10/ سِرُّه على اللّوحة.

8 5 16
                                    

تراجعت زاد وهي لا تفهم ما يحدث .. من أين يعرف والدها أنيس ليتخذ موقفا عدائيا تجاهه ، هل يوجد ما خفي عنها.. قالت وهي تسأل: لكن لماذا !
- لا تناقشيني في الموضوع يازاد هذه آخر كلمة!..
ثم ابتعد دون أن يضيف كلمة أخرى.. دون أن يخبرها أنه اشتاق لها كثيرا .. دون أن يطمئنها أن العملية جرت بشكل جيد وارتاح بعدها جيدا ثم عاد.. هل أزعجه ذلك بشدّة!؟ نظرت زاد نحو أمها التي ظهرت من المطبخ لتسرع إليها قائلة: أمي مالّذي يحدث!
بدى على أمها التشوش كذلك وهي تقول : لم أر الرجل لذلك لا أعلم لم غضب والدك هكذا .. قبل أن يراه كان يضحك ويحكي كم أنه اشتاق لكِ.. من هو هذا الرجل!
- إنّه زبون في المقهى وقد كان يتردّد عليه كثيرا مؤخرا لذلك أصبحنا نوعا ما أصدقاء ..
- سأسأله وأخبرك فيما بعد ، ارتاحي الآن!
ابتعدت زاد وهي تشعر بالخيبة من تصرّف والدها وهي لم تتوقع أن يستقبلها بجفاء بعد اشتياقٍ طال ثلاثة أشهرٍ كاملة .. دخلت غرفتها وهي تغلق الباب وراءها.. غرفةُُ بطلاءٍ أبيض غير الجدار الذي يحوي النافذة .. كان لونه أزرقًا ياقوتيًّا .. لونُ شُجُون المفضّل.. تعلّق على جدرانها صورًا لأنواع الورود وبعض الأغصان المتشابكة المرسومة بإتقان كذكرى باقية .. فتحت هاتفها على ما أرسله أنيس .. ملف للسّيناريو الأولي قبل مراجعته من قِبل مدقّق النصوص.. بدأت قراءته وهي تستلقي مباشرة فوق سريرها تحاول نسيان ما حدث مع والدها قبل قليل..

~○~

في نفس ذلك اليوم وأثناء العاشرة صباحا ..خرجت شام من حمام غرفتها تلفّ على شعرها المبلّل منشفة زرقاء ، أمسكت هاتفها ليقابلها إشعار رسالة إيميل على هاتفها ، أخذت نظرة خاطفة على مرسلها في حين تقوم بتجفيف شعرها بالمنشفة بيدٍ واحدة..
فتحت الرسالة لتجدها من مساعد زيد في الإخراج مكتوب فيها مجموعة من أسماء الممثلين المقترحة للعمل من بينهم أنيس و حديثا عن الميزانية المحتمل استثمارها فيه .
بعد أن جفّفت شعرها وتركته منسدلًا بخفّة على كتفيها، غيرت ثيابها لتغادر سريعا متجهة لمكتب زيد .
أحدثت جلبة فور دخولها تريد مقابلته ، لكن الوحيد الذي وجدته في المكتب هو مساعده الذي قال برسمية:
- مرحبا سيدتي ، أنا إياد مساعد المخرج الأول ، كيف يمكنني المساعدة ؟
- أين هو زيد؟
- إنه في الورشة .
- أين هي؟
قال إياد متلبّكا : أخشى أنه لا يمكن لأحد دخولها عندما يكون فيها.
ضحكت شام مستهزئة وشقّت طريقها تبحث عن الورشة قائلة خلفه:
- إن لم تخبرني فسأجدُها بمفردي .
خرجت من المكتب تبحث عن هذه الورشة في نفس الطابق لتجد بابا في نهايته ليس مغلقا كلّيًا..
فتحت الباب دون أن تطرقه ليستدير زيد متفاجئا ويجد شام تتقدم وخلفها مساعده الذي اعتذر بقلّة حيلة.
وقف زيد و أشار إليه بتركها و المغادرة . فأغلق الباب بدوره وخرج.
اقتربت منه ببطئ وهي تطرق الأرض بكعبها الأسود قائلة بابتسامة غاضبة وهي تريه الإيميل على الهاتف:
- حتى لم تكلف نفسك بأن ترسله أنت! ماذا يعني هذا؟
نظر زيد عن قرب إلى الهاتف كما لو أنه لا يعلم عنه شيئا ثم أبعد ناظريه بهدوء وقال : ماذا يعني هذا؟
- ما معنى أن تختار ممثلين هواة لم يسمع عنهم أحد لم نتّفق هكذا!
قال ببرود : إنها النظرة المستقبلية للمخرج!
أغمضت عينيها محاولة بذلك أن تهدّئ أعصابها :
- زيد اسمعني رجاءً! ، نحن شركة إنتاجٍ صغيرة و غير معروفة لن يشاهدنا أحد ما لم يكن الإشهار قويًّا ، والإشهار هنا هو ممثلٌ مشهور ولديه قاعدة جماهيريّة كبيرة ألا توافقني الرأي!؟

حقولُ سْمِيرَالْدُوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن