《 سرٌ داكنٌ 》11

3.5K 79 0
                                        

 كان مزاجه عكرٌ متقلبٌ لمعرفته لسرٌ داكنٌ،  ظلّ لمدة كبيرة من الوقت يحاول استيعاب حقيقة أبويه البشعة فقد سولت لهما أنفسهم بأمرٍ سوءٍ، ووصل هذا الأمر إلى القتل، يالهما من متحجرين القلب، وكل ماجرى من أجل المال والغيرة،
سيطر عليه شعور الغضب والعار بسبب مافعلوه، وأحسّ بالنار تتلظى بداخله أكثر فأكثر، فأغمض عيناهُ ذات الدمع بإحكام، مقاوماً الصداع الذي بدأ ينتباهُ من كثرة التفكير في مكرهم، قطع حبل أفكاره "فيروزة" ولكنه ظلّ صامتاً لمدة دقيقتين يرمقها بشيء من الحزن والتعاسة، لكنها أغمضت عيناها نصف إغماضة وعادت تحدثه متسائلة:
-مالك يايبني مبحلق فيا كدا ليه؟.

حاول إخفاء تأثير ما سمعه للتو، وقال باسماً:
-مفيش، المهم طمنيني عليكِ أنتِ مبسوطة في حياتك الجديدة.

ردّت عليه في لهجة قلقة:
-أطمن أنا مبسوطة على الآخر، لكن أنت كويس، فيك حاجة طيب؟.

أجاب عليها قائلاً:
-متقلقيش أنا تمام.

دققت النظر إليه وتأكدت بأن به شيء يحزنهُ:
-مش مطمنة لكلامك دا حساك فيك حاجة مش طبيعية، وبعدين مال عينيك مدمعة كدا ليه!.

هز رأسه بالنفي وهو يمسح عيناهُ:
-خالص دا رمش دخل فيها وكنت بحاول أخرجه مش أكتر.

-تعال نقعد في الجنينة شوية واحكيلي على اللي مضايقك، وماتقولش مفيش اللي ربى غير من اللي اشترى، وأنت متربى على أيديا.

فلما جلسوا على المقاعد في الحديقة الخارجية، أردفت "فيرروزة" مشجعة:
-ودلوقتى بقينا بعيد عن دوشتهم المزعجة، ف تقدر نتكلم براحتنا، يلا أحيكلي وكلي آذان صاغية.

-مش عارف أبدأ منين حاسس إني متشتت، أو يمكن عشان مش عارف أعيش زي ما كنت عاوز.
سكت لبرهة عن الكلام وهو يفكر مازال سيقول لها هل يخبرها بالحقيقة  أم ينتظر الوقت المناسب، فحالته الآن لم تشجعه على أنبأها بذلك السر الذي سيكون صادمة جمة للجميع، وحينها سيشتعل البيت ناراً، ولن يستطيع أحد بأن يخمدها، تسألت بود عمّ يريده، فقال في نبرة يكسوها الأسى:
-كان نفسي أعيش وسط أب وأم أسوياء مش ناقمين لنعم ربنا ومستقلين بيها، من وقت ما وعيت على الدنيا وأنا شايف أب مستهتر بنفسه وبعياله ومراته، ولا فارقله أي حاجة، وضارب الدنيا بالصرمة، عمره ما أهتم بيا ولا عمره سأل إذا كنت محتاج حاجة أو في موضوع مزعلني، تخيلي عمره ماجه وقعد معايا وسمعني زي ما أي أب بيعمل مع ابنه، وأم طماعة وجشعة كل همها الوحيد هو الفلوس وبس، شايفة أبويا عبارة عن ماكنة Atm، رغم إنه أصلاً مش تعبان في الفلوس دي اللي بتجيلوا على الطبطاب، من غير أي جهد، أما هي عاوزة بس تسحب فلوس وتفرتكها وتلبس احلى لبس، وتخرج احلى خروجات، ولو شافت حد عايش أحسن منها، أو عنده نعمة مش عندها بتحسده، وبتتمنى تزول من وشه، دا كمان وصلت لدرجة بشعة أوي أنها بقت بتتمنى الموت لغيرها، لأن دا هيبسطها وهيخليها مرتاحة، عارفة بسبب أسلوبهم دا خلوا أخويا بقى نفس طباعهم، أنا لولا وجود أعمامي وأنتم كان زماني في حتة تانية، كان زماني ضايع أو نسخة تانية من وليد، دا أنا كويس إني أتربيت وسطكم، وإلا كان زماني ورثت منهم الطمع والجشع.

"لحن الزعفران" قيد التعديل🦋حيث تعيش القصص. اكتشف الآن