الفصل الثاني

43 2 1
                                    









   الفصل الثاني

.
.

‏باقي معي من وسعة الصدر شعرة
والنار تصلاّني على كبدي صلي ..

.
.

قصَر آل معتق ..

يتمدد على الاريكة ورأسه في حِجرها وقد غطى وجهه بطرف الطرحة السوداء التي تحيط بوجهها ذات الرائحة العبقة بِها ..مغمًضا عيناه بتعبٍ وأنفاس منتظمة ..
يعم الصمت المكان بعدما كان في لجة من أهله وها هو الآن وحده مع من اصطلوا بنار بعده لِسنين ..
تضمه والدته وهي تلهج بحمدلله ووالده ينام في السرير المقابل مضُطجعاً على يمينه نحوهم يُشير بيديه صامتًا ان ترفع الطرحة عن وجهه الذي اشتاق حتى يتنعم برؤيته
لِتهمس بصوت تخالجه الدموع :
ولا لك لوى يابو عبدالله وليدي غطى وجهه بها ماني برافعتها عنه ..
حتى انا الشوق مكويني على شوفه لين ما اشبع لكن مالي حيلة ارفعه عنه وهو مرتاح هاللون ..
لِيقف حينها من سريره مُستندًا على عصاه يتجه نحوهما بهدوء .لِيدفع بجسده ارضًا جالسًا امامه مُمدًا ساقيه وهو يستند بـ ذراعة على ذات الاريكة بجوار ابنه النائم
يرفع كفه بِحنو اليه رافعًا عن وجهه " طرحة والدته .. لتلتهمهُ عيناهما والدمع يشُاركهم اللحظة ..
ترفع نورة كفها المُرتجفة الى خصلات شعره السوداء الكثيفة لِتمسح عليها بِكل حنية .. بينما والده .. لامس البياض الذي اكتسى عارض لحيته بشيء من قهر .. ليبث لشريكة الوجع قهره :
آه يا ام عبدالله .. والله ما كان لي منوة بهالحياة الا رجعته والحين من طاحت عيني على هالشيب اوجعتني حموله وليدي اللي خرج ليلة عرسه .. رجع لي اليوم مشيّب ..
وش بيدي اسويه وارجع له من ايامه يتغانمها وش بيدي ؟ ابيه يعرسَ ويجيب له من زينة الدنيا عيال يحوفونه يبردون كيَ قلبه وش اعطيه من نفسي بس تبرى جروحه ويهدا باله علميني وش اعطيه كنت اقوم ليلي واناجي الله و اقول يارب بلغني شوفة وليدي الذيب قدامي وما عاد ابي من الدنيا شي .. واليوم بـ وتري دعيته قلت يارب بلغني شوفة عيال الذيب حوله قبل موتي وقبل لاتاخذ امانتي..
رفع عينيه المُنهزمتين نحوها وهو مدركَ تمامًا انها تشاركه الفِكر ذاته ... يرى هطل الدموُع المنكسر بلا توقف منها ..
لِيردف مصممًا على ما قرره لعل نفوسهم تهدأ وتستكين :
انا يا ام عبدالله نويتَ اروح العمرة مع وليدي الذيب وكانك باغية هالمشية لبيت الله جهزي نفسك فجر باكر انا وهو وانتي بس باكلم الليث يحجز لنا طيران على جدة هالفجر.. بنقعد بها ثلاث ايام ونرجع .. ولا رجعنا تدورين بنت الحلال للذيب وانا ادرى به ما راح يرضخ لهالموضوع بسهولة لك وكلتك امره بعد الله لو تقرنين رضاك بـ زواجه
وابد البيت اللي يختار منه تدقينه لو من ما يبيها اخطبيها له .. وبيته هذا هو جاهز ووظيفته جاهزة يمسك اشغالي مع اخوه عساف ....
مسحت دمعها بِكفيها وهي تنحني لتقبيل رأس ابنها :
وانت تحسبني ما فكرت فيه والله لو بيديني من اليوم زوجته ؛ لكن امرها هين .. نروح بيت الله وندعيه و خل الولد يتنفح ويرتاح وقليبه يهدا .. ثم ما يصير خاطرك الا طيب يا بو عبدالله ..

المهرة الي دونها الف حارس يصعب على اطوال الشوارب نحرهاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن