لا إلَه إلا أنتَ سُبحانَك إنّي كنتُ مِن الظّالِمين
---
لا أعلَمُ كيفَ انتهى بي الأمرُ هنا، ولكِنني هنا فحسب.
ابتسمتُ لضحكاتِها المستمرّة وهي تحكِي لي عن موقِفٍ قديمٍ لها، وارتشفتُ مِن كوبي الذي ضيفتنيه رغمَ أنّني لا أحبّ الشّاي وأفضّل القهوة، ثمّ مددتُ يدِي إلى البسكويت لأنني وجدتُه لذيذا وسألتُها عاقدة حاجبي بفضول:
-هل أنتِ من أعددتِ هذا؟
نظرتْ إليهِ وابتسمت ثمّ هزت رأسها موافقة:
-أجل، إنه لذيذ أليسَ كذلِك؟
وافقتها بهمسٍ، واستمتعتُ بقضمة منه، بينما استمرّت تقول:
-لقد أخذتُ الوصفة من زوجة أخي، إنها ماهرة في إعداد الطعام والحلويات!
وأثنَت عليها بحماس، لأقاطعها مشيرة إلى المحلّ حولِي أسألها:
-هل تخططين لفتحِ محلّ زهورٍ هنا؟
صمتَت مُدّة طويلة وكأنّها شردَت ثمّ لمعت عينيها وهي تجيبني:
-كلا! الزهورُ نُرتّبها في الشرفة فحسب.. هذا المحلّ كانَ قبلَ وقتٍ قريبٍ مكتبة صغيرة.
ابتلعتُ ما في فمي وعقدتُ حاجِبَي بفضول أكبر:
-اعذريني على تطفّلي، لم أفهم بالضبط، لماذا ترتبون كل هذه الزهور ولماذا أغلقتهم المكتبة؟
نفت برأسها مجيبة بهدوء:
-المكتبة لم تكُن لنا، الزهور أحضرناها معنا من بيتنا القديم..
وكانت ستقولُ شيئا آخر لكنني قاطعتها:
-أوه! هكذا إذن.. لا بدّ أنّكُم تحبّون الزهور كثيرا!
ابتسمتُ لكِنّها خفضت رأسها فحسب، واستغربتُ ذلِك كثيرا فليسَ هذا ردّ الفعلِ الذي كنتُ أنتظرُه، ولكنّني حاولتُ ألا أبالِي واستغرقتُ أشرَبُ الشّاي وسطَ هدوءِ المكانِ وشرودِ المرأة، ليُخرجني من فقّاعتي صوتٌ رجولِي أرعبني رغمَ هدوء نبرته، شخصَ بصري وقفزتُ في مجلسي لينسكبَ الشّاي على يدِي ورُغمَ حرقة الموضِع فقد كان ما يزالُ ساخنا تراجعتُ في مقعدي منكمشة على نفسي وقلبِي الهلِعُ يطرُق صدري بكُل قوّته.
ظهَر القلقُ على وجهِ خضراء العينين وسألتني بترَدّد متجاهلة نداء الرجُل الذي وقَف عندَ الباب دون أن يتجرأ على الدخولِ:
-هل أنتِ بخير؟
نقلتُ بصري برُعبٍ ناحها، وحاولتُ التّنفّس جاهدة، ما أزالُ أخافُ حينما يظهَرُ أحدُهم فجأة من العدم، ما أزالُ أخاف كثيرا، تنفّستُ، وخفّفت ببطء اتساعَ حدقتَي، ثمّ رويدا رويدا استرخيت، وجلستُ بوضعٍ طبيعي، لأجيبها محاولة إخفاء رجفة صوتي لكنّها بانت مفضوحة مما أقلقَها أكثر:
أنت تقرأ
هوشيكو [✓]
General Fiction'هوشيكُو' -قصّة | مُكتمِلة- "تُطارِدُنا الأحلامُ أم نحنُ الذين ننساقُ وراءَها؟" تُؤمِنُ هوشيكو لايت أنّها ستصِلُ إلى مآربها يوما، وذاكَ بالعمَلِ الجادّ والمواظبة وعدَم الاستسلامِ أمامَ المصَاعِب، ولكِنّ كُل ذلِك يندَثِر مُحلّقا معَ النوارِس بلا عودَ...