الفصل الرابع

44 3 8
                                    











الفصل الرابع ...
.
.





دخلّ الى المنزل الثالثة فجرًا .. مع ان وصولها كان العشاء الا ان طاقة الليث المتُفجرة طوال الطريق الذي رافقه به وعصبيته الحانقة جعلته يوقف السيارة منذ ان دخلا للمدينة لِـ يخرج منها مندفعًا .. مُشيرًا الى احدى سيارات الاجرة متجاهلًا اعتراضات الليث و وعوده " بالصمت " .. على ماقرر ..
لكنه كان في حاجة ماسة للاختلاء بنفسه .. لذلك ما ان توقف السيارة امامه حتى ركبها امرًا صاحبها بالانطلاق لا يدري الى اين يذهب حتى .. فقط ذكرى من الماضي دلتهَ على " مزرعة والده " ملاذه حين يضيق .. لُيخبر السائق عن وجهته .. غير مُدرك لسيارة الليث التي تلاحقه .. والذي ما ان ادرك وجهته واطمئن لمكانه عاد للمنزل تاركاً له السيارة بتأنيب من ضميره على تماديه بالكلام مع عمه ..

لم تكن المزرعة كما تركها بالطبع فـ التغيرات ملحوظة بالمكان ولكن لازالت تحمل تلك الروحانية بها ..
وصلته رسالة لهاتفه من الليث يُخبره انه قد ترك له السيارة امام المزرعة ..
اطال بقائه صامتًا مفكرًا ..ومدركاً ان الليث محق فيما اخبر ولكنه لن يتراجع ولن يجادل ..
لقد حسم الأمر واستخار الله في أمره وكل ما سيحدث بعد ذلك " خِيره " ..

حين شعر بـتأخر الوقت عاد وهو يحمد الله ان والديه مازالا في جدة وطائرتهم بعد الفجر فـ لو كانا هُنا لاضطر الى البقاء في المنزل وقتها ..
دخل حاملاً شماغه ع ذراعه بملل إلى الصالة الهادئة المُظلمة الا من نور خفيف قادم من المطبخ و صوت " العجانة " يصدر منه ..
رمى بالذي يديه على الاريكة .. وهو ينظر الى المطبخ بعينيه الحادتين مُتعجبًا من استيقاظ احدهم الآن ..
ما ان اقترب حتى تراءت له ملامح يعرفها وصاحبتها مُنشغلة في خفقَ شيء ما بين يديها بقوة وانفعال..
تأملها قليلاً .. بمظهرها اللطيف ذاك و هي ترفع خصلات شعرها كلُها لاعلى في ربطة على شكل كعكة تمردت بعض الخصلات منها .. لم تكن سوى .. ابنة اخيه المفضلة .. ذات شامة العُنق ..
اصدر صوتاً منخفضًا لتنتبه لوجوده قبل ان تُفزع .. فنظرت اليه بدهشة وشي من الخجل اعتراها وهو يراها بهذا المظهر الرث
الجفول بـ خجل مقتربة للسلام بعد ان تركت ما بيدها و اوقفت الة العجن: عمي ... الحمدلله على السلامة عُمرة مقبولة يارب ..
بادلها السلام مُبتسمًا وقد انتيه على بقايا الطحين العالقة في وجهها :
منا ومنك صالح الاعمال وانا عمك .. وش هالحوسة عندكم عزيمة اليوم ؟
مُشيرًا لعدد من الاصناف الموجودة على الطاولة من خلفها ..
مسحت ارنبة انفها في عادة تفعلها عند التوتر :
لاا لااا ماعندنا شيء بس انا احب اسوي كيك و فطاير وعادي اللي يصحى بياكلها
ثم اردفت وهي تتجه نحو سخان الماء : امممم بسوي لك كاس شاي و اذوقك من الفطاير حارة تو خرجتها من الفرن ..
لم يعترض فـ رائحة الخبز الشهي بالمطبخ .. فتحت شهيته للتذوق ليجلس على احدى كراسي طاولة الطعام :
الله يعطيك العافية بس لا يكون شي مفلفل معدتي ما تتحمل ...
نفت برأسها وهي تُذيب السكر في الكوُب : لااا م استخدم بهارات حارة جدي وجدتي ما يقدرون عليها..
التفتت متسائلة : اكيد شاي منعنع !
وافقها وهو يراها تقترب منه تمده بـ الكوب ثم تضع بعض ماخبزته في صحن تقربه منه ..
لِيهم في تناوله .. وهو يراها تعود لما تفعل بـ صمت ..
وقد تبدلت ملامحها لِشيء من الضيق والتوتر ..
التزم الصمت وهو يراها قد عدَلت عما تفعله تضع الخليط في علبة و العجين كذلك داخل الثلاجة ..
ليرمي بكلمته :
الجفول وانا عمك كملي شغلك .. عادي لا يكون عشان جيت ترى باكل هالقطعة وطالع غرفتي اريح للفجر ..
نفت بِجزع من تفكيره :
لااا والله عمي مو قصدي بس يوم شفت الكمية اللي سويتها حسيت كثيره حرام عادي الباقي دام فرزنته متى م حبيت اسوي سويت .. كله انت بالعافية وقول لي رايك ..
ثم اقتربت منه تجلس على الطاولة امامه وهي تشاركه الاكل بِقطعة واحدة حتى يبقى ..
ابعد نظراته عنها وهو مُدرك ان شيء ما يجول في خاطرها :
وش فيك متضايقة ... ؟

المهرة الي دونها الف حارس يصعب على اطوال الشوارب نحرهاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن