الفصلُ الثّامِن

40 6 34
                                    

لا إلهَ إلا أنتَ سُبحانك إنّي كنتُ مِن الظّالمِين

---

كنتُ دائما عندما أسمَع عن الحكمة التي تعني أنّك ستختار قدرَك ذاته إن عدتَ إلى بداية حياتك أسخر منها وممن يؤمنون بها، لكِنّني أصبحتُ أؤمن بهذا الان، أنّني وإن حيزَت لي الدّنيا لن أبدّل قدرِي بشيء غير الذي جرّبته.

كانت الآلام صعبة، في كثير من الأوقات غير محتملة، لكِنّ ربّي رحيم كان ينجيني منها، ويقوّيني ويُقوّي عزمي حتى وصلتُ إلى تِلك اللحظات التي أعلنتُ فيها إسلامي، وما هذا الذي أبيعُ ديني به؟ لا شيءَ في ذي الدنيا يسوى عندي قدرَه!

أدعى هوشيكو، سمّتني جدّتي بهذا الاسمِ تيّمنا أن ألمعَ كالنّجوم، وكانت هذه خُطّتي منذُ أصابني الوعي، ورسمتُ على ذلِك مساري، كنتُ أستيقظُ صباحا لأركض حول المنزل، أتناولُ فطورا صحّيا، أغتسلُ وألبسُ بذلتي الرياضية ثمّ أطيرُ إلى مدرستي مع حذاء الكعب العالي وعلبة مستحضرات التجميل، أدرُس بجد، أرقُص بشغف، أُمثّل بهوس، وأرنو إلى تِلك اللحظات التي يسطُع فيها نجمي.

لم ألمع-- أو على الأقلّ، لم ألمَع حسبَ الخُطّة، لكِنّني لمعتُ بطريقة أخرى مُختلفة عن كلّ مخططاتي وتصوراتي آنذاك، وما زلتُ ألمَعُ كُل يومٍ في سماءٍ خاصة جدا بعيدا عن أنظار النّاس وكاميرات الفضوليين وذاكَ العالم الموحل الذي كنتُ أسعى إليه.

لربّما كان من حِكَم ابتلائي وآلامي كُلّها أن أقدّر اليومَ كُل هذه النّعم التي عندي، أصبحتُ أعيشُ في منزِل مع ثلاثة ذكور، يشاغبون حولي ويزعجونني هذا صحيح، لكِنّهم يدللونني ويعتنون بي ويحبّونني، والمهمّ أنّ الرابع الذي جمعنا معا تحت سقفٍ واحِد كان يجيدُ التعامُل معي حتّى أوقعني في شباكِه، وأصبحتُ ألتصقُ بهِ كالعلَقة، خصوصا في هذه الأيام...

-أنتَ لم تُخبِرني بعد لماذا اخترتَ اسمَ ريان؟

كُنا نستلقي على غطاءٍ فرشناهُ على أرضية الصالة الخشبية، ننظُر إلى السقفِ، أسألُه ويجيبني، كانَ التوأم في المدرسة، ورُوي الذي بلَغ ثلاث سنوات نائمٌ بعدما تعب من المشاغبة هنا وهناك طوال النهار، التفتَ آل إلي، أسندَ رأسهُ على مرفقه وأجابني بعدَما فكّر قليلا:

-ليس لسبب مُحدّد، وقعُه على اللسان خفيف، ومعناه جميل...

-أتقولُ أنّك ستختارُ اسما عشوائيا لابنتي؟

قهقهَ حتّى بانت نواجذه، جلسَ مُرَبّعا ساقيه وتابعتُ مراقبته بمقلتي دون أن أملك رفاهية الحركة الكثيرة مثله، وردّ بعدما نقر جبهتي بخفّة:

-تستبِقين الأمور مُجدّدا--

وقبلَ أن ينهي جملته، قاطعتهُ عاقدة حاجبي:

هوشيكو [✓]حيث تعيش القصص. اكتشف الآن