الفصل الثاني والعشرون
يومها يمضي بين مداعبة قطط رقية وبعض دروس التحفيظ التي تحضرها معها، حتي طالبة فيها، وبعض الوقت مع خديجة، وتزورها نقاء وتقضي بعض الوقت كل يوم، بدأت تتعافي، وكل تأتي زهراء تعرض عليها أخر التعديلات وأحيانا الجلوس والحديث معها وخطابات أنور وبعض الأشياء المفضلة، بين تشاور بين زينة وتسريحة الشعر ليوم عرس فريد، وبعض الأخر تذهب مع الصهباء في زياراتها الدائمة ليقين، للاطمئنان عليها والاستماع والاستمتاع لأخر قصص سميرة ومغامراتها، للحظة رأت في يقين جزء من ماضي مشوه، ورغم محبتها لخديجة والأكثر قرب لها، لأنها أول من أخذ بيدها بينهم وكأنها ليست غريبة، أعطتها حرية الخيار، يحلم الإنسان ببيت، عائلة أصدقاء، تتجمع النقط معها حول خديجة، دليلها الشامل لأي شيء تود السؤال عنه، رغم لطف الجميع، تألفها أكثر ورغم هذا تشعر بإشارات مقتضبة بينها وبين يقين، سكون وصمت ملئ بالقيح بينهم ، وهي تداعب القطة وتتذكر تلك الأيام الغريبة والأحداث سريعة الوتيرة، لا تصدق، ولكن في شرفة الغرفة تري رقية تقرأ خطاب وتبتسم ويبدو أنها تعيده، تلك النظرات التي تحط علي كلمات وجمل معينة تعشقها، اقتربت منها واحاطت عليها من الخلف وقطع الصمت بنداء هامس : رقية هل أنت معنا أم هناك معهم
ضمت الخطاب و أخذت تطويه وتعيده مكانه وهي تقول : اطعمتي القطط
لتقول ساديش وهي تحيط بها مجددا : نعم، أين كنتي
أخذت تنظر لها قائلة بطلب : نذهب نطمئن علي ضيفتنا
لتقول ساديش بهدوء : والدتها عندها
واحتضنتها من عند كتفها قائلة برجاء : رقية الن تحكي لي شيء
تقدمت رقية لخزانتها وأخرجت صندوق ووضعت به الخطاب بهدوء قائلة :تبادل أسرار يعني
جلست بجوارها لتقول وهي ترفع و تقارب اصبعين لتعطي مقاربة لهما : بعض الفضول، بهذا القدر
لتضحك رقية قائلة بهدوء : هذا الخليل أبن عمتي فاطمة، يعني نحب بعضنا منذ الصغر
لتقول ساديش بعفوية وتساؤل : ولما لم تتزوجا
وردت مسرعة مصححة : أقصد يعني، أغلب العلاقات هنا زواج، خطبة، و هناك شيء مثل... اممم لا أذكر
لتقول رقية مبتسمة : قراءة الفاتحة، أو شرب الشاي، هذان أيضا وعد بالزواج لكن مبدئي جدا، وام نتزوج بسبب الحرب هو يريد أن نتزوج بعدها، بعد أن ينتصر ويعود منها سالما ان شاء الله
لتجلس بجوارها ساديش تربت علي كتفها قائلة : لا تحزني رقية، سيعود وسأزوج ابني ابنتك
لتضحك رقية قائلة بمزاح : ما شاء الله، توزعين الأطفال أيضا، تعالي أيتها الجميلة
وأخذت تزغزغها وهربت منها ساديش وبدوا حرب الوسائد وانتهوا بعدها بمداعبة القطط وبعدها هبطوا لساقية الزهور في الحديقة، يتخلص كل الأمر في الأمان، كل شيء حين يأمن يزهر
..................
انهت خديجة زينتها وترتيب فستانها، وهبطت تتأكد من كل الأعمال الخاصة بالضيافة والتقديم، ساعدتها والدتها قليلا وبعدها ذهبت ليقين والآن عادت لتقول لها : ما بك، اهدي
خديجة وهي تتأكد من كل شيء سريعا : أكره المفاجأت في مثل تلك الأمور أمي
لتربت علي كتفها قائلة : أنجزت العمل بسرعة وكل شيء يبدو مرتب، هيا استعدي ضيوفك
لتصحح لها قائلة وهي تخرج : ضيوف حسناء يا عمري
وهنا سمعت صوت حسناء ترحب بهم، تبعتها خديجة في الترحيب و الإستقبال ، جلسوا في مجلس النساء وبين الأخذ والجذب والسؤال عن الأحوال والعنوان من الأمس ومراد غد، وبعض النميمة، قالت خديجة بحبور وهي تدعوهم للغداء :الغداء جاهزة خالتي حسناء تفضلوا
وعلي المائدة كان الجميع وقالت سجي زوجة حال يعقوب الأكبر : كما أقول لك، كانت حسناء أصغر فتاة لعمي رحمه الله، وكانت مدللته وأصغر فتياته، واتت له في سن الخمسين وكان وقتها رزق بأحفاد
ورغم أن عمي زوج كل أبنائه في سن مبكر لتسيره حاله ما شاء الله، لكن حسناء لا لم يكن يريد أن يزوجها، رغم أن العادة في العائلة أن في السادسة عشر تتزوج الفتاة، إلا هي كان يماطل
لتكمل أخت حسناء طيبة ضاحكة : كان هو من يخرج العيوب هي وأمي من كل عريس، حتي زاره الشيخ زهران وما وجد عيب يذكره.
لتكمل فادية بتأكيد : وهي كان يعجبها الأمر وتتشرط وتدلل حتي اتي أيوب، وما وجدنا الشروط ولا غيره، تزوجت في شهرين، التي كانت سنة علي الأقل خطبة
رفعت حسناء شعرها للخلف قائلة بهدوء وتجاهل : أمور عجائز لا تصدقينها خدوج
نظرة جماعية لبعض البعض وانفجروا ضحكا، صدمت خديجة وقالت بذهول: صدقا أن الأم بير لا قرار له
لتقول سجي وهي تعيد كوب الماء مكانه : والله كنا ننتظر مقالب يعقوب، أكثر من زواجكما، ولد مشاغب ومطيع وكل شيء وعكسه، علي رأي زوجك حسناء وقد ذكر لنفسه الخير، ولد فاسد
لتقول سكينة وسط ضحكاتهم وهي أكبرهم عمرا : ربما سجي ولكن أصله صالح ليس مثل بعض الناس
كادت عيون خديجة تخرج من مكانهما، لولا يد والدتها التي ثبتتها وامرتها بالصمت، لتقول هي بهدوء : يقولون أن طيبة أمهر طاهية في الجنوب، كيف وجدتي الطبق الرئيسي وهو معد علي طريقة السواحل ليكن في علمك
لتقول طيبة وهي تقول بتساؤل: من أعده أولا
لتشير حسناء لخديجة، لتقول هي : تعجبت الا في طبق الفتة وخلطته أهم مكونين، لكن إذا كان هكذا سلمت يدك، هناك ملاحظات قليلة
قالت خديجة بهدوء : لا أخبرني إذن
قالت بشرح : هو امر بسيط بالتعود ستدركين مقدار البهارات علي اللحم وخاصة الفلفل، تسوية جيدة والزيادة في تسوية اللحم لا تضايق، ولكن علي عكس الدجاج في صنينة البطاطس، يبدو أنك ازدتي التسوية، والسلطة من الأفضل أن تكون مكون يجهز هي والطحينة حتي لا يفقد الطازجة ويوضعان علي التقديم وعلي السفرة إن استطعت وقتها ضعي الملح والفلفل وزيت الزيتون كما تفعل سجي ابنة الزيتون، والخبز عند تحميصه حتي يصبح هكذا مقرمش، ضعيه الزيت حار وقدر أكبر من حجم الخبز حتي يكن الأمر أيسر في التقليب والتحميص، وبالنسبة
قالت خديجة برجاء وابتسامة : شكرا خالتي، فعلا لا يفوتك أدق التفاصيل
لتقول حسناء داعمة : أختي طيبة هكذا من صغرها أمهر من يطهو ولا يفوتها مقدار زيادة ذرة ملح، حتي علي
لتقول طيبة بهدوء وهي تأخذ قطعة لحم وتمضغها :لا أحب المدح الزياد
لتقول خديجة وهي تزيد لأحدهن طبقها، رغم رفض الأخرى: أخبري يعقوب خالتي لا نعرف من أين ورث الغرور
لتقول الأخيرة باسمة : حبيبي دعيه، يليق صاحب الوجه البشوش
لتقول سجي مؤيدة : مثل قطعة السكر يذوب في قلوبنا
لتقول سكينة وهي تقلب في طبقها : وما يضايقك أيضا خديجة
لتقول خديجة بهدوء : يضايقني، لا خالتي لما يكن، أنا أتحدث وامزح فقط
لتقول سكينة بهدوء وسط صدمة وتخوف الأخرين من الحوار الجاري :إن كان يضايقك أخبرينا لنري عجائب الزمن تزداد واحدة
لتقول سجي بمزاح : ما بك سكينة، وعجائب الزمن زادت فعلاً، هل أعجبك الفستان الذي اهديته لك، طرزت الأطراف بنفسي
لتقول خديجة بشكر وبسمة : أنه رائع أروع ما رأيت، حقا إن رأته زهراء ستعلن الاحتكار عليك وخطة مشروع جديد لها
لتعلق سكينة برود : لكن أين سترديه، أنه كثير العري
لتقول خديجة كمحاولة أخيرة لضبط النفس : عادي خالة، ارتديه مع الفتيات، لنفسي، لزوجي حتي، لن أخرج به
لتقول سكينة بهدوء : ونعمة الحياء يا ابنة الصهباء
لتقول بنفاذ الصبر : أسمي خديجة الصديق وإن كنتي من المقربين فأمي أسمها سمية أو أم صهيب، تخيري ما يناسبك
لتقول الأخيرة :ما نعرفه نقوله يا ابنة الصهباء
لتقول سجي لتخفف الاختناق في الحديث و الأعين الناطقة بالتحدي : وحدا الله يا جماعة ما بكم، رفقا بالعروس سكينة أختي ما بك
لتقول سكينة بهدوء : لم أقل شيء، فقط أذكر العروس بالأصول
لتقول خديجة بعيون غاضبة بوميض يلعن عن نيران في الداخل : لا يبدو أن العروس من نست الأصول، لكن لا بأس السن له أحكام
لتتدخل قائلة بهدوء : خديجة لا يجوز، سمية قلي شيء
لتقول خديجة وهي تقف لتغادر : هذا أقل ما يقال خالتي، إن دخلت مجلسك لا أدخل مهين لك
لتقول سكينة بغضب : ولا اهان أيتها الفتاة وأن كان نسبك إهانة لك، فهذه مشكلتك حليها مع نفسك او لا، لكن لن أسمح لطفلة مثلك أن تهينني
وأصواتهم " يا جماعة اذكروا الله"
لتقول خديجة بغضب : نسبي يشرف الجنوب بأسره سيدتي، وهناك أناس هكذا يغطي قبح نفوسهم علي أصولهم، وأن حسبوا ذو نسب
صدمة لحظية، ولكن اكتملت بصوت يعرفه الجمع ثابت، غاضب، واضح : خديجة
تلاقت الأعين الاثنان غاضبان، ولكن أحدهما يصدر آخر جولة في المجلس قائلا : خديجة اعتذري لخالتي
حاولت الإعتراض قائلة برفض : لكن
كرر طلب بثبات وعيون جامدة باردة :اعتذري، وبدون مبررات
رفعت عينيها للجمع بين مصدوم، ومترقب ومنتصر، ونظرات والدته الصابرة، اقتربت منها تضم يدها وعيونها مليئة بالطلب، نظرة لها وبينهم ألف رسالة، لتقول خديجة مكرهة : عذراً خالتي سكينة لم أقصد لا تأخذينني لم أقصد ما حدث.
لتقول الاخرى برود : هداك الله يا ابنتي
ليأتي صوت الجدة بهية قائلة : هيا ابنتي جهزي الحلو وباقي الضيافة لضيوفك، تفضلوا يا جماعة اكملوا طعامكم
جلسوا بصمت، وأكثرهم مضطر سمية لا تستطيع أن تلحق بابنتها، بسبب العادات المحترقة في أقرب مقبرة، يجب أن تقوم هي بخدمة ضيوفها وخاصة أهل زوجها كاملا، ليأتيها صوت يعقوب الهادئ وهو يقول : خالتي سكينة، عندما تتزوج النساء تنادي بأسم زوجها ولاحقا بأسم ابنها، وفي كل الأحوال أسمها ليس عيب، وعندما تولد تنادي بأسم والدها وتعرف به وتفتخر أنا فلانة ابنة فلان وإن كان فقيدا راحلا، فلا اقول صابر أبن خالتي سكينة وهي الأقرب لي من زوجها، بل أقول صابر إبن عبدالحميد، أنت تعلمين أن أحبك كثيرا ودائما أطلب منك الكعك الحلو الذي تعدينه أحسن الله ما بين يدييك، فإن كنتي تحبين حقا لا تحزين زوجتي، إن جزء مني وما يمسها يمسني ويمس كل من في هذا المجلس، وأنا أعتذر ثانية عن سوء تصرفها، كما قالت خالتي طيبة عروس وصغيرة سن
بسمة خفيفة ارتسمت علي وجه الجدة وسمية، لتقول بهية بطلب : يعقوب اتت أغراض للمنزل، إن أمكن أدخلها للداخل، فالوقت موعد طعام الحراس والفتيات
ذهب وأدخل صندوق الخضروات، ووقف ليجد تلملم زجاج منكسر سقط منها، وهي تقاوم نوبة غضب تأتيها، منذ الصغر عندما تغضب يرتفع ضغط الدم بطريقة جنونية كلما زادت العرض عليها وترعش يدها في فقد نصفي للحركة، مع مشاكلها مع الأعصاب التي ورثتها من والدتها يزيد الأمر سوء، جلس أرضا بجوارها، وضم يدها ليده، حاولت الإبتعاد فمنعها قائلا وهو يعيد يدها ليده : لا تحزني خدوج والله أحبك ولا يهون عليك حزني، ولكن الأصول أصول، لو كان لسانك صبر دقيقة كنت أخذت حقك بأسلوبي الساحر
وقفت وهي تلقي الحطام في القمامة بعبوس : أشكرك وأشكر فضلك
ضمها من الخلف وهو يداعب شعرها ويفك ضفيرته، لتبتعد، فيمنعها قائلا وهو يطبع قبلة علي خدها : كفي دلال يا فتاة قلت أسف والله، مرريها، الحياة عبارة عن مواقف و
ولكن توقف عندما أدرك رائحة بلح الشام وقال وهو يرحل له بسعادة : وبلح الشام، تعال نتشاطره
لتقول برفض واهي، فهو أكثر حلوى تحبها : يعقوب هذا للضيوف
أخذ يتلذذ بطمعه متجاهلا، لتقول بإنسحاب: القليل منه لن يضر فعلاً
واحدة والأخرى وبعض خمس دقائق أنهو طبقا كاملا، وكانت تمنعه من تناول الأخرى وقد علت ضحكاتها وحديثهم لتدخل ساديش ورقية لتقول الأولي : كانت تقول الجدة أن الشاي تأخر والحلوى
وأخذت منهما رقية الطبق قائلة : هات هذا، وأنت ساديش طبق الفاكهة ورائي، وقالت بغمزة لخديجة : خدوج لا تنسي الضيوف في إنتظار الشاي
الحياة مواقف تمر ومواقف تبقي وإن مرت الحياة وفني العمر
أحلام الطفولة والمراهقة أكثر الأحلام صدقا وحبا وحماس، ولكن ليس دائماً تكن الأفضل في التخطيط والإدراك، تجري الأقدار بقدر مكتوب و مقدر لك منا، وحتي هي أنهارت علي قلبها أخر بقايا له، كان حقا وقربا ونسبا أحفاد جبران، حفيدته من ابنته الوحيدة، كان منزله لهم في العطلات قمة الدلال والترف، أولاد الخالة فاطمة والخالة الصغيرة يسر يلعبون طوال الوقت لا أحد يمانع، لا واجبات، لا أوامر وتحذيرات كأي زيارة، هنا الوطن منزل جدهم، وهنا العائلة وأولاد العمومة الأقرب، والأقرب منهم كأن أنور كان أكثر واحد فيهم مبتسم كوالدته كثير العطف واللعب والمزاح، كان دائما يهديها الشكولاي والحلوى، إسمها فريدة لأنها والدتها حملت بها بعد مولد فريد، كانت مميزة بشرة متوسطة البياض والنمش الخفيف علي يديها وشعرها الغجري الكثيف وعيون القهوة خاصتها تحكي طوال السنوات عشقا، واليوم تحكي منه الما، عقد قرآن فريد، ليعلن للجنوب كله ان أنور و ساديش خطبا والعرس قيد التخطيط والعقبي لكم، تبادل الخواتم لكلا من العروسين من كل زوج، ليعلنوا أضافة أن الخطبة شملت عقد القرآن، خبر حطم الكثير من التوقعات وحطم قلبها، كانت أخر الصفوف عندما دخلت بيده، جميلة ساديش لا تنافس حقا، تلملم شالها من الصوف علي فستانها البرونزي اللامع ، تلمع الدموع في عينيها وهي تري الكل يتلهف للمباركة ورؤية العروس و أخذ الصور معهما، ولكن داخل عينيها لا تري سوي الضباب، الضباب وفقط، دخلت مغسلة المياه منهارة نظرات للمرأة رأت فيها صورة منها منكسرة وحزينة، تذكرت رفضه لها، يقول أنها أخته ولم يفكر فيها يوما، واليوم غادر بلا رجعة، صوت الأنين المتألم، لم تكن ستغفل عنه زهراء، رغم سعادتها لأنور كانت تعلم أن الخير كحد السيف علي قلب فريدة، دخلت وضمتها وتمسح علي شعرها بحنان وهي تقول : لا يا حلوتي، أهدي
ولكن الأنهيار أحيانا لابد منه
.......... كانت في تلك الأثناء انهت حفصة صورة أخيرة مع كلا العروسين وذهب رحيم مع صديقه ماجد، و كانت تذهب لتأتي لها بكوب عصير من النادل وعيناها تبحث عن بشير، يبدو يتمشى مع صديقه رشيد، وفجأة أتاها صوت شخص يبدو غريب بلهجته العربية الركيكة التي تشبه لهجة ساديش : مساء الخير أنستي
نظرت له بهدوء وقالت : هل تحتاج مساعدة في شيء
تحدثت كقريبة العريس وابنة خاله، ولكن الأخر :لا شيء مهم، كنت أتجول في الحفل و رأيتك وحيدة فقلت نجلس سويا
تغيرت نظراتها للضيق قائلة : العذر منك سارح. ل
وأكمل عنها بشير : إن كنتي باركتي لابن عمتك هيا بينا
حاولت أن تثنيه قائلة : بشير ما زالنا في بداية الحفل
ليقول بأمر : هيا حفصة
ليأتي فريد عندما لاحظ الموقف، وهو يقول بلطف : كيف أخبارك بشير، أعرفك مايكل هذا زوج ابنة خالي حفصة
ليقول مايكل بحرج : أوه، عذراً سيدتي، سأمر عليك لاحقا
ليقول فريد بطلب : أمسحها في وجهي
ليقول له بجمود :لا عليك، هيا حفصة
علي التجمع أتي والدها وحسناء وهو يقول : ما بكم
لتقول حفصة بصوت حزين : يريدنا الرحيل الآن أبي
ليقول بشير لحماها الذي تستسفر عيناه عن السبب :بلغني عمل مهم في الصباح الباكر لن أستطيع السهر، سنعوضها للعروسين لاحقا عمي
رأي أيوب الخلاف بينهما، وقالت حسناء محاولة إثنائه عن الأمر : بني ساعة أخري لن يضير منذ قليل أذنت العشاء مازال الوقت باكرا
ليقول أيوب بهدوء لها ولإبنته : لا بأس حسناء، تسلم علي العروسين ويرحلا طلما عنده ما يشغله
نظرات حسناء كانت معترضة، ولكن بشير شكره وأخذ حفصة ورحل وفي أقل عشر دقائق سلموا على العروسين ووعده رشيد أن يوصل رحيم عندما يرحلوا، فرحل معها بعد إلحاحه هو وماجد لبقاء صغيره وهي وهو في صمت مطبق طوال الطريق، ونظرات حسناء تلوم أيوب ليقول بهمس : ما بك
لتقول بغضب :تنصر ابن الطحان علي ابنتك من متي أيوب
ليقول أيوب بهدوء : فقط من يومان نصرتي ابنك علي خديجة رغم الخطأ
لتقول بنفي : هذا غير هذا، أنها الأصول، وأيضا يعقوب رد لها حقها بعد ذلك
ليقول أيوب بهدوء : إذن الأصول أيضا الا ننصرها علي زوجها وقت غضب أحدهما، أنها الأصول أن تطيع الزوجة زوجها طلما لم يكن في منكر، جلست حفصة ساعة، اثنان لا شيء جديد سيحدث
لوحت بيده بنفاذ صبر للاتجاه الأخرى لتقول علي مضض: سأذهب واساعد يسر
ليقول لها وهو يذهب يجلس مع أبيه وحما أخته : يكن أفضل
...............
دخلت مرة أخري الحفل وجلست في احدي الكراسي وذهبت زهراء تحضر لها عصير وتقدمه لها وتتحدث لتطيب جزء من خاطرها إن استطاعت وانضمت لهم خديجة ورقية وكانت تسأل حفصة، ليأتيها صوت أنور وفي يده ساديش قائلا : تعالوا لنأخذ صورة جماعية أخري
وتلاقت عيونه بصدمة عندما رأي فريدة، وشدد يده علي يد ساديش قائلا : كيف أخبارك فريدة
نظرة واحدة ترفعها لهمها وتقول بصوت ميت : مبارك لك أنور، مبارك يا جميلة
لتقول ساديش بتعريف : إسمي ساديش
لتبتسم لها بهدوء : مبارك ساديش، العقبي لعرسك بإذن الله، عن إذنكم
ليقول أنور بعرض : تعال معنا في الصور الجماعية
أخذت حقيبتها تضع فيها ساعتها وتقف تقول بنظرة أخيرة بشكر :شكرا، عن إذنكم
لتقول خديجة بتغيير الموضوع : الفستان وتسريحة الشعر المنسدل عليه رائع فعلا زهراء
..... وتحول الحديث ونظرات ساديش تنطق بألف سؤال لأنور والأخير يبتسم متجاهل
............................
أزالت حفصة حجابها بغضب وفكت شعرها والقت الحلي بذات الغضب لتقول لبشير وهو يظهر من خلفها وتظهره المرآة : أصبحت سعيد الأن، اتمني
ليقول بهدوء محاولا دفن الأمر في أرضه :ليس علي أن أكون سعيد وأنا أري أحد يقف مع زوجتي ويضايقها
لتقول حفصة مصححة : لم يكن يضاقني وهذا أولا، وثاني أستطيع التصرف بوجودك او بدونه
ليقول بغضب :تحبين طبعاً نظرات الإعجاب حفصة
لتصرخ فيه بغضب : حسبك بشير، أن أقول إنه لم يفعل شيء سيء لا ادافع عنه وعن تصرفه، ولم تجدني أمزح ومهتمة لأمره كثيرا، جعلت الجميع يلاحظ
ليقول بشير بغضب : لا بأس، أظن أنه من الأفضل تغير نظام ملابسك، وتوشحي بالسواد مثل باقي الجنوب
لتقول بصدمة :نعم!
ليقول هو برود : كما سمعتي، علي ثوبك الحلو هذا وشاح جنوبي أسود سيليق ويوفر علينا الكثير من المشاكل
لتقول برفض : والله ملابسي لا يوجد فيها شيء يعيب مثلي مثل كل فتيات جيلي و انت تزوجتني هكذا
ليقول منهي الحديث : اسمعني حفصة، لا خروجك لك من هنا إلا بالوشاح عليكي، والا لا خروج إلا لمنزل أباك إن لم يكن يعجبك.
الدينا ساعة وداع وساعة صراع وساعة صداع وساعة خلاف وساعة وفاق، فكيف ساعة لك وساعة عليك
.....................
كانت سعيدة بزينتها وبفستانها المشمشي اللون وشعرها المنسدل بعد تصفيفه ومساعدة زهراء لها وأخذت تحكي للفتيات كيف ساعدتها في اختيار الثوب والزينة وأنهم أصدقاء، لتقول احدي الفتيات بسخرية : زهراء صديقة واحدة مثلك، نسيم كفاك مزاح، هي ربما اشفقت عليك
تعلات أصوات ضحكاتها وحطام خاطرها، تحولت سعادتها بزينتها وفستانها لحزن، لتكمل أحدهن : نعرف كم تحب هي النظام والذوق الرفيع، فقط ربما لا تريد المزيد من الدببة في الحفل، عندها أشياء أهم
لملمت نسيم حطامها وأخذت ترحل لتصدم بها زهراء، حاولت أن تهرب منها، فضمتها زهراء تمسح دموعها، وسط دموعهم وهي تقول لها بحب : لا تبكي يا جميلتي، ماذا حدث
لتقول نسيم بدموع : لا أريد شفقتك زهراء
لتقول زهراء وهي تمسح دموعها مجددا وهي تعدل خصلات شعرها وترتبها : ليس بين الأصدقاء هذا الكلام نسومي
ومدت لها يدها وهي تقول : تعال نأخذ حقك منهم، عندنا بعض المتعة
ابتسمت نسيم وتبعتها ويدها تضم يدها، لتقرب زهراء منهم قائلة : من أحزن نسيم
لتقول الفتاة الأولي : فقط كنا نمزح نسيم كثيرة الحساسية
لتقول زهراء بسخرية :حقا، علي أساس اني لم أسمعكم، وأنتم هي لا تزيد عليكن في شيء مجرد فتاة كثيرة المكياج قبيحة الحديث، رغم بعض جمال الوجه، يوم بعد يوم ستكون وجبة دسمة لتنمرها، لتشبع داخلها أنها أفضل واحدة منكن، وأخبركن صدقا، هي ليست الأجمل هي جميلة وكلكن جميلات ولكلكن جماله، لكن لا خير في جمال وجه بلسان وقح وقلب قبيح
وأخذت نسيم ورحلت وسط نظرات الفتيات لصديقتهم الأولي، لتقول هي :دعكم منها، يوم يومان ستعود نسيم، تلك الدبة لن تجد صديقة غيرنا
نظرات الاستنكار كانت منطوية بينهم، ليروا ماذا ستفعل نسيم، ربما وقتها يكن هناك أثر يتتبع أثره لنهاية الخط
..............
في زاوية الحفل يجلسان بجوار النافورة وبيدها طبق الحلوى ويقول لها أنور :الن تأكلي
لتقول بتساؤل : من فريدة، ولا تكذب نظراتها كانت تحكي كل شيء
ليقول أنور بهدوء وصدق : إبن عمتي، أصغر من فريدة كنا مثل خديجة رقية والجميع يزورننا ونلعب معا، ولأنها من عمر فريد كنت أحب أن العب معهما ولكن أراها إلا أخت لي ولم أنتبه لكبر سنها وربما إختلاف المشاعر بعدها، حتي بدوا يقولون أنور لفريدة وفريدة لأنور، حتي أبلغت جدي برغبتي ونيتي، حاول معي ثم ألغي الأمر، الأمر منذ سنوات، صدقني أنا لم أعدها بشيء ولم أتعامل معها بمكيالين بالعكس والله، مثلها مثل رقية خديجة أختي من الرضاعة، المشاعر لا نتحكم فيها ساديش مثلما أحبك منذ أولي المرات القليلة وأنت تبادليني مشاعر الأمر نفسه، ولكن حقا أعلم أن الله سيعوضها بأجمل شيء، أنت تصدقني أليس كذلك.
لتقول بهدوء : أصدقك، ورغم الغيرة، نظراتها الحزينة لا تهون علي
ليقول أنور بهدوء : أن شاء الله المرة القادمة نراها في أفضل حال، الأيام تغير وتبدل والله يعوض حبيبتي
ليلتفت ليجد معتز يجلس جوارهم بمسافة قريبة وهو يتناول الحلوى وهو يشير له بإبهامه قائلا : تناول حلواك يا صهري
كاد أنور يصرخ ويجن منه، سيجلس مع ساديش تحت الأرض حتي لا يجده معتز هذا، يظهر له من العدم......
..............................
تنزع زينتها من الحلي وهو يخرج مجفف شعره يغني : علي دين العشق حرام والله
ويحيط من الخلف قائلا بغزل :ما هذا الجمال يا حلوة
لتقول خديجة ليعقوب : ماذا تريد يا ولد
ليقول مدعي البراءة : علي قول جدتي ماذا تريد الحزينة غير صوت الصاجات
وأخذ يمثل حركة الصاجات بيده، لتضحك قائلة : هذه ليست الحزينة أنها الراقصة يا روح جدتك
ليقول يعقوب بإعتراض :لست أنا من أعرف الرقص هنا
نظرة جانبية منها، وهي تفتح خزنتها بعدها وتجد ثوب شعبي مشهور في مدن السواحل، من قماش مطاطي يلتزق محل ما يوضع وبعض العملات علي الكمام التي يكن طولها للمنتصف و الذيل ذو فتحات الجوانب وعلي جانب نفس عملات الأكمام، باللون الأزرق الخفيف بلون البحر الصافي، نظرات مصدومة منها وبين عيونه البريئة الكاذبة وهو يدعي عدم العلم من أين اتي، أخذت تضحك، يبدو أن وسط كل الركام هنا يوجد بعض المرح.
..................
وعلي الحال منذ اتت تزورها والدتها والدمع تخبئها ولكن تفضحها أول ما تتحدث، يضيق بها ما وقع من ظلم وحزن، عيون تراقب السماء والقمر الذي يرحل بنهاية العربي، هل سيأتي حقها أم سيظهر لها مفاجأت أخري، منذ وفاة والدها نورالدين وهي تحملت مسئولية التجارة ورعاية أخوها الصغير ذو الثانية عشر ربيع، كانت فتاة في العشرين، مرت الأعوام، ومرت أحلامها في الإستقرار في منزل ولرجل تحبه وأبناء وتكمل أحلامها هي وابيها ولكنه رحل سريعا ومر العمر مثل رحيله بسرعة أكبر، وبعد الحاح وتضييق وتجاوزات للبعض في الحديث عنها من النساء بالعنس، والمسترجلة والكثير من المشاكل و التدخلات منهم بعد ذلك، اضطرت للزواج من زوجها، لأنه الوحيد وقتها من أبناء العمومة الأعزب المناسب لسنها، كقواعد الجنوب لا يجوز أن يتقدم غريب طلما يريدها أحد أولاد الأعمام وأن حدث وتزوج من خارج العائلة، لا يحدث إلا في حياة والدها ولكن الأخير صاحب عزها ودلالها رحل، ورأت في هذا الزواج الويلات منذ الظلم والخيانة والاستغلال وكانت تقسم كل يوم الف قسم عندما فقط يستلم أخيها الإدارة بعد إنهاء جامعته ستخلعه شر خلع، وستفخ عقد الذل، إهانة وأهان وطمع في مالها وسددت عنه الكثير من الديون بعد أكثر من مشروع فشل فيه، أو أفسده بإهماله، وتدخل كثيرا وافسد عليها الكثير، أكثر من مرة يده طالت وصوته سب، وصبرت وصبرت حتي مل الصبر يوم اتهمها بالزنا، ليقف الصبر مفجوع، هو من خان ألف مرة وليست هي، هو الفاجر وليست هي، اجتمع عليها الكل، تخاف علي اخاها إن حدث لها سوء، سيأكلونه ويهضمون حقه، رباه إن مسني الضر وانت ارحم الراحمين، أللهم إني مغلوب فأنتصر
........ يتبع