البارت الخامس

47 9 10
                                    

-الدنيا صغيره اوي كده ، جيتي برجلك للخراب يا بنت خالي

-انت عايز مني ايه يا محمود ؟
ينظر محمود باستنكار لهذا الشاب الذي يقف أمامه ويدقق بيه وينظر له في مقلة عينيه بقوه مثل الصقر كي يعلم خباياه الشيطانيه ، ولكن يضع محمود يديه علي كتف الشاب قائلاً : مش تعرفينا ، ده شكل الجامعه خليتك تتطوري وتخرجي من دايرتك المغلقه ، لا بس الحقيقه مختاره المكان الصح اوي في الكلية وفي عز الامتحانات وخارجه من الباب الخلفي علشان محدش يشوفك معاه ، لكن من نصيبك الاسود اني اكون موجود ، انتي فاكره اني مش هشوفك تاني! تبقي بتحلمي ، انا هبقي وراكي زي ضلك حتي لو وصلت اني اربطك بيا مش هسيبك يا بنت خالي لحد غيري الا يا بموتك يا بموته ، وطبعا بما أن القمور واقف ف اكيد فهم قصدي ايه ، وعلشان كده حل عنها احسن ما تخسر كرامتك قدام الناس دي كلها

تحاول فتون أن تتدخل مسرعه لتلحق الملحمه قبل أن تشتعل وتصبح أكثر خراب وتوتر ، لكن هذا الشخص اسرع منها في حركته وأفعاله فمسكها من معصمها وجذبها خلفه وظل قابض علي يديها اليسري حتي كادت أن تنخلع منها من كثره محاولاتها للهروب وفك قبضته القويه ، ولكن سكتت عندما سمعت بنبرته الجديه المليئه بالحده و القوه والموضحه بالتوعد والتهديد لأبن عمتها قائلاً : لو فاكر نفسك أن بشوية الهبل اللي قولتهم دلوقتي هتخليني ابعد عنها تبقي اكبر غبي ، انا لو معدي بالصدفه وسامع تهديداتك دي مبقاش راجل لو موقفتش معاها ، ده بالنسبه لحق الآنسه وصحيح حوار الجواز ده تنساه خالص و لمؤاخذه يعني تبل الفكره و تشرب مايتها لأنها حقي انا ، وبالنسبه لكرامتي اللي انت ذكرتها ف هخليك انت بلا كرامه دلوقتي
وقام بضربه لكمة قوية جعلته يصطدم بالأرض واكمل حديثه بنبره حاده قائلاً : ياريت تكون فهمت الدرس
وسحب فتون بقوه وخرج من مبني الامتحانات واتجه بها في طريق لأحدي كافيهات الجامعه ولكن كانت تحاول بشتي الطرق ، أن تسحب يديها ، أن تثبت بمكانها حتي لا يتحرك بها ، أصبحت تناديه بكل الكلمات والألفاظ ، ولكن لا يجب عليها هذا المتمرد الشجاع ..
اوقفها أمامه وترك يديها وقامت بتحريك أطرافها فقد شدت أعصابها وبرزت عروق يديها من وجعها ، سمعته يقول بصوت هادئ كأن لم يحدث شيء : طمنيني عامله ايه دلوقتي ؟ بقيتي احسن من اخر مره شوفتك فيها ؟ ويا تري عملتي بكلام الدكتور واخدتي المحلول ؟ الحقيقه مش باين عليكي لسه ضعيفه جسمانياً ولكن متأكد انك قويه معنوياً وفكرياً

فتون : انا حقيقي مش فاهماك !! انت مين وبتلحقني ليه ، جريت ورايا ليه اصلا بعد الامتحان ودخلت في حياتي ليه محدش قالك تدافع عني ، انت مش عارف باللي هببته ده هيحصلي ايه من ورا راسك ، الحقيقه دي كانت لحظه سودا يوم ما وقعت من طولي ، وبعدين انا واحده مخطوبه ومينفعش تلاحقني تاني ارجوك كفايه لحد كده بقي ، واعتقني لوجه الله
كانت تتكلم بعصبية حاده ، أصبحت العيون عليهما ولكن هي ما زالت منفعله وتختنق من ما بداخلها ، تكومت الدموع في أعينها ولكن جعلتها حبيسه حتي لا تزل أو تهان ابدا ، صُدم عندما علم بأنها ملك لشخص آخر ، وبذلك أنه قام بتشويش حياتها من بين هذا المحمود و الاخر شريك حياتها ، فماذا يفعل وماذا يقول ...
ولكن تركته ورجعت إلي محمود مرة أخري فهي كانت تعلم مكانه ، ذهبت إليه مسرعه وقالت : محمود عايزاك تنسي موضوعنا ده تماماً ، انا اصلا مفيش بيني وبينك حاجه ابتديت علشان تخلص ولكن انا بقولك مفيش بينا حاجه وانا مستحيل اكون في حياتك ، انت ناسي انت وامك واهلك كلهم عملتوا ايه في ابويا ؟ لو كنت ناسي افكرك يا محمود باشا .. هو موافقش علي قربك مني بسبب جشعكم وحقدكم ، خاف عليا وحب يحميني من شرك انت وهما ، وقت ما خسر فلوسه وحياته واكتر من نص أملاكه و حاول يسدد ديونه وطلب منكم و انتوا اتخليتوا عنه ، عمي وعماتي كلهم محدش فيهم افتكر ليه الخير اللي كان بيعملوا معاهم ونسيوا جمايله ، وعلشان يسدد ديونه خسر النص التاني من أملاكه علشان يسدد اللي عليه وبقينا علي الحديده ... حتي محل الدهب اللي حليتنا خسرناه بسببكم ، ابويا مات بسبب حسرته علي حاله وماله وعمره اللي ضاع هدر بسبب عيله واخوات اونطه ، وانت جيت يا بجح وتطلب منه ايدي و هو تعبان وفي المستشفي وكان بين الحيا والموت ، كنت عايز تديله الرصاصه الاخيره اللي تجيب أجله و تحزنه زياده على اخر املاكه وهي أنه يخسرني ، لكن هو نجدني برفضه ، وطردك زي الكلب قدام المستشفي كلها ، ودلوقتي انا بقولك انا بكره كل واحد فيكم وعمري ما هعاشركم ولا هدخل أرضكم تاني ، وريح بالك يا محمود انا فعلا مخطوبه بس ودين الله لو قربت مني ولا منه لاكلك بسناني وحقوقي كلها هترجع وانا اهو وانت اهو وبينا الايام اللي تثبتلك اني رغم طيبتي ف انا في شري مبرحمش ومش بسامح ، ويا ويلك من عذاب الحي الذي لا يموت ف عند الله تجتمع الخصوم

-وتركته ليتعجب من قولها فمن هذه ؟ هل هي فتون الذي يعرفها ! عجباً للزمن
فأنتهي اليوم العصيب بكل ما بيه ، توالت ايام الامتحانات حتي أن انتهت ، كانت فتون كل يوم تري هذا الشاب من بعيد وتصل له شعور الانزعاج من ناحيته ، فقد احترم رأيها واصبح لا يقترب منها ، وفي هذه الأيام كانت الرسائل مجهولة الهويه تلاحقها في كل مكان وزمان حتي في أحلامها ، فمن هذا الشخص الذي يراسلها دون كلل أو ملل وعلى الرغم من حظرها للرقم إلا أنه يخلق ارقام اخري ويرسل منها، ولكن ها هي الآن فتون تستعد لحفل زفاف أحدي الاصدقاء بالجامعه فقامت بارتداء فستان زهري لون مع خمارها الابيض ، ووضعت تاج المصنوع من الورود البيضاء مع اللولي علي رأسها ، وقامت برسم عيناها بالكحل الاسود ليظهر جمالهم بوضوح ، ونظرت لانعكاس صورتها وتبسمت قائلا : الحمدلله الذي البسني هذا الثوب ورزقنيه بغير حول مني ولا قوه ، اللهم استودعتك نفسي وقلبي وما احب فكن لي خير معين ووكيل ودبر لي امري يا الله فلا احسن الظن إلا بك

نزلت من بيتها لتري حبيبها كالبدر المشرق في ليلته البهيه تبسم لها في حنو وغرام قائلاً : الحقيقه انك كل مره بتبهريني بجمالك ، الحمدلله انك رزقي ومن نصيبي الغالي
حُمرت معالم الجذب للرجال ( خدودها ) ونظرت للأرض في استحياء وقالت بلين وهدوء : إن شاء الله النصيب الخير فهو اتي لا محاله

-عمر : هو سؤال بس في بيتنا برضو هتكلميني باللغه بتاعتك دي ، حاسس اني مع قاموس ولا معجم عربي

-ضحكت بخجل وقالت : دي طريقتي والدعاء بحب أقوله كده وانت اللي عليك تقول امين وبس ، ويلا بينا علشان الساعه 9 بالدقيقه هبقي في البيت

ضحك عمر وركب سيارته وركبت فتون بجانبه و تحرك الي قاعة الأفراح علي كورنيش النيل ، وبعد الترحاب للعروسين والمدعوين والقيام بالتصوير مع الأحباء ، كانت فتون تجلس علي طاوله لخمس أفراد ف من الخامس ؟! لاحظت فتون علي عمر أنه يتحدث من حين لآخر مع شاب يسرعه علي المجيئ ، فقامت بالاستئذان من عمر وزينب واشرف وذهبت للمرحاض وهذا بعد أن تلقت الرساله الجديده وفتحتها لتنصدم بما قرأته " حقيقي احلي واحده في الفرح "
ولاول مره تجيب عليه برسالتها " انت مين ؟ انا عايزه اعرفك "

" هتعرفيني لوحدك بس انتي دوري هتلاقيني جنبك وقصاد عينك في كل وقت "

أغلقت هاتفها وخرجت من المرحاض وهي تبحث يميناً و يساراً حتى تلقاه علي الرغم من أنها لا تعرف شكله أو اسمه
تحركت سريعاً بدون أن تنتبه لدرجة السلم تحت قدميها ، لتلتوي كاحلها وقبل أن تقع ، يلتقطها الشاب الذي لا مثيل له في الشجاعه والجراءه ، كانت ممسكة في قميصه بقوه وكان يحتضن خصرها وعينيها بنظراته لها التي مرت بوقت لا يعلمه لكن شعر كأنه في عالم آخر معها وحدها فقط ، ظهر عليها ملامح الارتباك بسبب كثرة نظراته لعيناها وشفتيها المملوئتين الركيزتين باللون الوردي الطبيعي ، وسواد الكحل الفاحم الذي أضاف الجمال معاني ولذه مفرطه
_ اااانت ؟؟!
_ أحمد ... أحمد يا فتون
ويعتدل بجسدها ليري أنها تقف بطريقه غير متزنه فعلم أن كعبها العالي الذي هرس قدميه قد انكسر ف ضحك بصوت منخفض وقال : انتي كويسه
-فتوووون
نظرت فتون للمنادي فكان عمر صاحب هذا الصوت ، اقترب شيئا فشيئا حتي وقف أمامهم

يتبع ..

عشقى الآمن حيث تعيش القصص. اكتشف الآن