لا إله إلا أنتَ سُبحانَك إني كنتُ مِن الظّالمِين
---
-هوشيكو أخرِجي معكِ القمامة..
-حاضر!
ردَدتُ بصوتٍ عالٍ شعّ مرَحا وأنا أنزِلُ الدرجاتِ إلى الطّابَقِ السفلِي حاملة كعبَي حذائي العالِي في يدِي والأقراط، وحزامُ حقيبَتِي يحيطُ بكتفِي وكذاكَ علبة مستحضرات التجميلِ في يدي الأخرى، حملتُ كيسَ القمامة بطريقة ما وسارعتُ أخرُج لألحقَ بدروسي وأنا في لباسٍ رِياضِي مُريح.
لم تسقُط السعادة عن وجهِي، ولا أظُنّها ستفعلُ يوما.
لماذا أستيقظُ كُل يومٍ إن لم يكُن لأبتسِمَ وأحصُد السعادة؟تخلّصتُ من كيسِ القمامة عندَ أقربِ حاوية في المنطقة، وأثناء سيري السريعِ الرشيق حشرتُ الحذاء والعلبة في حقيبتي جوارَ الكُتُب، ويا لها من سعادَة أن تمتِلك عشرات الأحلامِ لتستيقظَ من أجلِها كُلّ يوم!
يريدُني أبِي الإنجليزي المُحِبّ للرياضة أن أصبِحَ عدّاءة مُحترِفة، وتريدُني أمّي اليابانية المهوُوسة بالعلومِ أن أصبِحَ عالِمة في مجالٍ ما، أمّا جدّتي فقَد صرّحت لي قبلَ وفاتِها بعامَين أنّها تتمنى أن أكونَ راقِصة مُحترِفَة، وقد آمن الجميعُ لرؤيتهم بسمتي الساحرة أن أكون نموذجا إعلاميا مريحا للبصر، وكنتُ أنا على الجانب الآخر أمتلِكُ حلما آخر، حُلمٌ أُسعَدُ من أجلِه كُل يوم!
ضربتُ كفّ لوسي في الهواء، ودخلنا معا الحافلة التي توقّفت بعد دقيقتين من وصولي، أخذنا مجلسا والتفتَتْ صديقتي المقرّبة لتنظُر إلى الطّلاب الذين يشاركوننا المدرَسة نفسَها ثمّ اعتدَلت في جلسَتها ورنَت إلي هامسة بحماسٍ مكبُوت:
-إنّه هنا!
ودون تأخير استدرتُ لتُلامِس خصلاتُ شعري القصيرة فكي، ومرّت عيني على الجميعِ ذكورا وإناثا قبلَ أن تتعلقا في النهاية على المعني؛ يو مينغيُو، الفتى الكورِي الذي لا يبدُو كوريا بأيّة طريقة، وذلِك لفوزِ جيناتِ والدَتِه الأوكرانية بكُل إنشٍ منه، أشقر الشعرِ، عسلِي العينينِ، وعابثُ المبسَم... ولهذا بالذات لا أفهمُ ما الذي يُعجِبُ لوسي فيه!
زممتُ شفتي، وأبقيتُ عينَي عليهِ وقتا قبلَ أن أزيحَهما لأتأمّل باقي الطلاب ثمّ بخيبة أملٍ التمعَت في مُقلتَي همستُ داخلي:
-ليسَ هنا!
يبدُو أنّه حقا لا يركبُ الحافِلات!
لم أكُن معجبَة سرِيّة بالفتى المثالِي، لكِنّه أضاءَ فضولي حيالَهُ قبلَ عامين عندَما شاعَ بينَ الجميعِ السرّ الذي كانَ يخفيه، أو حسبَ قولِه لا شأن للآخرين بمعرفته، اتضَحّ أن فتى النمشِ الهادئ قد بدّل دينَه، وبالنسبة لمُراهِق كان في السادسة عشر من عمره حينذاك فأمرُه كان صادما ومفاجئا وأشعلَ فتيلَ فضول الجميع!
أنت تقرأ
هوشيكو [✓]
General Fiction'هوشيكُو' -قصّة | مُكتمِلة- "تُطارِدُنا الأحلامُ أم نحنُ الذين ننساقُ وراءَها؟" تُؤمِنُ هوشيكو لايت أنّها ستصِلُ إلى مآربها يوما، وذاكَ بالعمَلِ الجادّ والمواظبة وعدَم الاستسلامِ أمامَ المصَاعِب، ولكِنّ كُل ذلِك يندَثِر مُحلّقا معَ النوارِس بلا عودَ...