على مائدة الإفطار كانت "فيروزة" لا تأكل ولا تشرب شيئاً بتاتاً، بينما ظلّت مركزة بصرها صوب زوجها الذي لم يرفع عينيه إلى عيناها إلى نادراً، وكأنه يخشى أن تحدثه بشأن عدم حضوره لزفاف شقيقها، لأنه يعلم جيداً أنها مستائه من فعله هذا، ولكن حدث ما كان يخشاه عندما ألقت كلماتها في لهجة عتاب:
-ممكن أفهم أنت ليه ماجتش فرح آدم إمبارح؟، آه وياريت تلاقي حجة تانية غير الشغل لأنه اتهرس كتير الأيام اللي فاتت.
ترك المعلقة من يداهُ ورفع عيناه إليها وقال:
- وليه أدور على حجة تانية مدام فعلاً كنت في شغلي!.
-المفروض كنت تيجي وتحضر مناسبة خاصة ومهمة زي دي لعيلتي.
قاطعها "رائف" وقال محاولاً أن يحتفظ بنبرته الطبيعية:
-لو ترجعي معايا كدا بالزمن لكام شهر كدا، وقت ماكنا مخطوبين وتفتكري معايا لما قولتلك إني مابحبش التجمعات العائلية والمناسبات نهائياً، دا ولأن أنا بفضل بحب الهدوء والراحة.
-فاكرة بس دا مايمنعش أنك تيجي تقضي الواجب وبعدها تمشي مش شرط تفضل متواجد الوقت كله معانا.
-بس أنا مكنتش حابب أحضر.
بات الانزعاج واضح بشكل صريح على معالم وجهها حين قالت في لهجة متسائلة:
-ليه؟.
-عشان أنا كدا شخص كئيب غريب عجيب بحب أبقى في حالي.
نظرت له نظرة يشوبها مزيج من الغضب والضحك ثم تمتمت بإغتاظة:
-دا لو أنت عايش لوحدك وبطولك، لكنك دلوقتي مرتبط بيا وبعيلتي، أنت خلاص بقيت فرد من العيلة ومن واجبك أنك تشاركنا فرحتنا وزعلنا وكل حاجة.
-عارفة ليه أنا مابحبش جو التجمع العائلي بتاعكم.
صمت للحظة وهو ينظر في اللاشيء حوله ثم عاد ينظر إليها بحزنٍ وهو يقول بضيق يحتل حنجرته:
-عشان بيفكرني بعيلتي اللي اتفككت قبل ما تتجمع في فرح أو أي مناسبة حلوة، أنا عيلتي انتهت قبل ما تبدأ، أمي ماتت لما كنت صغير وأبويا مات بسكتة قلبية بعد موت أخويا في حادثة، عرفتي ليه بقى إن أنا مابتجمعش معاكم.
وقبل أن تقول زوجته شيئاً نهض عن المائدة وخرج من المنزل، بينما هي أحسّت بالحزن والشفقة لأجله رغم أفعاله البغيضة معها في الأيام السابقة، ولكن بعد ما سمعته منه جعلها تلتمس له العذر وتفهم مشاعره جيداً، ولكن مهلاً إنه قال بأن لديه شقيق آخر متوفى لم تسمع عنه من قبل، كل ما تعرفه إن لديه شقيق واحد فقط، وهنا شعرت بالحيرة والعجب وودّت أن تتصل به الآن لتستفسر منه ولكنها رأت من الأفضل أن تؤجل هذا الحديث إلى أن يعود في المساء ووقتها سوف تسأله.
☆☆☆☆☆☆☆☆☆
-أخيراً فتحتي دا أنا ريقي نشف.
أرسل هذه الرسالة "أنيس" الذي حاول جاهداً بشتى الطرق أن يتواصل مع معشوقته التي آبت أن تحدثه، وهذا كان عقاباً قاسياً منها، وهنا أتاهُ الرد على الفور منها في رسالة مبعوثة على أحد البرامج:
-مش قولتلك ماتكلمنيش تاني!.
أنت تقرأ
"لحن الزعفران" قيد التعديل🦋
عاطفية"إلى من أحببته يوماً وخذلني،، إلى من لا يشبهني ولا يقدر وجودي بجانبه،، إلى من جعلني أشعرُ معه بالإهمال والإساءة،، إلى من جعلني أشعرُ بوجوده بالخوف والقلق والإضطراب،، لقد عزمت اليوم على التخلى عنك وأن أعيدك إلى حيث تنتمى، أعيدك إلى منزلتك الأولى مجر...
