل، سنذهب لنبارك لخالك، ألجم لسانك ولا تشاكسه إبنه
قال بحماس وهو يركب جوارها وجدهم في الأمام وزوجته جوار والدته : أمي سيقام لي زفاف كبير مثل خالي
ابتسمت للخاطرة وهي تقول : إن شاء الله يقام لك زفاف يكون حديث الجنوب كله مثلهم، أمرك عادل أفندي
ليقول بغرور : وعد أن اتزوج أجمل فتاة في الجنوب
لتضحك زوجة جده قائلة : علما ستتزوجك أجمل فتاة في الجنوب
رغم سهام الكلمات تجاهلها قائلا : لا عليك يا خالة، غدا تعرفين
ليسكتهم الجد قائلا بحزم : ألا تكفون عن الحديث
.... وعند وجدوا أنفسهم وصلوا مع وصول اهل العروس، ودخلوا جميعا بالزغاريد وكان خلفهم رشيد وابنه ماجد ورحيم إبن بشير الذي أقام أمس ليلته نعخ، وذهب الفتي بعكازه يضم مباركا زواجه وهو يشاكسه قائلا : مبارك أبا العز العقبي لنا
ليأتي عادل ويبارك له وهو يضم : مبارك عليك وعلينا يا خال ونعم النسب والعروس والله
ونظرات مواجهة خفية بينه وبين رحيم، لم يلتفت لها أحد في زحام المباركة ولكن رحيم تجاهلها وهو يقف ويجلس بعدها بجوار والده بفخر، وكأنه يجيبه، أن حديثه بلا قيمة، وأن والدته ليست عار يختبئ منه، وعلي الأقل والديه كان يرغبان به بكل عيوبه وليس مثله، وعلي الجانب الاخرى كانت حفصة رتبت الغرفة وأخذت عيدان البخور لتعطرها، فوجدت الباب يفتح وتدخل منه زهراء ووبال من الزغاريد خلفها، فضمها زهراء بعناد لحسناء :أنا من ضممتها أولا
وتضحك حسناء وهي تتذكر ركضها علي السلم من أجل هذا وتبعد وهي تضم إبنتها بحب : اتركي مساحة للفتاة لتتنفس ما هذا
لتقول يسر بمحبة : ما شاء الله مثل البدر، مبارك يا صغيرتنا ورفعت ذراعها ولتضمها الأخرى بسعادة، وتقول عزيزة بمشاكسة : أليس لنا أي شيء زوجة أخي
لتبتسم لها حفصة وتقول بمحبة : لك كل جميل أنت والخالة، وضمت الأخيرة وقبلتها من خدها بمشاكسة
لتقول يسر : هيا نذهب نعد الضيافة للرجال لتقدمها العروس
وتأخذ في يدها زهراء ويتبعها الآخرون ليتركوا بعض الخصوصية لهم وتقول زهراء بإعتراض : لم أفهم انا هكذا.
تضربها يسر علي كتفها قائلة : تحشمي يابنت
وفي الغرفة وحفصة تختار وشاح يليق بفستانها سألت والدتها قائلة بتحقيق : كيف الأحوال حفصة
لتدعي حفصة الغباء وتقول : بخير أمي، وكيف حالكم
ضربة خفيفة علي كتفها وهي تقول : والله حفصة لا تدعي الغباء، كل الأمور جيدة
نظرة نفاذ الصبر تعرفها جيدا، فقالت بخجل وصوت منخفض : كل الأمور جيدة لا تقلقي
ابتسمت والدتها علي خجلها وأخذت وشاح وهي تضعها علي رأسها وهي تقول بمشاكسة : حسناً، خذي هذا، يليق علي خدي الطماطم هذان
لتقول حفصة توتر لوالدتها : امي والله أخجل أن اهبط وأقدم الضيافة لهم
رفعت والدتها وجهها وقالت وهي تدعمها : ولما القلق، والله لن يروا أجمل منك عروس، لأ تخافي وتجعلي خجلك يفسد الأمر، لأن أمامنا خمس دقائق ويصعد يعقوب ويخطفك
لتقول حفصة وهي تنهي حجابها : والله سأشتاق لصباحه
لتجيبها وهي تصبر حالها وتقول بحنين : رغم شوقي لأزفك عروس، لكن فراقك مر، ولكن كله يهون من أجل سعادتك و ابتسامتك الحلوة تلك، وهذا المنزل الذي ستقيمه علي الخير ان شاء الله، لا تقلقي عليه سيظل يوم، يومان يتفقد مكانك وسيتعاد، هو نفسه إن غابت خديجة يصدع رؤوسنا عن غيابها، هيا حتي لا نتأخر علي جدك
ووسط حديثهم طرقة خفيفة، تهلل وجه يعقوب عندما سمعها، فهو يعرف صاحبتها منذ عمر، ودلفت ورائه الخدامات لتقديم الضيافة، وبدأت بجدها وهي تقول بخجل وحب : تفضل جدي
أخذها بأبتسامة وهو يقول بمحبة : زاد فضلك يا ابنتي
فوقف يعقوب بعدما قدمت كأس العصير لحماها وأخذ الصينية جعلها تضحك وهي يناولها للخدامات ليكملوا عنها وهو يقول : عذراً منك، سأجلس مع أختي قليلا
كاد والدها أن يصفعه برصاصة، ليقول يعقوب وهو يمسكها من يدها : تعالي ندرس الحديقة لمعرفة أنسب مكان لأرجوحتك
ورغم ندائه له : يعقوب، عيب
أخذها وتركهم واخذوا يتجولوا وهو يخرج ورقة وقلم ويدرس ويقترح عليها أنواع الأزهار وشكل الارجوحة وغيرها من الأمور التي تفضلها، ليقول أباه للحمع معتذرا : أرجو ألا تأخذونا، يعقوب لا يملك غيرها أختا، ولم يعتاد بعد فراقها وخاصة أن الأمر تم سريعا
ليقول بشير بهدوء : لا عليه، وسأتفق معه علي النواقص لتجهز في سفرنا وتكون موجودة حبن عودتنا.
ليقول عادل بحماس : سأتبعه معه، لا تقلق خالي
ليقول بشير بدعم : حسنا، سأعتمد عليك
ويقول ماجد بطلب : عمي بشير هل يمكن لرحيم أن يقيم معي حتي عودتي من سفرك
حاول بشير وهو يقول : لكن
ليقول رشيد بود : بلا لكن ولا غيره سيبقى معنا حتي عودتك، وأخبرك أريد وليمة حين عودتك تغفر لك كل التعب الذي بذلناها.
ليضحك بشير وهو : من عيوني، أرجو أن يكفيك في النهاية
ليقول رشيد : دعونا نحكم وقتها
وهنا قال الجد وهو يضع فنجان قهوته : وبعد تكرار المباركة لأبننا بشير و توديعهم قبل سفره ، نستأذن للمباركة أيضا لأبننا صهيب
ليقف بشير هو وأباها والأخير يقول : والله ما شبعنا من جلستك يا شيخ زهران
ليقول الأخير بود : صار أهل، وستكثر مجلسنا ونعوضها لا تخاف
ومع توديعهم للحضور، كما توقع صافي وايوب وجدوا يعقوب يجلس مع اخته بجوار إحدي الأشجار الكبيرة، وتوقعا مكان الارجوحة الجديدة، لينتظره صافي ويتقدم أيوب قائلا بنداء : يا أولاد، تعالوا هنا
لتتقدم حفصة وخلفها يعقوب، ليقول أيوب بسخرية : تختبا ورائها مني، لن اعاقبك هنا، أنتظر حين نعود منزلنا
وحاول ضرب كتفه، فهرب للخلف وكادت تصيب أخته، تمسك ذراع أبيها وهي تضحك قائلة : أبي دعه من أجلي، رجاءا
ضمها وهو يربت علي ظهرها ويقول بحب : من أجلك فقط
ويأمره قائلا : هيا إسبقني للسيارة
ليطلب منه قائلا : أضمها مودعا حتي
نظرة أستنكار من أبيه وتنتهي بالأمر وحاجبه مرفوع، ليغادر الأخر وهو يضرب كف بكف ، لتقول حفصة برجاء : لما حبيبي والله ما كان يقصد
ليقول الأخير بضجر : بالكاد الا يرقص امس ويفضحنا في العرس، دعك منه
ونظر لها بحب في لحظة تذكر كل اللحظات من اول يوم حتي أمس، كل الضحكات والبسمات الحلوة وأخرهم هذا الإبتسامة وهو بصوت دافئ : سعيدة حبيبتي
ويده تداعب خدها والآخر تمسح علي خصلات شعرها النافرة من الحجاب، لتبتسم بخجل وتهز رأسها بنعم، ضمة أخيرة وهو يقول بدعاء : عساه دائما يارب
وتمشيا معا لباب المنزل حتي تودع والدتها، ليلحقوا بأهل الدنان ليباركوا لصهيب
..........
وفي تلك الأثناء كانت زهراء تقف نع الوالدان رحيم و ماجد وهما يشرحان لها طريقة شعبية يلعبها الأولاد وسمعتهما يتحدثان عنها، ليسمع دندنة بشعة الصوت من بشير وهو يقول : عن العشاق سألوني
لينظر له بتعجب و إنكار وهو يقول : حقا، أهتم بشؤونك يا عريس، بدأ العشق يفسد عقلك
لينظر له الأخير بإستنكار وهو يقول : افضل من أن يفسد قلبي، وحديثك هذا لم أشتريه، ولكن لست متفرغا عندي شهر عسل
ضرب رشيد كف بكف وهو يقول للأولاد : هيا سنغادر
والتقي بها قائلا بهدوء : صباح الخير زهراء، أجدك تعافيت ما شاء الله
جاملته ولم تكلف نفسها حتي الابتسام وهي تقول : شكرا، ألقاك وقت أخر يا أولاد
واستدارت للجهة الأخرى لتجلس بجوار جدها وهي تحدثه عن تصميم المصنع الذي سيفتتح قريبا في إحدي الدول بالخارج لها ولأنوار وبعدها عن عرس فريد و خطبة أنور المترقبة، في نفس الوقت سمع رشيد ضحك بشير الذي يكتمه صعوبة وسط تعجب وتخمين الوالدان.
............
ولحسن الحظ سبقوا آل الدنان بدقائق وسط إستقبال حافل من الطرفين، أخذا يكرران نفس المراسم، مباركة الطرفين وتجهيز الضيافة واستقبال المباركين من الطرفين، علي عكس بشير الذي أجل اخر خطوة لسفرهم مباشرة في منتصف النهار، جلست يقين تخفي توترها عن والدتها وهي تلقي شراشف الفراش قائلة بتقرير : حتي لم يسأل او يشمئز من علامات الضرب وعلامة الحرق في كتفك ولم يسأل عنها
اجابت الأخيرة بكذب وقالت : سأل وأستطعت أن أعطيه إجابات مختصرة
لتقول والدتها وهي تضع ساق فوق الأخر : إذن أخبرني أقيمها
حاولت يقين إخفاء واختلاق أسباب وكذبات وهي تقول وهي تفرك يدها اما الضرب قولت له علامات قديمة وعلامة الحرق، أخبرته أنها حدثت بالخطأ يوم حفل شواء لنا مع الفتيات
تعجبت البتراء من بشاعة تصميم الكذبات وهي تقول بإستنكار وهي تضع اثنان من إصبعيها علي زاوية فمها وحاجبها مرفوع وصوتها مستنكر : وهو صدقك
قالت يقين بحلق جفاء : ربما مررها لي
لترفع البتراء وشاحها وهو تهم بالمغادرة : لا بأس، حاله كحال كل الرجال، تفكيره واحد، ولكن أظن أعجبه ما رأي،
واختتمت حديثها بأمر : أتبعني، تأخرنا علي الجمع
هبطت خلفها بحزن وتوتر، وتجامل الموجودين وتقدم الضيافة لهم ووقفت برعب وهي تسمع خديجة ترحب بوالدتها قائلة : أنرت منازلنا خالتي البتراء
لتقول الأخيرة بثقة : جميعها أصبحت لنا جميع ابنتي
ايماءة من رأس خديجة وهي تقول بتأييد : صدقت خالتي، ما بك يا تقف بعيد، تعالي أنري مجلسنا
لتقول الجدة وهي تضمها بمحبة وتجلسها حوارها : ما شاء الله، مثل القمر يا ابنتي
لتأتي إحدي الفتيات تعلن إنهاء ضيافة الرجال : الضيافة انتهت سيدتي
لتقول البتراء وهي تناول يقين وشاحها قائلة : امسكي وشاحك وقدمي ضيافتك يا ابنتي
توترت لحظة وهي تمسك الوشاح ترفعه علي خصلات شعرها وهي تقول : حسنا
لتقول حسناء بمحبة : لا تخافي هكذا
مجرد أكواب عصير
وتقول زهراء وهي تضع يدها علي كتفها وتشاكسها : لا تقلقي، جدي لا يأكل كل السكاكر
لتقول الجدة بدفء : هيا ابنتي، حتي لا نتأخر عليهم
هزت رأسها وأخذت صينية العصير من المطبخ وتبعها الباقون من الخدم بباقي الضيافة في تلك الاثناء، كان صهيب يجيب علي إتصال عاجل وصله، وهي تمشي وتسمع ثرثرة الفتيات من خلفها، كادت أن تطلب منهم الصمت ولكن رأت في إحدي المرايا في الممر أن أحدهم يقبع في إحدي الأشجار ويحمل سلاح، وهي تتابع مسارها وجدت بالخلف صهيب ويمشي بهدوء، ونظرة أخيرة وسط انشغال الجمع بالحديث وجدت القناص يستعد للإطلاق، لحظة والاخرى وبدون تخطيط مسبقة تعثرت وسقط كل شيء عليها وجرحها الزجاج وانزلقت أسفل السلم الصغير وسط خوفها وجهلها حسن التصرف، لتأكدها أن لابد من أن أهلها لهم يد في هذا، خطوات صهيب السريعة إليها لم يخطط لها القناص حين ضرب ولم يصيبه، وسط صدمة الكل وفزعه وكل ما كان يدوى في الاجواء، زجاج مكسور وسقوط وجرح وصوت رصاص دماء..... يتبع