لا إلَه إلا أنتَ سُبحانَك إنّي كنتُ مِن الظّالِمين
---
وضعتُ روي في مقدّمة عربة التّسوق، وبدَل أن أكتفي بالنظر إلى المنتوجات، كنتُ أمُدّ يدِي أختارُ ما أحتاجُه للطبخة التي أخطّط لتحضيرها، وأثناء ذلِك كنتُ أحادِثُه بهدوء:
-سنتناوَلُ وجبَة شهِية اليوم، هممم؟
صفّق فتاي الذي بلَغ عامًا وأربعة أشهُر كأنّه فهِم قولي فارتسمَت ابتسامة شاسعة على وجهي، ولم تستمِرّ طويلا إذ سُرعان ما اصطدَمت عربتِي بعربة أحدِهم، حميتُ روي سريعا وسمعتُ صوتا أنثويا بان فيهِ الإنزعاج يُخاطبني:
-انظري إلى أينَ تسيرين!
صككتُ أسنانِي وقد اندَلعت شعلة الغضَب في صدرِي لأرفعَ إليها بصرِي بحدّة، لكِنّها لم تمنَح لي فرصة للردّ وهِي تلتفّ مع شعرِها الأشقرِ ناحَ الرّف الآخر، استغفرتُ الله بينَ أنفاسي أهدّئ دواخلي وابتسمتُ لطفلي الذي يُعلّق عينيهِ اللامعتينِ علي.
عندَما توقّفتُ أمامَ البائع، كانت الشقراء تُكتّف يديها إلى صدرِها تنتظر أن يجمَع لها حسابها، رمقتها من رأسها إلى أخمُصِ قدميها وارتفَع حاجِبَي إذ رأيتُ علبَة سجائر في جيبِ بنطالِها الضيق، التفَتت ناحي فبانت لي العلكَة التي تنفُخها وتُفجّرها بلا مبالاة، وبشكلٍ ما وجدتهَا مألوفة جدا، قلبَت عينيها علي بازدراء واقتربت تدفعُ ثمن المشتريات ثُمّ جمعت الأكياس وهي تتكلّم بصوتٍ مسموع:
-هؤلاء الهمج في كُلّ مكان..
علمتُ أنّها تقصدني، تزدري حجابي، وأردتُ أن أتجاوزَ الأمر، لكِنّ اندفاعي سبقني، فقلتُ أدّعِي أنّني أحادِث ابني:
-عندَما يُعطى صوتٌ للقمامة لتتحدّث، نستطيعُ سماعَ كُلّ الهراء في كلّ مكان يا حبيبي الصغير، أليس كذلك؟
ورميتُها بنظرة جانبية أؤكّد لها فهمها لأجدها جاحظة العينِ لا تصدّق ما قلتُه، وقبلَ أن تندَفِع بشيء ما جاءَ صوتُ رجُل معضّل رأيتُه يُدخّن في الخارِج قبل قليل وهو يصيحُ من الباب:
-هيا.. هل ستبقينَ هناكَ العمرَ كُلّه؟
تردّدت الشقراء قليلا لكِنّها حملت الأكياس واندفعت ناحَه لتمدّه بها ثمّ خرجا سوية، نزعتُ عينَي عنهما، وتقدّمت ناحَ البائع أضعُ أمامه محتويات سلّتي ثمّ حملتُ روي ودفعتها بعيدا.
عندَما خرجتُ بالأكياس القليلة أحملها في يدٍ وبالأخرى أحمِلُ روي توجّهتُ ناحَ سيّارتي التي ركنتُها بالقرب، لكِن قُبَيلَ ركوبي اعترضتني الشقراء، تكتّفت وخاطبتني باستعلاء:
-ما الذي كنتِ تقولِينَهُ هناكَ في الداخِل؟
نظرتُ حولِي ولم أجد أحدا في الشارع غير بعض السيارات المركونة، نغزني شيءٌ من القلَق لكِنّني تجلّدت، تجاوزتها وفتحتُ بابَ السيّارة الخلفي، وضعتُ الأكياس جانبا وأركبتُ روي في مكانِه أحكِمُ عليه في مقعده، ولكِنّ الشقراء لم تتركني وهي تخاطبني بسوقية وعجرفة:
أنت تقرأ
هوشيكو [✓]
General Fiction'هوشيكُو' -قصّة | مُكتمِلة- "تُطارِدُنا الأحلامُ أم نحنُ الذين ننساقُ وراءَها؟" تُؤمِنُ هوشيكو لايت أنّها ستصِلُ إلى مآربها يوما، وذاكَ بالعمَلِ الجادّ والمواظبة وعدَم الاستسلامِ أمامَ المصَاعِب، ولكِنّ كُل ذلِك يندَثِر مُحلّقا معَ النوارِس بلا عودَ...