الفصل الخامس
الفصل الخامستمر الأيام سريعاً، ومن بين قول "أنظر للزهرة ما أجملها" وهو محمول علي يديها، وبين اليوم وهو مبتسم مثل الأمس بابتسامة صافية وهو يمسك بلطف بمرفق جدته وهو يريها الزهور التي زرعها خصيصا من أجلها اليوم فجرا، وهو يقول بسعادة وحب لها " أنظري للزهر ما أجمله"
أبتسمت بسعادة وهو تراهم و أخذ يجلس في مقعده المفضل وهو يشير ويقول بتفكير : أفكر أن ازرع في المنتصف شجرة التوت ما رأيك
أبتسمت له بمحبة وقالت : ستكون رائعة وسيحبوها اخوتك كثيرا
ضحك وقال :نعم فئران التوت أعلم
أتت الخدامة من خلفهم بنداء قائلة : حجة بهية، أم يعقوب تبلغك إن الإفطار جاهز
أومأت لها وقالت : هيا لنفطر
هز رأسه وهو يساعدها في الوقوف، ويمسك مرفقها ويساعدها علي السير الذي أصبح صعبا عليها بسبب ألم مفاصلها التي تعاني الخشونة، بالأمس وفي نفس المكان كانت هي من تمسك بمرفقه وتعاونه علي السير بمحبة، زرعتها داخله وداخل اخوته ولم يخذلونها يوما، عند دلوفهم وجدت خديجة تضع فنجان القهوة علي رأس الطاولة وتذهب لأقرب مرآة تتأكد من حجابها وهي تقول مسرعة وهي تلتقط حقيبتها : صهيب هل يمكنك إيصالي للعمل، متأخرة اليوم
أجلس جدته علي أقرب مقعد وهو يبحث عن سترته قائلا : هيا إذن
ليتوقفا لحظة واحدة علي صوت الشيخ زهران قائلا : السلام عليكم
ردوا السلام، حتي أكمل قائلا بأمر : خديجة، لا تتأخري في العمل أريدك اليوم في أمر مهم
هزت رأسها بالإيجاب، وقالت : إن شاء الله يا شيخي، عن إذنك
خرجت وخرج معها أخيها وقال : إنت حرة تماما يا خديجة، لا يستطيع إرغماك علي شيء وأنا دائما بجوارك
هزت رأسها بابتسامة وهي تسأل : لم يحدثك الشيخ بنقل الإدارة لك في تجارة أبيك
وضع يده علي كتفها بدعم وقال : هناك أمور كثيرة لنحارب من أجلها
هزت رأسها وقالت ببعض الأسي : حارب من أجلك كفارس وإن خسرت المعركة لا بأس، أعدك أن نحارب في جديدة، أرض يعرفان الناس فيها بأسمائنا وبنا
قال لها بهدوء : سنحاول من أجل أبي، وإن فشلنا، نحارب في أرض جديدة، ولكن انت فكري في الأمر المطروح عليكي
أسندت رأسها علي كتفه وقالت بدفء : كل شيء سيكون علي ما يرام يا فارسي الأصهب، واكملت متذكرة : ليس عندي عمل لنهاية الدوام، ولكن سأذهب بعدها لمصنع زهراء و أنور
شدد علي يدها وقال بحنان : اهتمي بنفسك، وأنا دائما في الجوار
وقف حتي دلفت مكتبها، فرحل بعدها وتوجه لعمله وهو يعدل خصلات رأسه التي يصغبها مرارا وكأنه يختفي من لقبه إبن الصهباء، اللقب الذي يدفع ثمنه الكثير من يوم مولده، يرافقه الحنين ليوم بدون حروب، ولكنه يحارب في العمل لثبت كفائته ولكن بدون فائدة، لا أحد يراه، كأن هذا عقاب العائلة والشيخ له، كما كان زواج أبيه غير مرئي فهو منه ومثله، يحارب ليرؤه موضع ثقة وصحبة، ولكن لا فائدة، حتي في إجتماعهم الدائم يجلس علي الأطراف البعيدة وليس في صدر المجلس مثل إبن عمه، يقصيه جده للبعيد، يذكر بمرارة عندما كان شابا من عامين وتخرج من الجامعة، وأراد الزواج ورأي في إحدي فتيات الأعمام الذي يرجوه وعرض الأمر علي جدته و والدته التي فرحتا ومعهم خديجة ورقية، وأخذت الجدة علي نفسها العهد أن ترفع الأمر للشيخ والتواصل مع عائلة العروس، ليأتيه الرفض ببشاعة من العروس مستنكرة وهي تقول " ما يعبني لأتزوج إبن الصهباء"، ورفض والدها، وحتي جده رفض الأمر، يومها عرف انه غريب وسط عائلته، يومها علم ما تكابد والدته طوال سنوات من العزلة وهي تربيهم في أجنحة الضيوف الخاصة، تلك التي يسكنها الضيوف المقربون، عاش فيها مع أمه وأختيه، يسكن غرفة وهما الأخري، ولم يتغير مكانهم، وقتها أبصر الحقيقة، كان يريد الفرار حتي جلست أخته جواره و أخبرته أن الفارس لا يهرب من الحرب، وعليه المحاولة قبل الرحيل، وأما أن يعيش عزيزا وحرا، وأما رحيلهم وهي ستكون أول من يقف لجواره، ومرت الأيام عجاف في مكائد من أبناء عمومته ليسخروا من الأصهب أزرق العنين، الذي رفضته إبنة عمهم والعائلة شر رفض، وكيف هو يلتزق بالعائلة، وهو واخوته أبناء الخفاء، ولكنه يعلم دناءة نفوسه، يشككون هم وأبائهم سرا بهم، وفي المجلس قديما أغلب الرجال طلبوا والدته للزواج، وابنائه علي نهجهم أرادوا اخوته وخاصة خديجة التي رفضته التي قالت وسط النسوة حين عرضت عليها أحدهن الأمر، ضحكت وقالت : "لا اتزوج من رجال ألسنتهم أطول من ألسنة نسائهم "، حتي أبلغ يعقوب الجد للمرة المائة أن يعرض أمره علي خديجة، هو ليس مثلهم ولا يحمل نفس العداء، يري في أعينهم كل الخوف أن يكون علي رأس العائلة، ولكنهم جميعا به يجهلون إنها حرب خاسرة…. ووقف أمام مقر الشركة وجلس علي مكتبه البسيط، يرفع الأوراق ويهنئ الحسابات ويدرس الأخري، ويباشر أبعاد تلك البيعة وهذا العرض ليقدمها للعم صالح شريك أباه ومن المفترض أن يكون شريكه أيضا، او أحد أبنائه المنتصر و المعتز بالله………