كانت السماء وردية اللون
تتعانق سحبها الخفيفة شبيهة زبد البحر
تشكّل أشكالاً بديعة ما زادها سحرها ذلك الوضيئ التي أهدته الشمس
تتطاير أسراب الطيور معلنةً عن موسم الهجرة وتتمتع الأخرى بعلالة النسيم
مكثت جولييت رافعةً رأسها تتأمل السماء من نافذة المطبخ قبل أن يدخل الشيخ ويوقضها من شرودها مبتسماً
"آسفة لم ألحظ ظلّك.."
"لا داعي للقلق ، أتيت لاعلمك شيئ."
"وما هو؟"
استدارت له بالكامل توهبه انتباهها
"لنخرج من المنزل أولاً"
استدار قاصداً باب المنزل فتبعته ذات الشعر الأحمر قبل أن يتوقف الشيخ فجأة عند عتبة الباب
"لما توقفت؟"
استغربت تنظر إليه ما ان لمحت فجأةً عشرات سكان القرية الذين يقفون أمام المنزل بانتظام ما جعلها تُسعق لعددهم الوارِف
نساء و رجال ، صغار وكبار..
كانو يقفون باحترام في انتظار الشيخ.. وما ان تقدم ناحيتهم و تنحى جنباً لتقابلهم جولييت حتى انحنو جميعهم لها في منظر اقشعر منه بدنها
بلعت ريقها ثم وجّهت بصرها ناحية الشيخ تبحث عن جواب لأسئلتها التي أبت النبوس بها إلاّ أنه ابتسم لها مطمئناً إياها قبل ان ينطق رجل كان قد اتخذ موضعاً في الصف الأوّل:
"نحيّيك شمس مملكة أنستروليا"
ثم اردفت امرأة من الصف الثاني:
"كنّا ننتظركِ منذ وقت طويل مولاتي!"
وراح آخر:
"سنكرّس ما وقعت أعيننا عليه وما لم تقع فداءاً لكِ مولاتي لتسترجعي عرش أميرنا السابق"
ارتبكت الفتاة بينما تهمس للشيخ:
"س..سيدي.. ماذا لو كان بينهم خائن وأخبر تشارلز بأنني هنا؟.."
ابتسم هو الآخر واردف يخطو مقترباً من السكان:
"هذه القرية يا ابنتي ، بجمالها و سحرها البديع تُدعى بـ"نيفما" التي تعني الروح في اليونانية القديمة.. وقبل أن يُعدم أميرنا الراحل ، قام بجمع اولئك الذين يدعمون خطّته في هذا المكان قصد تكريس أنفسهم لمساعدتكِ"
"جمع هذا العدد الهائل؟.."
"جميعنا هنا أهل للثقة ولا خائن بيننا لذلك لا تقلقي"
"أيتسنى لي السؤال.. لما سمّى ديمتري هذه القرية ب"الروح"؟"
ابتسم الشيخ بحنيّة واردف بصوت منخفض
"لأنّ قدومك من سيبعث الروح فينا"
ساد صمت قصير تحاول فيه جولييت استيعاب الحدث الذي سترشِق به نفسهاَ كقارب في موج البحر قبل ان يردف أحد الرجال بصوت مرتفع قوله:
"فلتحيى حاكمتنا!"
ثم همّ أهل القرية بالهتافات لجولييت بصوت واحد بينما هي تبتسم وتلوّح لهم
"كريستا ، تقدمي"
نبس الشيخ لامرأة ما قبل ان تتقدم وسط السكان وتقف قبالة الشيخ و جولييت
كانت تبدو في عقدها الخامس نظراً لتلك التجاعيد بين عينيها السوداوتين وذلك الشيب الذي سيطر على سواد مقدمة شعرها
ورغم ذلك ، إلا أنها بدت قوية وصارمة.. تقف باستقامية ثم انحنت لجولييت ونظرت الى عيناها التي تحاكي أعين الصقر
"مولاتي.. هذه كريستا ، أحد أقوى السحرة المتخفين في البلاد وستكون معلّمتكِ"
ساحرة؟.. عرفت ذلك ، هذا التعبير ليس لشخص عادي!
"تشرفت بكِ مولاتي ، سأعلمكِ عن السحر وماهيته وسأكون الشخص الذي يوقض قوتكِ"
"ق..قوتي؟.."
اردف الشيخ تارةً أخرى:
"هنالك قوة نائمة بجوفكِ ، وان استيقظت ستتمكنين من هزيمة تشارلز.. تلك التي تخيفه وتجعله يبحث جاهداً لقتلكِ قبل ايقاضها"
"ومالذي.. تشمله قوتي؟"
توارت ابتسامة الشيخ بينما يوجه نظره للأرضية ملتزماً الصمت ريثما اردفت كريستا:
"هذا هو الشيئ الذي نجهله يا مولاتي.. الأمير ديميتري لم يصدر لنا علماً عن قوّتكِ."
صمتت الصغيرة صمتَ القلق
"لكن.. ماذا عن صديقاتي؟ لم ألمحهن؟"
"لاداعي للقلق.. هنّ يتدربنّ أيضاً"
"يتدربن؟!! ، مع من؟"
"يشرف عليهنّ السيد أبراهام ، وهو شاب لطيف لذا لا تقلقي.."
أنت تقرأ
أنَـسـترُوليـا | لَـعنة الكتَـاب.
Fantasy_ عيناكِ.. _ مابها؟. _كأنّها وهج استطلع عاقبة العالم فقرر أن يومض.