الفصل التاسع

18 0 0
                                    



الفصل العاشر

قال الشاعر
"الليل والخيل والبيداء تعرفني"
ويقول الفارس الرشيد الليل يعرفها والبيداء عينيها والخيل ملكي وهي ليست ملكي، سمع عنها وراها ولكن  بعد موت شريكته، تجنب العائلة وعكف علي أعماله وعائلته، ولكنها عادت مرة أخري بلون جديد، تلك الفتاة المدللة التي عرضها عليه والده فرفضها لأنها مدللة حد الضجر، لا تحمل حياة ولا أمر، رقيقة حد الكسر وهو عاصف حد الدمار، كبرت وترعرعت في الدلال وبين وضحاه أصبحت هي العاصفة، هي الجلاد إن لزم والمالك إن أردت، تعود وتختفي وفي الوجود داخلك لا ترحل، ابنة جبران لقاء من بعضة دقائق أدرك أن الزمان يظهر كل المعادن وهي معدن نادر ولم يعرفه بعد، أخطأ السائق الطريق في عرس خديجة ابنة عمها، وخرب الإطار وكانوا بالقرب من طريق مزرعته مع سائق عجوز، فعرض المساعدة، راها تقييمه لتقول : خير تفعل سيد رشيد
ومرت دقائق صامتة، ليصلوا لبيت جبران الذي استقبلهم وهي تهبط لتطمئنه عليها، لكن من سرعة الهبوط تعثر الكعب بإحدى درجات الدرج لباب المنزل الذي كان يقف علي رأسه جبران يستقبلهم، ليمسك بها بحماية لتسقط عيناه لعيناها في تواصل لحظة، وتقول متألمة: أظن كاحلي التوي
وهنا ساعدها جدها معه أن تجلس لتقول وأنور يقترب : أهلا بالمشاكسة حتي في الأعراس
لتكمل معه وهي تستند وهي تقول بعتاب : لماذا تركتني وحدي
ليبرر وهو يقول : لم اظنك ستظلين للنهاية
ليقول بشير وهي يري الفرس الجامح يدور حول صاحبه رشيد الذي فقد صوبه وهو يتأمل الغروب :أين عقلك يا رشيد، غار الجامح من شرودك
ليقول وعيناه تعكس الغروب قبل أن يستدير لفرسه : رحل مع الغروب
ليتلفتوا ليجدوا أبنائهم يضحكون وهي يتناقشوا والأخير يقول : هل نويت مرة أخري
ليقول بشير : دعوتك، عسي الله أن يجمع شتاتي
ليهز رأسه وهو يقول وهو يداعب الجماح : رزقنا و إياكم هذا الدعوة

تفاجأت رقية وصفية لقول حفصة بسعادة وهي تضع ملابس جهازها في حقائب لتتبرع بها : الساعة المباركة التي فسخت الخطبة، لولا أمي لأشعلت الزغاريد، كدت أموت كمدا كلما اقترب موعد الزفاف
لتقول صفية بتعجب : إنه السادس حفصة، واحد عصبي وحاد وإنت أميرة رقيقة لا أريد أبي فلبي، واحد لا يريد دراستك وسبحان الله المغير مثبت القلوب، دراستك تغير مجالها ولابد إن تكون في مدراس العاصمة، بين كل تخصصات الجنوب اختارت ما هو خارجها، فشجار ففسخ ولبي أباك، والثالث كان بخيل لا نحسبه، والتالي أراد سفرا وإنت لا تفارقين الوطن وحب الوطن وترابه وأهله، فلبي أباك، وفسخ الخطبة، لعبت علي أوتار قلبه يا ماكرة، والخامس يعمل في الشرطة ونظام حياته لا يتوافق مع راحتك، فلبي الكل مكرها
لتلوح لها حفصة قائلة بتعب :  أدركت سخريتك، ولكن الأخير كان لا رأي له تابع، أنا بنت أيوب الجعفري رجل لا تكسر كلمته، اتزوج رجل ليس له كلمة، ويحك، والله لا أقبل
تلاقت أنظار رقية وصفية لتقول الأولي بهدوء : دواء البقاء النسيان يا حفصة
تلاقت أعينهم جميعا، فذهبت حفصة لشرفتها تداعب عصفورها :  كلنا منه وله مثل الموت لا تخافي، ولكن،و أكملت مداعبة لهم وهي تشير للمنزل وحديقته ولغرفتها "لمن أترك كل هذا العز وأين أجده، والله لا أغادر أيوب"
لتفجع عند رؤية أمها عند أخر كلماته وهي تدخل وعينها ثابتة عليها، وتقف أمامها وتقول بعتب : والله، وماذا أيضا يا حفصة
لتهرب منها حفصة وهي تقول وهي تذهب لشرفتها وظهرها لأمها: مالي دخل أبي من حكم
لتمسك أمها بيدها وتدير لوجهها وتقول بغضب : هل تكذبين علي نفسك أم علي يابنت
لتأخذ حفصة يدها من أمها وهي تمسكها بألم وهي تمسح عليها برفق قائلة بعتاب : أمي، كفاك
لتقول حسناء بغضب : هذه تقوليها لنفسك، يمر العمر وانت واقفة كما إنت، مر الوقت والدراسة والعمر ما خسر غيرك، لم تتعبي من هذا الألعاب، يابنتي كثرة الخطب ليس زهو ولا حسن لك
أخذ تنفس حفصة ينخفض وتنخفض عيناها للأسفل، لتسندها رقية وتحاول تخفيف الضغط عنها، لتقول صفية لخالتها بطلب : خالتي، كفاك ليس عدلا،أرجوكي
نظرة شاملة من حسناء وغادرت وانهارت حفصة في أحضان رقية والأخيرة تضمها وصفية تربت عليها وتواسيها وتمسح دموعها
ليدخل أيوب وهو يخرج ملابس مريحة له، يبدو أنهي عمله والباقي من اليوم سيكون استقبال باقي المهنئين بعرس يعقوب والضيوف لتقول بعتاب قاسي وصوت جاف : هل ارتحت وابتل فؤادك
نظرة جانبية لها وتجاهل وهو يكمل البحث عن ثيابه وهو يقول : أين ذهبت ملابسي الداخلية الجديدة
تجاهلت بدون رد، فأخذ يبحث ويشعل داخلها الغضب بتجاهله وبخزنة الملابس التي ضاع ترتبيها وبروده، ستطير رأسها من شدة الضغط وهو لا يبالي، لتقرب من فرط الغضب وتمسك الثياب من يده وتلقيها أرضا وهي تصرخ قائلة :  أحدثك كلمني، أجيب
نظرة استنكار منه، وهو يمسك مرفقها بغضب قائلا وهو يقربها له بعنف : إنت جننتي، ما لك صلاح، ما بك حسناء،  أزوجها، أرملها، أجعلها كالمعلقة شأني وانتهينا، ولد لا يصلح، سيأتي غيره
لتفلت يده منه وتقول بإستنكار : هذا كان بالسابق عندما كانت ابنة الثامنة عشر، أو العشرين، لكنها كبرت أيوب، وأنت تعرف مع مرور الوقت تقل الفرص
ليرفع يده وإصبعه السبابة في تهديد قائلا : حسناء، قبح الله قولك ما بك، هل ضاق قلبك بإبنتك، إن زوجتها بمن تكره يكون زنا، يكون زواج باطل، إن زوجتها لمجرد الزواج و الإنجاب كأنها بقرة نخشي عليها فوات سنوات الخصوبة، ستلعننا كل ليلة، كفانا حسناء لن أظل أعمي، وتالي الأمر أخبرك حتي من يأتي تراضاه حفصة ويكون رجل علي مقدار من الإحترام ستظل في بيتها وبيت أباها، إن نسيت عهدي وعهد أباك نذكرك، نحن قوم اعزنا الله، نجير المظلوم والغريب، ونعز بأمر الله المحوج، فكيف نذل أنفسنا وجزء منا، حديث في زواج لا أريد، وإياك أن تكرري فعلتك
لتجلس علي كرسي قريب قائلة بصوت دامع : كأني لست أمي وهي إبنتي الوحيدة أيوب، كأني ما صبرت سنوات لأنالها، كأن حديثي ليس خوفا وعتابا، حديثي ليس هذا المرة بل مرات ومرات
ليجلس بجواره يقبل رأسها ويمسح دمعها قائلا وهو يضمها  بحنان : أعلم والله، إن حديثك خوف ومحبة، ولكن حسناء للكل وقته، ما عاد ينفع الإجبار في شيء ما فعله القول والظرف ما عاد يصلح
لتدافع ويده مازالت تمسح دموعها برفق :ما أجبرت، ولكن ما حدث كان صواب
ضمها قائلا بهدوء : ليس كل صواب يقره العقل يوافقه القلب، لو كان كذلك ما كنت لليوم زوجتي
دافعت قائلة : هذا يختلف، لقد عشت معك  وأحببتك، ثم علمنا قضاء الله وقدره، وعندما صبرنا وأحسننا الصبر جبرنا الله
ليقول بهدوء ومحبة : ونعمة الجبر، ومن حسن جزاء الجبر الشكر، ومن حسن الشكر الإحسان، أليس كذلك
تنهدت بتعب، هاهي أفرغت شحنة غضبها وانتهي، لتقول وهي تداعب يده : هل أخبرتك عن عروس صهيب، وما أوصت به الجدة
هز رأسه بلا، لتقول بحماس: أخبرك، أسمع
..................
تنظم يسر الزهور، وهي تتذكر شرود أنور و غنائه وغيابه في عرس خديجة عن مجلس الرجال كما قال والده يسأله بعدها عند إفطارهم ثاني يوم ، و وقتها كانت تجلس زهراء والذكري تداعبها، عندما أخذت ساديش بعض الحلوى وأخذت تتجول في الحديقة، فذهبت ورائها لتخبرها أن تتحرس ولا تعبر مكان الرجال، لتجد أنور يتقدم له وهو يده معرفا حلما راها : أهلا بجميلة إيطاليا "Ciao, Seniortia" (مرحبا سنيورتيا)
لتبتسم له وتصافحه قائلة : أستطيع تحدث لغتك
يضحك قائلا بمزاح :رغم أنها ضئيلة مثلك، ولكنها تفي بالغرض، والله لو حدثتك لهجة الجنوب ما فهمتي
لتقول له بتأكيد : أسمع معتز والآخرين يتحدثون بها ولكن لا أشغل بالي بفهم شيء لا يهم
حاول تجميل الموقف قائلا مغيرا : كنت أقولك، ما رأيك بأجواء العرس
لتقول له بحماس : والله جميل كله، يختلف عنا القليل ولكنه أفضل، ملئ بالدفء
وأخذوا يتبادلوا القليل من أطراف الحديث حول ثيابهم وهو يقول : أجمل فستانين زهراء التي لن تصمم أفضل، ما لمست يداك وزينك هذا
لتجامله قائلة بود : والله وثوبك جميل
ليقول بشرح : أشتريته من محل عندما كنت في لندن، وبخني جدي لأنه يشجع الصناعة المحلية، وهذا الساعة
ليقطع حديثهم نداء زهراء قائلة بلهجة نداء : ساديش
لتلفت لتجدها ورائها وهي تقول ببراءة : كنت اتجول في جمال الحديقة حتي وجدت هذا
وأشارت عليه، ليقول محاولا تلطيف الأمر : هذا الوسيم
لتقول زهراء بسخرية : لولا إختلاف الآراء لبارت السلع
وتأخذها ومع أخر ما رأته عنهم نظرات باسمة، والأخير مسحور، والآن يصعد غرفته مغنيا "في حياتك امرأة يا ولدي، عيناه سبحان المعبود، شفتاها تبدو كالعنقود، كتغدو امرأة يا ولدي هي الدينا"
بصوته البشع، وخطواته المسرعة ونظرات والدته المصدومة لتقول بصدمة وشك : ساديش
لتلفت برهة، فتجد الجد يناظرها هي مصدومة وهو صامت، سيترك لكل من الأحفاد كم وعد جميع الأحوال قيد تصرفهم، وليحاسب كلا علي فاتورة ما أراد، فتلك الدينا
................
تلقيت الأمر، فتنفذ نعم الحرية، في ثوب عبد أجير، شفيت الجروح والجزء الأخر يتم إخفائه بالزينة، يجدل الشعر وتلبس الأسوار لبيان العز والدلال، الذي لم تذوقه يوما، توضع الماشطة الكحل، فما تكحلت عيناها يوما بالفرح ولا رأته، أخذت تتنفس بغضب، ما يخفيها إن قتلت ورحلت، ولكن الخوف من عذابهم، مجرد تخيل أخر مرة كادت تذبح تجمد قلبها وكادت تفارق، لتملئ عليها التعليمات بأمر ولهجة غليظة " أمشي بثبات وإنت ترفعين رأسك، وأظهري الحياء والخجل ولو كذبا، لا تجلسي قبل أن أمرك، لا تزيدي عن قول نعم، والشكر فهمتي أم لا"، ودفعة قاسية من والدتها لتدفعها وتعبر لتقديم وتحضير اللازم، وتهبط والدتها محية ومرحبة وهي تقودهم للمجلس وهي تجلس قائلة والفتيات يقدمن الضيافة واللازم : حللتم ضيفا وأنتم خير أهل والله يا أم أيوب
لتبتسم بهية قائلة : طيب الله ذكرك يا أم مسعد وعمر بيتك وكتر الله خيرك ومحبينك
لتقول حسناء بحماس : وأين العروس والله اشتقنا لطلتها
لتشير بتراء وهي تقول : هاهي، تعلمين الفتيات الصغار والحياء، هيا أسرعي الخطي وسلمي على سيدة الجنوب كلها أم أيوب و زوجة عمك وحماتك
لتقف أمامهم وتضع تمد الشراب للجدة لتشكرها، ثم حسناء والصهباء ومن ثم رقية وهي توزع ابتسامات مجبرة قائلة بمحبة : ما شاء الله، و الله ما رأيت أجمل من هذا الشعر يوما ولا هذا الوجه، بارك لكم ولنا في العروس، وإلا ماذا يا أم صهيب
لتقول الأخيرة بهدوء : والله صدقت وصدق قولك، ما شاء الله فليحافظها الله، تليق بصهيب
ويقين تضم يدها قهرا وصبرا تحاول إخفاء رفضها وإرتجافها وحزنها ومنع الدمع من الترقرق والجدة تقول لرقية التي وقفت بناء علي طلبها : رقية، ساعدي خالتك حسناء، لتقديم جهاز العروس
لتهز رأسها وتمد لام يقين فستان الزفاف، ومشتريات الجهاز الأخرى وتناولها الشبكة قائلة برفق وهدوء : إن شاء الله تعجبكم، وأي تعديل في الفستان، ستجدي رقم زهراء ابنة عمة صهيب، تخدمكم وتخدم العروس بعيونها
وتكمل الجدة : وبالنسبة للمزينة والماشطة وفتاة الحنة
لتقول بتراء بشكر وهي تضع المصوغات بعلبتها جنبا بعدما أخفت إنبهارها بها : بلا مؤاخذة دعو هؤلاء لنا، نحن لنا نسائنا ومن اعتادت عليهم العروس، وكل ما يلزم ذلك علينا، يكفينا كرمكم
لتشرب الجدة جزء من عصيرها بهدؤء قائلة بتفهم : لا بأس، إذن لا إختلاف، ووقفت قائلة ووقفت الفتيات : نستأذن نحن، هيا يا فتيات
لتقول البتراء برجاء : والله لا تحسب زيارة، أم أيوب أجلسي لو قليلا
لتقول الأخيرة معتذرة قائلة : والله خلفنا ألف أمر العرس اقترب، ونحن الأن أهل، لا فارق عندكم من عندنا
لتقول البتراء بإذعان : كما تريدي ، يقين سلمي علي جدتك أم أيوب وحماتك
لتقترب منهم ببطء وتقبل يد بهية وتضمها سريعا والآخرين كمثل بالسلام وتتراجع للخلف في صمت، ليرحلوا وسط بعض الحديث من البتراء حتي وصلوا الباب ورحلوا، لتتراجع للخلف قائلة لإبنتها : أنظري للنعمة، فستان حرير معزز بالدانتيل وملابس وهدايا ومهر لم تهمره فتاة وغير الشبكة ما رأيت أجمل من عقد الماس مثل هذا، أنظري الأسوار والخلخال عز لا يليق بوجهك دمار ورماد
وتركتها ورحلت وهي تأمر الخدم بمصادرة كل شيء ليوم الزفاف، وفي تلك الأحيان تقول حسناء بتساؤل :  أم أيوب، ما رأيك في العروس
لتقول الجدة :جميلة تبارك الله، فليجعلها الله خيرا وبركة لإبننا
لتقول حسناء بهز رأس : ما اختلافنا، لكن يبدو أنها مرغمة وغير سعيدة لا أعرف، ما ارتحت لهذا الصمت وكأنها تمثال
لتقول سمية لتغلق الحديث : خجل عروس، الأمور تمت سريعا، يبدو خائفة، عذرها صباح اليوم حرة وآخره متزوجة والله أمر مهيب
........
نظرات للعقد والعقد الماضي من عمرها، إبنة الخامسة عشرة، إبنة أكبر تجار الجنوب، أجتمع فيها العلامات الخمس الحسب، النسب، الجمال، المال، وعسي أن يقبل منها مذهبها وفعل يدها وتحسب علي خير ، كان الكل يحكي ويقص ويغني عنها، تخطب من بداية الرابعة عشر، ورغم تعلق أباها بها صاحبة العيون العسلية وراثة من جدتها أم أباها إلي الشعر الغزيز من عائلة والدتها والقوام الخلاب، كالساعة الرميلة وتلك البشرة البيضاء والخدين المزهرين بلون الورد والرمش الكثيف أسود اللون كالشعر، لا تدري هي مدللة أم خلق الدلال لها، رغم ما رأت وسمعت لحظة واحدة بالصدفة عندما رأته مصادفة يخرج من مجلس والدها وهي عائدة من المدرسة تريد أن تبشر الوالد بنجاحها، ذهب هو ولم يعد بقلبها، طويل وعريض الكتف أسمر البشرة ذا العينان السود، والشعر المموج والأنف المتوسط، لم يكن جذابا كشكل ولكن كان يحمل في طيات نظراته وحديثه وصوته ذو البحة المميزة كل عطر الرجولة، تلك صور جمعتها عن ووالدها ورأتها، حينها لم يرد عليها قلبها، ورغم رفضها أن تخطب صغيرة كما أراد أباها، عندما اتي لبت ووافقت، فتعجب الأب، ولكن لم يرفض وقال للجمع لا نكاح قبل الثامنة عشر، كان عامان وعد لزواج، وخطبة وحياة تحلم بها، مضي الوقت قصير في حلم وبعض الرسائل واللقاءات بحضور أمها وأمه في حديقة منزلهم، مضي الحلم وسرق، بفاجعة حلت علي عائلته، خان خطيب إبنة خاله العهد ونكثه وأفسد عليهم أمانتهم، فقتله وتزوجها، وعلمت وخيرت أن تبقي العزيزة الغالية، أم ترحل وهي العزيزة الغالية، قالت والدتها " لن يتحمل قلبك أن يكون له زوج غيرك، ستفتك بك الغيرة، وربما زواجك ومحببته لك تجرح إبنة خاله فتظن أنها أقل مقام لمصابها، ستكون علاقتك به جروح لك ولها، وهو سيضيق بكما صبرا يوما، لأنه رجل جاف وعملي، انظري ما تري". وقال أباها بحزن " والله يا إبنتي ما جعل الله للمرء قلبين في جوفه، أن كنت تقدرين، مالي إلا نصحك، والواقع إنه بلا، أنا أعرفك ولن يتحمل قلبك الغض الغيرة عليه، ولن يكون من الصائب أن نساهم في فرقة وعدم راحتك، لأن مهما حدث سيميل إلي عائلته، هذا وغير حديث النساء من عائلته وسخطهم عليك، لا والله ما أرضا لك هذا، ربما يقال لك يوما خاطفة الرجال، رغم إنك الأولي في العهد ورغم ان الأمر حلال ولكن لا، ضرائب هذا الأمر أكثر من ربحه "
وجدها وجدتها دعموا حديث الأبوين وقال لها" استخيري "
ولكن عندما أبلغت بليلة زفافه علي الأخرى قالت وهي تذبح بيدها" ردوا عليه خطبته، ما عاد بينا وفاق، بارك الله له في زوجه "
ووصله وقتها رد خطابه ليلة عرسه علي الاخرى عرس الواجب، واستقبله بصبر ومضي في قلبه غصة تحرق وتكوى ولا تقتل، ومضي الزمن، فأنجبت زوجته بعد وقت رحيم أبنه خالصا له، وبعدها بأعوام توفيت بجريرة الماضي، وأما هي سارت تخطب في الدروب ولا تجد مرادها، تنام علي الأشواك، وداخلها كل الأشواق ولا يجوز البوح ولا التفكير، خلاصة وقولا مضي العمر ولم يمضوا، مازالت تتذكر انهيارها ليلة فراقه وزفافه ونيران الغيرة التي كانت تفتك بها وأحلام صارت سراب يتهاوى بعدما كادت تراها مرئ العين.
..............
جلسة ثلاثية بين الجد والجدة ورقية تصب الشاي لهم وخديجة تداعب قطها الرمادي وهي تحكي لجدها قائلة بسعادة : تحدد عرس فريد هل علمت جدي
هز رأسه بنعم وقال بدعاء : فليتتم الله بألف خير، أنه فتي صالح
وقالت رقية بسعادة أكبر : هل وصفت لك فستان زفاف عروسنا القادمة
ضحكت بهية قائلة بهدوء : رحم الله أمي كانت تقول ان الزواج يصطاد الأناس تبعا، قلبي يقول لي سنجوز كل العزاب جميعا العام
ضحك زهران قائلا بتخيل :سنجلس جلستنا هذا العام القادم ومعنا من كل زوج قطعة من السكر إذن.
ابتسمت خديجة بخجل وقالت : أطال الله عمرك لتزوجهم يا شيخي وعزيز عيني
داعب خصلات شعرها وأعادهم للخلف وقال بتحقيق : إذن كيف حالك مع يعقوب
أخذت السكين لتقطع له التفاح وهي تتهرب من أزواج العيون الثلاث، ليقطع عليهم الإجابة دخول الخدامة قائلة بإستاذن :شيخي زهران هل يمكنني الدلوف
قالت بهدوء : أدخلي، ما الأمر يا فتاة
_ السيد يعقوب وصل من عمله، جيت أخبر سيدتي خديجة، هل تأمرنا بشيء
وققت خديجة وقالت وهي تحمد الله من داخلها علي هذا الهروب : حضري طعام خفيف و زيدي بعض الفاكهة وكأس شاي بحليب وكأس نعناع لي
والتفت لجدها قائلة ببسمة وهي تقبل رأسه : استأذنك جدي، تصبحي على الف خير
وطبعت قبلة علي خد جدتها وداعبت شعر رقية، التي استأذنت للنوم، ليأكل التفاح التي قطعته وهو يقول : أري أمورهم جيدة
لتقول بهية ببعض الخوف : والله أدعو لهم، وأكره حديث العائلة عن زواجهم
نظرة لها بتحقيق لتخبره، لتقول بيأس : يقولون لا يدوم زواجهم لا يخلط الزيت بالماء
أستغفر بصوت عالي قائلا : لو اتلهيت  النساء بأمورهم ورحمونا من بشراهم لكان خير
لتقول بهية بإعتراف : ما استندوا عليه صحيح يعني، خديجة تختلف كل الإختلاف عن يعقوب والله أصبح حديثهم يخيفني، أخاف عليها وعلي يعقوب يموت الفتي لو تركته
ليقول لها وهي يمسح يده من أثار الفاكهة بصوت واثق وهادئ : هناك أقطاب تتشابه وتعمل معا وفي هناك إختلاف نافع بين أخري وتعمل أيضا، أقطاب الحياة ليست لها قواعد هل أنا معك مثل الناس، هل يعقوب في بيته ومجلسه مثل عائلته والأقربون وزوجه، نحن نختلف حسب مواقع الناس و مواقعنا في الحدث، أنا لست جاهل بطبيعة إبنتي نعم هي صلبة، قوية ولكنها وفية ومحبة وتعطي وقت الأمان لكل صاحب قدره
لتبتسم بهية وقالت بحب : كما قالوا ولم يكذبوا، لجبران الزهراء ولزهران خديجة
أبتسم لها وقال بود : والله أحب أحفادي جميعا ولا أفرق بينهم، ولكن أراها إبنتي، لو كنت إبنة تشبهني ما كنت ستكون مثل خديجة، سبحان من خلق فصور، فأحسن الصور
ناظرته بهدوء وقالت بمحبة ونصح : عسي حديثك يمس كل قلبك وكل أجزائك يا حبيب العمر
نظرة بينهم تعرفها وتعرف غضبه وصراعه، الذي إذا غلبه لا يراه إلا عزيزها وقرة عينيها وشبيه أباه صهيب،ستظل الغصة تقف بينهم وبين صور الصديق، تتجسد الخطايا حول الأعناق تشدد لتبدد الأرواح والقلوب وتلطخ بلون الكفن
...................
يخرج من المرحاض يلف المنشفة حول خاصرته ويغني بإهمال ويجفف شعره وهي تجلس في الزوايا تشاهد تقاليده في الإستحمام، يدخل ويزيل كل ملابسه علي باب الحمام قطعة هنا وهناك، ويخرج يلف منشفة وهي يرقص ويغني ويجفف شعره ونظرة للمرأة وهو يشكر في وسامته قائلا بسعادة "ياربي ما أجملك يا فتي، بسم الله عليك من العين"  و يقترب من الخزانة يقلبها رأسا علي عقب وهو يبحث عن ملابسه نومه، عمله، مجلسه العادية، ملابسه الرسمية، ملابس سفره. كلهم يتحولون لكومة داخل الخزانة، وإذا ضربت رأسك بالحائط لن يغير فعله وان تشاجرت يخبرك بكل هدوء" دعي ملابسي أعرف تربيتهم، أصلا ما تفعلوه يفسدهم"، تمسك كوبها تجلس علي إحدي الكراسي الوثيرة، ليزيل منشفته اعتادت إنه علي الأقل يرتدي الجزء القليل من الستر في ثوبه، ولكن اليوم فاجأها وعلي الرغم أنه لا يراه، لتشهق في مفاجأة ويسقط الكأس منها لتصرخ فيه وهي تدير وجهها وهي تقول بأمر : يعقوب استر نفسك، الا يوجد في وجهك ذرة خجل
ليتفاجأ من وجودها ويلملم المنشفة حوله قائلا بصدمة : بسم الله الحافظ، متي جئت، لم أراك
ظلت علي وضعها وقالت بطلب : أستر نفسك أولا وبعدها نتحدث
ارتدي جزء من ملابسه قائلا وهو يرتدي سروال منزلي قصير وهو يقول لها بهدوء : انتهينا سيدتي، واقترب من الطعام قليلا : انا جائع حقا
لتخبره وهي ترفع كوبها من الأرض وهي تقول بندم  وهي تضع فوطة المطبخ التي كانت تسمح بها الطاولة إذا تساقط شيئا عليها : فسدت السجدة
ليمضغ الطعام قائلا بسهولة :  ستغسل لا تخافي، هل تأكلين
لتناظره بصدمة قائلة : أين باقي ثيابك
ضحك قائلا : أكلهم القط خدوج
رفعت حاجبها وقالت بتحدي : والله، فتي فاسد
ليأخذ طبق العسل ويضيف القشدة عليهم ويقوم بمزجهم قائلا بتساؤل : كيف قضتي اليوم من دوني
وغمز في نهاية الجملة
لتقول وهي تحرك خاتمها قائلة : ابدا انتهيت بعضا في رسالة الماجستير وانهيت بعض الملفات التي أخذتها ولأعمل عليها في الإجازة وبعثتها للمكتب، واستمعت لنواقص العرس و التخطيطات وشكوى والدتك لفسخ خطبة حفصة والباقي أمور عادية
ليقول بتساؤل : وكيف هي عروس صهيب، جميلة؟
لتناظرها من أعلي و أسفل قائلة : وما لك في هذا
ليقول ببراءة : أخاف أن يكون حظه مثلي، الصيت ولا الغني
لتضربه علي كتفه قائلة : خسئت، أنت كنت تحلم بوحدة مثلي أساسا يا أبن حسناء
ليقول ضاحكا وهو يقف : هل علي قدر حديثك
هز رأسها بنعم وهي تقول بثقة : نعم، ماذا عندك
ليقترب خطوة وهي تتراجع وتركض في الجناح الوسيع وهو يقول : أين شجاعتك قطتي، تعال هنا
لتهز رأسها بلا، وتبتعد عنها خطوات للخلف وشعرها مبعثر وهائج تموجه، ليضحك وفي لحظة وصلها بينما حاولت الفرار، ليمسك بها رغم محاولاتها لإفلات، ويحكم يدها بيده ويرفعها بيده الأخري لوجهه ليطبع قبلة علي خدها وهي يداعب أنفه بأنفها، قائلا بحب :أغرق في بحر عينك وتكسبي كل المعارك يا خدوج
قالت بصوت حاني بطلب :إذن هل سترتدي ثيابك، لا اطمئن لك هكذا
ليقول وهو يفلتها ضاحكا مجددا : خدوج، هكذا دائما أنا وأغلب الرجال عامة، لا تخجلي كلي لك حلال لا تخافين لا أكل القطط ليلا
تجاوزته وهي تعود للمرأة لتصفف شعرها وترطب بشرتها قبل النوم، ليلتفت بالصدفة لصفحة تاريخ اليوم وهو يلتقط أخر لقمة من طعامه قائلا بدهشة : أنظري يا قطة، أليس اليوم السابع...
ألم يقولوا القدماء بتحذير أن حبل الكذب قصير، ناظرته بصدمة، المواجهة التي طعمت في تأجليها غدا، قررت عالقة اليوم...... يتبع

....................


زهور الغفرانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن