٦٢ | جنة العقرب للمكسورين |

5.2K 494 1.6K
                                    

صمتَ هدير محرك الدراجة النارية، لربما للمرة الأخيرة لهذه الليلة كونها آخر محطة يفترض بي أن أتواجد بها حتى يتم التضحية بي كعذراءٍ.

سخيف جداً.

زفرتُ أنفاسي المرتعشة للخارج مع ضحكةٍ خافتة بينما أغمضُ عيناي وأدع القشعريرة تغزوني حتى النخاع؛ ولم يكن البرد هو الوحيد المسبب لها بل حتى الاهتزازات التي تتسرب لي عبر الأرض من ارتفاع صوت الموسيقى العنيف. تسلل إلى أعماقي صوت طرقُ الطبل الموحش الذي يميز اللحن وقد أخذ يُطبلُ داخل عقلي الفارغ كأنه يحاول إيقاظه، أو تنويمه ربما؟

فمن يعلم، ما الذي قد يحدث داخل هذا الملعب الذي توقفنا عنده؟ يبدو رديئا، مهجورا، وجائعا للخطايا التي سوف تحدث عنده، داخله. ويبدو أن كل من يتسلَلُ له من الجهة الأخرى التي تخطيناهَا قبل ثوانٍ مجرد شياطين آثمةٍ تركن سياراتِها ودراجاتِها بينما تلهث من أجل مداعبة طرف لسانها بالحلوى اللاذعة المعروضة لهم جمعًا.

هل أنا الحلوى يا ترى؟ أضحك مجددا وأعقد ذراعيّ قرب صدري بأملٍ يائس لبعض الدفء، أنا باردة، أنا مرتعشة. أنا ميتة. أنا شبح مدنس بالدماء، أنا ملاك ساقط من السماء بريشٍ يتراقص خلفي، ريش أجنحتي المزيفة لأن أجنحتي الحقيقية تم استئصالها. آوه، هذا الملاك خادع، سام، شيطاني ويمكنك اكتشاف ذلك فقط من نظرة واحدة لهذا الشعر الكاحل الذي يتموج مع الريح ويندمج مع السماء المسودة الخالية من الحياة.

توقظني دفعة للأمام وأستشعر يد ريدفلاغ الكبيرة خلفي، تستقر أسفل ظهري وتنقر بتلاعبٍ على جانبي الأيسر، وهكذا أبدأ أنا في العد بينما نتقدم نحو الضوء الخافت الذي ينير الباب الحديدي الصدئ والوحيد، وعندها يومئ لنا الحارس الضخم الموجود الذي يبدو أشبه لكلبٍ للجحيم.

بكل تأكيد ريدفلاغ متأكد أن والده يحترق بالجحيم حاليًا ولكن غير مكتفٍ بهذه الحقيقة ويرغب في إحراقنا معه.

هل هناك ما قد يقدر على إحراقِي؟ لأنني النار التي أكلتّ نفسها بنفسها.

«من الشخص التافه بالحكومة الذي أقرضكُم هذه المساحة للقيام بألعابكِم السخيفة هذه الليلة؟» أسأله بجفاء وعيناي لا تزالان على المفتاح الذي يديره الحارس ومن ثم يفتح الباب لنا، فأغلقتُ جفنيّ بقوة كوني منزعجةً من الضوء الساطع المتسلل للخارج مع أصواتٍ الأكثر صخبا.

«أنا هذا التافه، إنها ملكيتي الخاصة.»

حسنا، عندما يتكلم الأغنياء يسكتُ الفقراء صحيح؟

اندفعتُ للأمام وأنا أغطي عينايّ بذراعي وأتلقى صراخًا تشجيعيًا كأنما دخل للتو فريق كرة القدم المفضل للجمهور ومعها قد علا صوت زئير محركاتٍ كحركةٍ احتفالية، وما إن اعتداتّ على درجة الضوءِ بالمكان حتى تصلبتُ مكاني مصدومةً مما يتواجد بهذه البقعة الواسعة.

كاراميلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن