البارت_10

136 6 1
                                    

خطى الدون (چاكوب) باتجاه مكتب القاعة يجلس على مقعده، ويده راحت تعبث بمخططات تصاميم المنتجع خاصته، وصور لمنشاءاته بعد أن انتهى المهندسون والعمال من وضع لمساتهم الأخيرة، ومقلتيه تنضح بالحماسة والنشاط.

ومن ثم تبدلت ملامحه من الصفو إلى العبوس، وذلك ما إن شرد بتلك الخائنة (ناتاشا)، إذ عَلِقت كلمات (ماركوس) في تفكيره بل ملاحظات جميع من حوله عنها وكان بكل غباء يتجاهل تحفظاتهم عن شخصيتها، فهي حقاً أنانية ووصولية أيضاً.

سيطر عليه الغيظ وهو يتذكر بعض من مقتطفات لحظاتهما الحميمية معاً، فهي كانت تجيد العزف على أوتار غرائزه الرجولية، فبالرغم من كونه زير نساء وهذا كان في السابق قبل أن يعلق بحبال عشقها الزائف إلا أنها استطعت أن تقود إنسان الكهف الشهواني الذي يسكن بداخله ببراعة وحرفية.

كانت تبالغ في إثارته، تفعل كل ما هو مباح وغير مباح لتسيطر عليه وتعميه عن أي عيوب بها، وبالرغم من أنها كانت متطلبة لأبعد حد، إلا أن هذا لم يكن يثير استياءه، فالمال يُجنى لإنفاقه والتمتع بمباهج الحياة!

لم يبخل عليها يوماً لا بماله ولا بمشاعره، لم يتذمر ولو لمرة واحدة عندما كانت تطالبه باصطحابها إلى أفخر دور الأزياء لتبتاع ما تريد، كما أنها كانت تسأله كل ليلة التنزه وارتياد أفخم الفنادق والمطاعم.

ناهيك عن سفراتها ومناسباتها المتعددة التي لا تنتهي وبكل مناسبة منها لا تنفك تسأله عما سيجلبه لها من هدايا ومصاغ وربما تقترح عليه ما تريد كسيارة أو طاقم من الألماس الحر وما كثرة مناسباتها!! فذاك عيد مولدها، وتلك ذكرى لقائهما الأول، وهذا تاريخ نفس اليوم الذي اسمعته به أول كلمة حب وكأنها تمن عليه بها، و.. و.. و..

كلها افتكاسات كان غرضها استنزافه مادياً، وقتها كان يستغرب ولكنه أبداً لم يعبئ.

طرق بباطن قبضته المتكورة سطح المكتب أمامه باستشاطة من حاله قبل أن يكون منها، فبالأخير هو مَن سلمها مقاليد أموره وأعطاه مفاتيح قلبه وجعلها تهيمن على حواسه، فالملام الوحيد هنا هو ولا أحد غيره.

فحتى مع تنكرها له بالفترة الأخيرة وكثرة تذمرها وابتعادها المفاجئ عنه وعن لقاءاتهما الحميمية وتحججها بأعذار واهية وسعيها إلى الخروج المستمر دون رفقته حتى أنها هجرت فراشهما، وكانت تبيبت معظم الأوقات لدى رفيقتها تلك ولكنه أبداً لم يشك بها.

أيام وليال قضاها في نزاعات وهي تشتكي تقصيره في حقها وتشعره بالذنب كونه انشغل عنها بالعمل، غفوات ظل يشعر فيها بالحرمان في فراش بارد كالثلج بعد أن عوَّدته على دفء إثارتها ولكنه أبداً لم يُرْجِع السبب إلى كونها ركضت لاهثة خلف أبله آخر، بل ظنها تتدلل ليس إلا.

وللحق، بالرغم من مقته الذي يملأ قلبه تجاه القميء (سيمانز) إلا أنه يشعر بالشفقة حياله إذ بعداوته التي يبرزها هذا المغيب الآخر في كل موقف يجمعه به تأكد الدون بأن تلك الحية (ناتاشا) قد أحكمت شركها حوله.

رواية عقول غيبها العشق بقلم الأسطورة أسماء حميدة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن