البارت الثاني

155 13 32
                                    


بينما كان عمر وصاحبه أشرف سائرين في حرم الجامعة، إذا بأشرف يلتفت إلى أقرب أصدقائه عمر ويقول له : والعمل يا عمر الامتحانات الميدترم بتقرب وفتون مش بتيجي الجامعه اصلا ولا تعرف حتي المواد بتاعتنا ايه ، انا عارف ان الفراق صعب بس ده قدرها و لازم هتشوفه وتعيشه محدش في الآخر بيهرب من مصيره وده اللي خلاني اتكلم معاك فيه و بكل صراحه .
ويقف أمامه ويضع يديه في جيب بنطاله ويتنهد ثم يكمل حديثه قائلاً : احنا ممكن نساعدها ونقف جنبها لحد ما تشد حيلها وانت أكتر واحد قريب ليها ، كلمها وخليها تنزل وتبقي فيوسطينا من تاني.

-عمر : ده اللي هيحصل وأنا جنبها هي ياما وقفت جنبي وساعدتني ، انا مشوفتش حد جدع زيها ...انت عارف اني ماليش صحاب وكلهم قريبين مني منظر و خلاص وده علشان عربيتي وفلوس أبويا والسلطه اللي أهلي فيها ، محدش احتاج يكون جنب عمر علشانه أو علشان شخصيته .. إنما وقت ما يكون في مشكله بكون لوحدي فعلا والكل بيخترع أي حجج فارغة ويمشي بس هي غيرهم تماما، كانت بتدعمني وتقويني حتي لو بكلمه واحده ... حتي في أوحش ظروفها بتفضل موجوده أنا لازم أكون جنبها و كمان أنا حاسس أن جوايا مشاعر ملغبطه ناحيتها ، ولكن انا هعمل اللي يقدرني عليه ربنا و إن شاء الله هتبقي في وسطنا من تاني.

-بصراحه انا اللي شايفه جوه عينيك لما بتيجي سيرتها ولا بتشوفها حتي لو صدفه إن ده حب ، ولكن انا محبيتش اتكلم معاك في حاجه زي دي خاصة أن موضوعك مع مريم مكملش شهرين منتهي

-بس فتون كانت عارفه انا بمر ب ايه ، وساعدتني كتير ، بصراحه اللي حببني في شخصيتها أنها كانت بتعوض اللي مأخدتهوش من مريم ، كانت بتحتوي ضعفي لو في اي مشكله عندي ، كانت زينة البنات وعقلها اكبر من سنها ، كانت عارفه حدودها والصح من الغلط وعلشان كده كانت بتجذبني ليها وانا مش حاسس ، لو فعلا اللي جوايا حب تقدر تساعدني اني اوصل ليها مشاعري ؟

-انا معاك أن فتون جدعه ومش هتلاقي زيها تحبك بجد ، بس اوعي تجرحها ولا تكسر قلبها متنساش أن باباها متوفى وأنك جاي في وقت هي ضعيفة فيه ، ف هساعدك يا صاحبي .

-متخفش يا صاحبي أنا قد كلامي ومش هوجعها وخطوبتنا هتكون في نفس يوم خطوبتك ونفس القاعه كمان مش هسيبك تفرح لوحدك أنت وزينب
ثم يعلو الضحك بينهم سويًّا ويضع أشرف يده على كتف صديقه مع ابتسامات متبادلة...

وبعد عدة أيام جاءت فتون إلي الجامعه لتسليم التكاليف المطلوبه ، وهي بداخل المبني الخاص بكليتها كانت تشعر بالدوار المفاجئ ، وتزايد في ضربات قلبها ، سقط منها دفاترها وملفاتها علي الأرض لتمسك رأسها وتغمض عينيها وكادت أن تقع في حين أن التقيها هذا الشاب الوسيم الذي ظهر من العدم ، فتحت عيناها لتحاول جاهده أن تستعيد وعيها ونشاطها من جديد ولكن دون جدوى فقد أصبحت مثل المياه بين يديه ، حملها بين ذراعيه واقترب قليلا منها ليشعر بأنفاسها الثقيله و كأنها تختنق ، ذهب بيها مسرعاً لغرفة الطوارئ ، وحكي للطبيب ما حدث ، وظل منتظر في الخارج ويفكر في عيونها الساحره ، كم هي جميلة لدرجة جذب عقله و قلبه من اول نظره ، ملامح وجهها الصافيه الرقيقه التي لا تتزين بالالوان الاصطناعية ، و حجابها المتكامل ليجعلها اميره وملائكيه ، فهذه هي الفتاه التي يحلم بيها ويتمني أن يكرمه بها الله ، آفاق شروده امرأه في الأربعينات من عمرها وهي تعطي له الدفاتر و الملفات التي سقطت من هذه الحوريه ، فتبسم لها شاكراً وفتح أحد الدفاتر ليرى اسمها وينصدم بفرحه عندما يعلم أنها بنفس كليته وأيضاً نفس القسم ، فرح كثيرا من الأقدار التي لا نعلم عنها شيء فقد يوهبنا الله بعض النعم في أكثر من صوره ، فقد كانت بالنسبه له نعمه وهبه كانت بين احضانه

افاق شروده صوت رنة جواله و أجاب علي المتصل قائلاً : والله خلصت الشئون وكنت جاي بس حصل موقف كده قدامي هبقي احكيلك بعدين ... بجد طب كويس والله إن الدكتور مجاش ده من حظي والا كان ضاع عليا التسليمات ... لا انا مش هقدر اكمل اليوم ولا هعرف اسلم عليكم بصراحه عندي مشوار مهم و هبقي احكيلك بعدين ، سلام انت دلوقتي
اغلق جواله بسبب خروج الطبيب و هو يقول : الحمدلله جت سليمه ، هي دلوقتي كويسه بس لازم تنتقل لأي مستشفي قريبه علشان تركب محلول يقويها ، هي ضغطها واطي ف ياريت تاخد المحلول في اسرع وقت ، حمدالله ع سلامتها

وتخرج وهي مستنده علي الجدران بخطوات بسيطه ، حتي أن وقفت أمامه بمسافة ليست بقريبة وقالت وهي تنظر في الأرض بخجل وتعب : متشكره لحضرتك ، وانا اسفه لو كنت اتعطلت بسببي ، تسمحلي اخد حاجتي علشان امشي ؟

-يجيب سريعاً عليها : لا

لترفع رأسها ليري تدفق الدم عليها وينظر إلى عينيها في رفق ليجيب مرة أخرى : احم انا اقصد لا علشان انتي تعبانه ومينفعش تبقي لوحدك ، وعلي الاقل اكمل دوري معاكي لحد ما تروحي المستشفي وبعد كده اسيبك

-ايوه بس أنا مش لوحدي ، ومعايا ناس هنا في الجامعه ، ومتشكره لحضرتك تعبتك معايا

-وتفتح حقيبتها و تخرج جوالها وتري أنه نفذ شحنها وتقول وهي يائسه : استغفرك ربي واتوب اليك ، لا اله إلا الله مش وقته والله
وتتساقط من عينيها دمعه لتمسحها سريعاً وتقول : من فضلك ممكن الحاجه بقي خليني امشي مينفعش نقف كده

-تبسم علي رقتها وخجلها وادبها الذي حرك قلبه اتجاه شخصيتها المميزه والنادره ، ثم تحرك أمامها لتنصدم هي ، اين هو ذاهب ، من هذا الشخص ، و ماذا ستفعل الان ؟ اسئله كثيره دارت في عقلها ، ولكن بقي الأمر كما هو عليه واستجابت لتمرده واتجهت بخطوات بسيطة حتي أن خرجوا من مبنى الشئون الخاصه بكليتهم
ظل ينظر إليها من حين لآخر ، هل هي ما زالت خلفه ، وبصحه جيده ام لا ، مع كل مره يضحك علي منظرها الطفولي والعابس ، ولكن ازداد إعجابه بها عندما رأي حرصها علي حشمتها ، واخيرا خرجوا بسلام من الجامعه ووقف بالجراش ليأخذ سيارته وهي وقفت ساخره من فعله وقالت بضيق : بص حضرتك انا محترمه انك ساعدتني لكن اركب معاك انسي ، وانا سمعت كلام الدكتور خلاص انا هتصرف مع نفسي ، شغل التلاعب ده مش حباه و مش معايا أنا تمام
اخدت بخطوات سريعه لتقترب منه ولكن انزلقت رجلها اليسري وسقطت علي الأرض و جاء إليها وهو يمسك يديها لتقف ، ولكن سرعان ما صدمته بكفيها علي صدره ومن قوتها تراجع للخلف وهي وقفت وكادت أن تصرخ من عجزها هذه المره ، فذهبت واخدت اغراضها وقالت : انا مش متعوده اعمل كده ولكن المره دي تخليك عارف ان بنات الناس مش لعبه وتلزم حدك للمره الميه
وذهبت من أمامه وهي منتكسه وتعرج علي قدميها ولكن كم هي فاتنه وشجاعه رغم صغر حجمها وقامتها ، يا لكي من قوية يا حواء ..

يتبع...
رأيكم ياريت ❤️

عشقى الآمن ( مُكتملة ) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن