9/ عندما تحضُنُكَ الرّياح

11 3 4
                                    


كلّما فاضتْ زدتُ غرقًا.. زدتُ حبًّا!..

فوضى في المشاعر .. عيونٌ تكاد تفيض بعد قراءة ماكتبه أنيس.. هل تعمّد ذكر كل التفاصيل الّتي بقيت عالقة في نفسها إلى اليوم.. أحبّت أنها عاشت مثل هذه الذكريات يوما ما .. ابتسمت وهي ترفع عينيها الدامعتين نحو زيد فوجدته يحتويها بنظرةٍ آمنة! كيف لنظرةٍ أن تُريحَ قلبًا..
- كان كل شيء رائعا فقط!
قالتها وهي تزيح نظرها لأنيس ليومئ بابتسامة هادئة يقول: كان كذلك..
كان .. فعلٌ ماضٍ مبنيّ على سعاداتٍ كثيرة وأحزانٍ قديمة ، البعض يتمنى لو كان الفعلُ مستمرًّا والبعض الآخر ممتنٌ لكونهِ ماضيًا فقط.. عندما تختلطُ مشاعر المرء وهو يعيش جانبا جديدا من حياةٍ لم يألفها يشعرُ بالخوف قليلا من الأيام المقبلة.. لكنّ يقينه بوجود العوض يرسم حوله دائرة تحميهِ من المجهول ليعيش يومه فقط ويرضى بما فيه ..
حمحم زيد وهو يشعر بضيْقٍ مفاجئ وهو يراهما يتبادلان نظراتٍ ربما تكون متحسّرة على ضياعِ ذلك الحب! هل هو خائفٌ من أنها لا زالت تكنّ له بعض المشاعر .. أجل هو خائف..
- مسارُ الفيلم يحدّده المخرج وفقاً لرؤيته الإخراجية.. كيف ترى سير الأحداث يازيد؟
كان أنيس الذي تحدث ليجيبه زيد بجدّية قائلا: في عالمِ السينما لاشيءَ أهمّ من قصة جيّدة..
وافقته شام قائلة: بالفعلِ السيناريو هو العنصر الأهم في صناعة السينما ، بالمناسبة كم لبثت وأنت تكتبه ؟
- عامٌ كامل..
سأل زيد باستغراب: عامٌ كامل وأنت تكتب في ذلك المقهى!
تنهّد أنيس قائلا : مع الأسف كان ذلك قبل شهرٍ فقط..
ساد الصمت للحظاتٍ كانت شام تقلّب فيه الأوراق وأنيس يبحث في هاتفه عن شيء ما وبدا منغمسًا أما زيد فكان يراقبها فقط وهي تعيد تصفّح أوراق السيناريو لتسأل أنيس قائلة بتوتّر : ترى هل مازال البطل يحتفظ بالصورة!
قبل أن يجيب نظر إلى زيد .. يبحث في عينيهِ عن شيءٍ ما ، هو يشعر أن صديقه بدأ يغوص في عيونِها بشدّة ولا يريد أن يفسد عليهِ غرقَه..
قال مبتسما : لابدّ أنها في المكان الّذي يجب أن تبقى فيه..
أومأت شام لكنّها لم تفهم أين هي الصّورة ليسأل زيد ببرودٍ : ماذا عن البطلة ، هل احتفظت بها !
- لا تزال تحتفظ بها، هي صورتها في النهاية!
أومأ كلاهُما ليقف زيد فجأة وهو ينهي الإجتماع قائلا : هذا يكفي لليوم ..
وقفت شام باستغراب لملامحه الّتي سقطت فجأة تسأله: متى نلتقي مجدّدا؟
- سأوفيكم بالموعد القادم بعد أن يجتمع طاقم العمل..
كان سيخرج ويتركهُما معا .. لكن النهاية الّتي خطّها أنيس زرعت فيه شيئا من الأمل .. شيئا من البقاء رغم خوفه من أنها لا تزال تحبّه .. وقف أنيس هو الآخر يصافح كلًّا منهما قائلا: سأذهب لدي موعدٌ آخر وجب عليّ اللحاق به .. سعيد بالعمل معكما!
أومأت شام وهي تراقب اختفاءه لتنظر مجدّدا نحو زيد تسأله قائلة: هل حدث شيءٌ ما!
- مثلُ ماذا؟
اقتربت تقف بقربه : لا أدري فقط شعرتُ أنكَ غير مرتاحٍ بعدما أنهيتُ السرد!
- أظنّني شعرت بالغيرة من بطل القصّة لأنّني أحببت البطلة!
ارتعش قلبُها وهي تطلب تفسيرًا .. ليضحك وهو يضرب كتفه بكتفها ممازحاً :
- هي مجرّد شخصية خيالية ، لا تشغلي بالكِ بي..
تنهدت شام بارتياح و كأن كلماته الأخيرة كانت قد ضغطت كثيرا على جدران قفصها الصدري..
نظرت إلى ساعتها ثم استأذنته بالخروج لموعدٍ آخر..

حقولُ سْمِيرَالْدُوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن