وقفت عند عتبة الباب لما وجدتهما مندمجين باللعب واللهو ببعض الألعاب الصناعية، وكان صوت ضحكهما عالِ و مسموع إلى حد مزعج، وهذا ما أثار في نفسها الغيرة، وعندما أبصر بها "عاطف" قال باسماً:
-على مايبدو أنك صحيتي على صوتنا لكن مش مهم تعالي شاركينا في اللعبة.
رفعت الصغيرة مُقلتها إلى أمها ثم أشارت إلى دميتها ودمية أخرى مُلقيه بجانبها أرضاً، وبعض الأشكال الهندسية البلاستيكية، وقالت بحماسٍ طفولي:
-بصي ياماما العروسة دي أنا، والدبدوب دا بيكون عمو عاطف العريس، وباقي اللعب معازيم فرحي.
نظرت إليهما وقد انبعث في صدرها غلٍ وضيقٍ حقيقي، لذلك اندفعت كالوحش المفترس وقفزت على ابنتها تعنفها كونها ساهرة إلى هذا الوقت المتأخر وتصدر صوت ضجة صاخبة بألعابها، فأحسّ أنه وقع في خطيئة عظمة لأنه كان يُمازح الصغيرة ويُلاطفها كأبٍ لها، لذلك قال في غضب:
-جرا إيه ياست مروة فيها إيه لما بنتك تسهر وتلعب شوية مش جريمة يعني.
أمسكت بالدمية وقطعتها أرباباً بالمقص، ثم قالت:
-ما هو دا اللي باخده من شكلها العكر هي وأبوها المنيل على عينه، ولولا الفلوس اللي باخدها منه بسببها كنت رمتهاله من بدري.
ثم جذبتها وأخذت تصب عليها جام غضبها، وهي تقذفها بالشتائم المؤذية، وقتئذٍ كانت الصغيرة "رحمة" تصرخ رغماً عنها طالبة النجدة والعون، من قسوة أمها التي هجمت عليها وشدّت شعرها بعنفٍ، فوقف هو بينهما فاصلاً وسحب الطفلة ورائه، وعندما أُصرت الأخرى على تعنيفها، خرجت كلماته من بين أسنانه وقال ممتعضاً:
-ما كفاية بقى اتهدى ياشيخة البت مش حمل ضربة من أيدك، وبعدين هي عملت إيه يعني عشان تضربيها بالغباء دا!.
-أوعى من قدامي أنا مش هسيبها غير لما تتربى، عشان بعد كدا متكسرش كلمتي لأني منبهه عليها مفيش لعب بليل.
وهنا ركضت "رحمة" بذعر واتخذت من وراء الستائر ساتراً خشيةً من بطش والدتها، وهمست بصوت خافت ضعيف وهي تبكي:
-ماتتضربنيش ياماما والله ماهلعب بليل تاني.
فما أن رآها "عاطف" في تلك الحالة أشفق عليها، وإذ به يقول في ضجر:
-حرام عليكِ البت هتموت من الخوف، كل دا عشان سهرت شوية وكانت بتلعب!.
-أيوة أصل كيفي كدا وبعدين أنت مالك.
ألقى نظرة عابسة إليها ثم أردف وهو يذهب من الغرفة قاصداً الخروج من هذا البيت لبيته الآخر:
-تصدقي صح وأنا مالي فعلاً إن شاء الله تموتيها وتدخلي السجن فيها.
قطبت وجهها وتسألت:
-استنى رايح فين.
انتشل حذائه وما أن جاء ليردتيه أجاب عليها:
-في نصيبه.
أسرعت خلفه وأمسكت به وهي تقول برجاء:
-خلاص ماتمشيش.
أردف "عاطف" عندما وصل إلى منتصف البيت وهو مصمم على المغادرة:
-بعد إيه بقى، بعد ما بهدلتي الدنيا وبوظتي مزاجي.
أنت تقرأ
"لحن الزعفران" قيد التعديل🦋
Romance"إلى من أحببته يوماً وخذلني،، إلى من لا يشبهني ولا يقدر وجودي بجانبه،، إلى من جعلني أشعرُ معه بالإهمال والإساءة،، إلى من جعلني أشعرُ بوجوده بالخوف والقلق والإضطراب،، لقد عزمت اليوم على التخلى عنك وأن أعيدك إلى حيث تنتمى، أعيدك إلى منزلتك الأولى مجر...
