الفصلُ السّادِس

21 6 10
                                    

لا إلَه إلا أنتَ سُبحانَك إنّي كنتُ مِن الظّالِمين

---

كانَت إيف في شهرِها الثّامِن مع ذلِك لم تترُك جانِبي قط، لن أنساها لإيف، لن أنسى وقوفها معي وتشجيعها لي أبدا، عندَما أفصحتُ لها بعدَ ثلاثة أيّامٍ من حادِثة جايد أنّني سأعودُ إلى العلاجِ النفسِي من جديدٍ حتّى أستطيعَ تربِية ابنِي تربيةً سليمة، كانت هِي من بحثَت لي عن مُعالِجة وعرّفتنِي على راضِية، امرأة في بداية الخمسينيات، مِن أبٍ عربِي وأمّ أمريكية.

جنبا إلى جنبٍ مع استمراري في البحثِ في الإسلام، وكنتُ قد ختمتُ قراءة السيرة للمرة الثالثة قبلَ أسبوعٍ ونِصفٍ، وبدأتُ قراءة القرآن الان، وبسبب قراءتي للسيرة كانت قراءتُه ومعرفة أصول بعض المواضيع المذكورة فيهِ مفهومة في عقلي، وهو كتابٌ عظيم، إن أبكتنِي السيرَة فالقرآن جعلَني أكادُ أفقِدُ بصري.

عندَما أخبرتُ راضية، طبيبتي النفسية المُسلِمة، عن تجربتي مع القرآن وعن كمّ الدموعِ التي أجدنِي أذرِفُها معه أخبرتنِي أنّني أقرؤه بعينِ معاناتِي، وأنّني من شدّة ما مررتُ بهِ في حياتي منذُ حادثة الثامنة عشر من يوليوز وجدتُ فيهِ سلواي، وأشعُر بأن الخِطاب موجّه لي حصرا، وأنّ كلّ الآلام التي ذُقتها رقّقت قلبي فجعلتهُ ليّنا أمامه.

خرجتُ من عندَها مذهولة يومَها ثمّ أعدتُ التفكير في حياتِي كلّها، وأدركتُ أمرا مهمّا جدّا، لعلّني لو قرأتُ القرآن قبلَ تِلك الحادِثة لاستكبَرتُ عليه، ولربّما كنتُ لأكفُر بهِ على الفور، كنتُ لأفرّ منهُ وأتابعَ مطارِدتي اللاهثة لأحلامي الدنيوية القاصِرة، لربّما كنتُ سأنكِرُ كُل شيء فقط لأستمِرّ بالسيرِ في طريقي..

وعلى ظلالِ هذا الإدراك، فهمتُ أمرا مُهما آخر؛ أنّ كُلّ أحلامي ومعاناتي لا يساويان شيئا أمامَ النجاةِ في الآخرة.. وأنّ كُلّ شيءٍ أعيشُه هنا مؤقّت، وسينتهي لا ريب يوما ما بشكلٍ سريع جدا كذاك!

أخفيتُ زفرة عميقة وأنا أدفَعُ باب المقهى لأدخُل، ما زلتُ أعملُ هنا، وما زلتُ أعاني مع هذا المدير الذي لا يتوانى في إظهار إعجابِه بِي، أزحتُ بصرِي إلى طاوِلة في الزاوية وبمجرّد أن دخلت هيأة الأستاذ ريَان حيّز الصورة أبعدتهُ وتقدّمتُ إلى مكانِ عملِي.

لقَد شاورتُ إيف بشأنِ شيزوكا، تملمَلت كثيرا، وبدت غيرَ مُرحّبَة بإبداء رأيِها ثمّ بعد قلقٍ ظهر جلِيا على وجهها سألتني:

-ألن تُسلمِي يا هوشِي؟

أخذتني على حينِ غرّة، ولم أكُن مُستعدّة فتهرّبتُ منها، حدَث هذا قبلَ يومين، ومنذُئذ وأنا في حيرة من أمري، ولقد فهمتُ ذلِك دون أن تشرَحه، إن كنتُ سأُسلِم فلا داعي للسؤالِ عن شيزوكا، فهُو ليسَ مسلما، وإن أسلَمتُ فالإسلامُ يُحرّم علاقات الارتباطِ خارجَ الزّواج..

هوشيكو [✓]حيث تعيش القصص. اكتشف الآن