8/ حبّ جديد للعاشقة القديمة.

10 4 3
                                    

إنه اليوم على أعتاب بداياته الجديدة يعلم أنه يغادر نفسه إلى الأبد ..أو ربما يجد نفسًا جديدة..

حصل على رضا والدته بعد أن أتم عامه الأول كعامل مبتدئ في الشركة التي أجبرته نوعا ما على العمل فيها، خرج سريعا من الحفلة المقامة لأجله ليتجه نحو البحر في ليلة شتوية باردة جدا ، ما الفرق إن كانت دواخله حارة جدا تكاد تخنقه ..
فتح مدونته السرية في حاسوبه الذي أحضره معه و تابع كتابة ما كان قد بدأه بالأمس..

- أنا أكرهك أيها العالم !
رفع رأسه كالملسوع وقد خدش صمته الصوت العالي لفتاة تقف رافعة رأسها للسّماء ليست ببيعدةٍ عن الكرسي الذي يجلس عليه.. تفرد جناحيها للهواء البارد كما لو أنها تريد أن تقول بكل طاقتها للعالم أنا أكرهك ولا أبالي بما ستفعله !
رفع هاتفه و دون انتباه منه التقط صورة لها على الجانب قائلا : مذهل..
استدارت نحوه بالكامل حينما سمعت صوت التقاط الصورة !
اقتربت منه ليرفع رأسه إليها قائلا بابتسامة :
- يبدو أن كلانا يكره هذا العالم .
شبك يديه و أشار بعينيه للبحر :
- يمكنكِ إخباره المزيد إن شئتِ ، لا تبالي بوجودي..
رفعت حاجبيها مستغربة ثم ما لبثت أن ضحكت بخفة قائلة: هل تسمح لي بالجلوس ؟
ربّت على الكرسي الطويل قائلا:
- ليلة بائسة للبؤساء ؟
- لنقل أنها ليلة جميلة للبؤساء !
- ما الذي يجعلها كذلك ؟
نظرت إليه مستغربة كما لو أنها لم تفهم سؤاله ، قال شارحا :
- أعني ، ما الذي يجعلك تقولين أنها جميلة ؟ قبل قليل كنتِ تعترفين للعالم أنك تكرهينه .
- آه دعك من هذا !
و في لحظات تخلّلها صمت مزعج لم ينتبه لنفسه يسألها :
- ماذا تفعلين هنا في هذه الليلة الباردة ؟
- هل هي كذلك ؟
- أليست كذلك ؟
ضحكت ضحكة منكسرة و توجهت بأنظارها نحو البحر :
- أحيانا أشعر أنني أشبه طائر الفينق ! داخلي يحترق و يكاد يحرق ما حولي .. لكنني أستمر بالنهوض و العيش رغم حروقي !
اتجهت بأنظارها إليه تراقب عينيه اللّتان تنظران إلى البحر تارة وإليها تارة أخرى ، قالت :
- أتعرف الفينق ؟
- أسطورة .. أسطورة إغريقية غبية !
ابتسمت ولم تعلق ثم وقفت تنوي المغادرة ..مدت كفها مصافحة :
- شام الصديق ، سررت بمعرفتك .
وقبل أن يمد إليها يدا وقف :
- ولكنك لم تعرفيني بعد !
- من يأتي إلى البحر في هذه الليلة المتجمّدة شخص دواخله تحترق.. لذا نحن متشابهان..
ابتسم محدّقا رغم الإضاءة الخافتة لضوء القمر وقليلٍ من الأعمدة التي تضيء من بعيد بعينيها الّتي لم يتبيّن لونهما جيّدًا لكنّه رجّح في نفسه أنّه إما رماديّ أو أزرق..
- أنيس .. أرجو أن نلتقي مجددًا!

كتب ذات مساء على الكرسي الخشبي المحظوظ بمجالسة البحر وصخبه كل ليلة بخط رفيع حيثما جلسا في مرتهما الأولى : إلى الفتاةِ الّتي تشبه طائر الفينق.. أنا أنتظرك..!
كتبها بلونِ مغاير للون الكرسيّ الأسود.. كتبها كشيءٍ من اللّهو أو ربما على أمل لقائها مجددا..
اتصل بزيد ذلك اليوم :
- أظن أنك محق !
- صباح الخير ..
- أعتقد أن الحب من النظرة الأولى محض خرافة .
- صباح الخير مجددا !
- لا أستطيع لقاءها مجددا..
- مازلت تذكر نفس القصة ؟
- لقد كانت كالخيال زيد..
- أنت مجنون حقا..
- أخبرني ماذا أفعل ؟
- لا تفعل شيئا .. انتظرها فحسب..

حقولُ سْمِيرَالْدُوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن