3/ فتاة الكتب..

4 2 0
                                    

كانت تتحرك بسرعة لتنهي تحضير حلوى الشوكولا التي يطلبها الكثير من الزبائن .. اتجهت إلى داخل المكتبة حين فرغت من الطبخ وهي تتنهد بتعب في أول النهار .. بدأت تدور حول الرفوف تبحث عن رواية جديدة تنسى نفسها فيها .. وقد وجدت عنوانا لفتها ..
- عدّاء الطائرة الورقية؟ سأجرّبه ..
- إنه اختيار موفّق.
استدارت على إثر الصوت العميق وقد بقي في ذاكرتها .. 
- هل قرأتها ؟
- لأجلِك .. ألف مرّة أخرى ..
- ماذا! 
ابتسم وهو يشير إلى الكتاب في يدها قائلا : ستقفين عند هذه العبارة ولن تنسيها كما لم أفعل ..
ابتسمت وهي تفكر أنه شخص قرأ الكثير من الكتب ..
أضاف قائلا : أحتاج كتابا يحكي عن الكتابة ، هل يمكنني أن أجد ما يساعدني هنا ؟
- طبعا ، لقد ملأت هذه الرفوف بأنواع مختلفة من الكتب لكنني أكثرت من الروايات لأنها في ظنّي أكثر إمتاعا من الكتب كما أنني الزبونة الوحيدة التي تستهويها مكتبتها .. ضحكت بخفّة في نهاية كلامها ..
انتبه أنه فعلا قلّما يأتي الناس إلى المكتبة ليسألها باهتمام : ربما لم ينتبه الزبائن لوجودها..؟
- بلى ، أضع لافتة في المقهى تخبر باتجاه المكتبة ..
- أنا لم أرها ، المشكلة إذن في مكان اللافتة..
- تعال معي سأريك مكانها ..
تخطّته بسرعة لتخرج من الباب الخشبيّ الذي يدخل إلى المكتبة الفريدة من نوعها ، ليتبعها بخطوات متريّثة ..
- إنها هنا ، ألا تظن أنها في مكان مناسب ؟
نظر إلى باب الولوج إلى المقهى ثم إلى اللافتة وهو يقول : ليست واضحة لمن يدخل ويتجه إلى مكانه مباشرة كما أن الضوء المنبعث من النوافذ العالية ينعكس عليها فلا تكون الكلمات واضحة بما يكفي .. ضعيها هناك أمام طاولة الاستقبال ستكون أوضح ..
نظرت إلى المكان الذي يشير إليه ثم أومأت موافقة : حسنا سأجرّب ..
بعد أن علّقت اللافتة.. عادا مجددا إلى المكتبة ..
- أتعلم .. أظنني كنت أستمتع بالبقاء وحدي هنا ..
- هل أذهب ؟
انفلتت ضحكة لطيفة منها وهي تبحث عن الكتاب الذي يريده لتجد ديوانا شعريّا يحكي عن الفراق ..
- أفكر أن الشِّعر سيكون مفيدا لك أكثر لكن خذ معه هذا الكتاب بما أنك طلبته ..
كان يراقبها وهي تحمل الكتابين وتضعهما على طاولة بيضاء مربّعة .. فتحت دفترا كبيرا وأخرجت قلَما من جيب المئزر الذي ترتديه .. وارتدت نظّارةً كانت قابعة بهدوء على سطح الطاولة .. انحنت وهي تسجل أسماء الكتب ثم نظرت إليه بخفة وهي تقول: أحتاج اسمك لأسجّل أنك من استعار الكتابين..
أومأ مجيبا : أنيس ..
- وأنتِ؟
أجابت وهي تكتب اسمه : زاد ..
ابتسم معها ابتسامة صادقة وهو يقول بامتنان : شكرا لكِ آنسة زاد .. تشرّفت بمعرفتكِ .
منحته الكتب في كيس أصفر لطيف وهي تقول : أتمنى أن تفيدك الكتب ..
- لطالما فعلَت!
- لطالما فعلَت معي أيضا!

~•~

هذا أيضا يوم جديد .. تدخل فيه المكان الذي كان قبل عام حلما .. كانت تتمنّى ألا تبقى أحلامها مجرّد أحلام .. دعمٌ من الأب حقّق بعض الأحلام.. شكرا للوالدين حين عكفا على تحقيق بعض الأمنيات..
إنه رجل حزين لكنه يجيد إخفاء حزنه بنبرة تحوي قوّة معتبرة .. هكذا فكّرت وهي تمرّ على الطاولة التي يجلس عليها منذ أول مرة رأته فيها يكتب! واضح أنه يكتب شيئا مهمّا لكنها تريد معرفة ما يكتب .. هل ستسأله بما أنهما قد أصبحا يتحدثان قليلا؟
ابتسمت وهي تحضّر لنفسها كوبًا من الشّاي ..
كانت ستختفي داخل مكانها المريح لكن الفتاة التي كانت في صورة دفتره ظهرت مجددا وهي تدلف المقهى بشيء من الغرور .. علا صوت طرق كعبها العالي وهي تمشي نحو الطاولة الزرقاء التي يجلس عليها أنيس عادةً..
اتجهت نحوها وهي ترتدي في طريقها مئزر العمل كأنها نادلة حقيقية ..
- مرحبا .. شاي أم قهوة! 
نظرت شام إلى الشابة الجميلة التي تحدّثها وقد انتبهت أنها نادلة ..
- شاي من فضلك .. وكعكة شوكولا لو سمحتِ!
- في الحال ..
عادت زاد بالطّلب وكانت تنوي الرحيل كابحة فضولها بشأن الصورة بيأس لكن شام استوقفتها قائلة : هل هذا مقهى جديد؟
- آه أجل لم يمرّ شهر على افتتاحه.
- أوصاني به صديق وأحببته بالفعل ..
أومأت زاد بابتسامة لطيفة وهي تشكرها : سيكون من دواعي سروري أن تأتي لمقهانا لترتاحي ..
كما أنه يحوي مكتبة جميلة هناك ، يمكنك أن تلقي نظرة عليها ..
- رأيت اللّافتة عندما دخلت ، وكنت أنوي ذلك .. شكرا ..

حقولُ سْمِيرَالْدُوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن