5/ مشاعر..

6 2 0
                                    

في اليوم التالي .. استيقظت شام على صوت بوق سيارة في الأسفل  تلاه رنين هاتفها .
جذبته متثاقلة لتقرأ اسم زيد على الشاشة!..
رمته جانبا تتجاهله .. كانت بين اليقظة والنوم .. هتف صوت الإشعار بجانبها مجددا ، كانت رسالة صوتية منه :
- هل تستمرين في تجاهل اتصالاتي لأستمرّ في هذه الفوضى ! 

سمعت صوت بوق السيارة مجددا .. مرتين خفيفتين ثم مرة طويلة !
انتفضت من فوق السرير سريعا لتطل من النافذة ، تراه بسيارته يراقب نافذتها ..
لوّح بيديه مشيرا إليها بالنزول ،  تأففت و على مضض أشارت إليه بالانتظار لتجهز نفسها .
و خلال دقائق معدودة نزلت !
- غريب ..هذه المرة الأولى التي أرى فيها امرأة تتجهز بهذه السرعة وبهذه الأناقة..
قال ممازحا بينما شبكت يديها بتوتر تنظر إليه بصبر نافد ..
- ما الذي أتى بك إلى هنا! كنت سآتي أنا بنفسي!
- شكرا للباقتك آنسة شام .
- أعتذر منك حقا ولكن ....
قاطعها بإشارة من سبابته :
- هل يمكنكِ أن تركبي السيارة ؟
استدارت عائدة للمنزل :
- سأذهب بسيارتي .. شكرا لك.
- اصعدي من فضلك ،هذا كله في حدود العمل طبعا!

ركبت سيارته .. وضعت حزام الأمان  شغل محرك السيارة بدوره ثم انطلقا ...
- لم تنزعجي من كلامي بالأمس .. أليس كذلك!
أجابت ببساطة : ليس هناك ما يزعج.
ابتسم ساخرا :
- تقولين أنني قلقت بلا سبب إذن !..
رفعت حاجبيها وهي تنظر إليه ، قالت : قلقت ؟
قال مواربا :
- أعني .. قلقت على شراكتنا ، في النهاية عملي قد لا يرى النور لأن مزاج المنتجة معكر !
عادت تنظر إلى الطريق مبتسمة وكأنها تسخر من نفسها ، قالت : هكذا إذن . لابأس لم تنزعج المنتجة أيها المخرج .
أوقف السيارة في موقف السيارات التابع للشركة ، قال :
- انتظري لحظة ، لا تنزلي !
نظرت إليه بعدم فهم ولكنها امتثلت لأمره ..
تابعته بعينيها وهو ينزل و يأتي ناحيتها ليفتح لها الباب مشيرا إليها بالنزول : 
- بامكان منتجتنا العظيمة أن تنزل الآن ، تفضلي .
ضحكت شام قائلة بعفوية : على هذه الوتيرة لا أظنني سأختار العمل مع غيرك زيد . لا أظنني سأسحب العمل بأي حال من الأحوال .
ناظرته بعينيها السماويّتين و تابعت بذات الابتسامة العذبة : شكرا للطافتك .
كانت بعد ذلك أول من يقطع النظرات المتبادلة مبتعدة وهي تدقّ الطريق بكعبها الأسود العالي وقد سبقته بخطوات واثقة على عكس ما يحدث داخلها من فوضى ..
فتح زيد باب مكتبه قائلا عندما لمح صديقه : جئت أبكر مني!
وقف أنيس مستقبلا زيد بابتسامته الهادئة
- كما تعلم ، مواعيدي دقيقة..
- اه بالمناسبة ، جئت بضيفة معي ...
أشار إليها بعد أن وضعت أول خطواتها في القاعة لكنه ما لبث أن كتمَ حماسه وهو يقرأ ملامح الصدمة على وجهها .
سُكون المقابر خيّم على القاعة التي كانت قبل لحظاتٍ مفعمة بالحياة ، اتجه زيد بنظراته نحو أنيس ليلاحظ ذات الملامح المتجهمة التي كست وجه شام .
كسر زيد الصمت متسائلا : هل يعرف أحدكما الآخر ؟
بقيت شام في مكانها متصنّمة كما كان حال أنيس كذلك ،  أكلت التساؤلات رأس زيد ولكنه لم يتجرأ هذه المرة على كسر الصمت ..

فجأة توضّح الأمر في عقلها .. بات السيناريو الذي قرأته على الورق ممثلا ببشر حقيقيِّين و بمشاعر حقيقيةٍ في ذاكرتها ، سار أمامها متسلسلا بشكل عجيب فتحت عينيها على وُسعهما وهي تستذكر الأبطال الحقيقيين للسيناريو ،  غادرت القاعة سريعا غير آبهة لكليهما .
نظر زيد إلى أنيس بذات النظرات المتسائلة ، خاطبه قائلا : انتظر قليلا ..
و خرج خلفها  .
تعالت نداءاته في الرواق : آنسة شام ، من فضلك .
لكنها دون انتباه منها سارت بخطوات سريعة حتى شعرت بكفّه على ذراعها تسحبها لتهدأ خطواتها قليلا .
عندما تواجها تنفّس متعبا من المشي السريع خلفها : هل يمكننا التحدث .
- لا
- لماذا!
- لا أريد أن أبقى هنا زيد ..
ابتسم مستخفا : ولكنك كنت بخير قبل ....
قاطعته : أريد العودة لمنزلي .
- حسنا إذن سأوصلك .
- ليس هناك داعٍ حقا ، شكرا لك .
- حسنا هل يمكنني أن أفهم فقط تغير حالتك هناك ؟
ابتسمت ابتسامة باهتة : اسأل صديقك!
نظر عميقا إلى بحر عينيها .. ثم أبعد كفه وسمح لها بالمغادرة !

حقولُ سْمِيرَالْدُوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن