طَائِرٌ فَاقِدٌ لِجَنَاحَيْهْ

11 4 1
                                    

صرخت (روسلين) متذمرة من العياء الذي أصابها:
《يا إلهي...لم أعهد أن يكون هذا الطريق بذات طويلا لهذه الدرجة...أشعر و كأن قدماي تخدرتا من الإجهاد...》
ثم و هي تضرب برفق على قدمها:
《أظن أنه بسبب هذا الجرح...يا إلهي...قدم عديمة نفع!!》
مرت الدقائق و (روسلين) تحاول الهرولة بقدمها المصابة لكن باطنها لم يفتأ عن تذكيرها بالأحداث السابقة لتقول بضجر و هي تلاعب إحدى الخصل التي تمردت على وجهها قبل إعادتها لخلف أذنها:
《ظل فان؟! أهذا إسم حتى؟! 》
لكن صرير أفكارها خرس حين سمعت نواح شخص بمقربة من المكان الذي هي فيه ،و حين تتبعت بسمعها و بصرها مصدر الصوت وقعت عيناها على منظر حرك حقدا و كراهية كبيرة بجوفها...
رأت جنديين من جنود الاحتلال يعتدون على زوجين عجوزين دون رحمة ، مذيقين إياهما كيلا من الشتائم عجزت الفتاة عن فهم نصفها لحدة معناها النابي...
و ما زاد المشهد قذارة هم الناس التي تجولت حول المشهد و كأنه أمر بديهي.
شدت (روسلين) على قبضتها بقوة قائلة:
《أقسم أنني لن أسمح لهذا الأمر بأن يمر بسلام!!》
أخرجت الفتاة سيفها من غمد خصرها بأعين تطايرت شرا و كراهية ،و اتجهت كالرمح نحو المسلخة التي صنعها الرجلان بسياطهما على جلد العجوزين المهترأ بأحداث الزمان التي مرت عليها.
دخلت (روسلين) وسط المشهد بعنفوان متعطش لسفك دماء أي ظالم أمامها، و بينما الجنديان في خضام سلخ جلد العجوزين لم يشعرا بوجود دخيل إلا حين إلتوى السوطان حول معدن سيفها و ارتخى من يديهما...
ليصرخ أحدهما بوجه الفتاة قائلا:
-أي بطن فاسدة هذه التي أنجبتك لتسلط كيانك علينا
صرخت (روسلين) بوجهه هو الأخر بقوة:
-من العيب يا أيها السافه أن تعيب أحدهم بأمه...!!
ثم أضافت بنبرة يخالها الجنون و أعلى من سابقتها و هي تشير للسيف بحزامه:
-فل تخرس اللعنة عليك!!...حرك سيفك بدلا من تحريك فمك بكلام ناب!
تجمهر الناس حولهم حينها لسماعهم جلبة فريدة من نوعها ، لم يقوا حتى أشداء قومهم من افتعالها ، و ها هي فتاة لم تكد تلامس حتى ربع عمر من أحاطها من الناس صنعت إحداها بسيفها دون جزع...
ما لم يعلم من أحاطها هو أن (روسلين) لم تحركها شجاعتها أبدا ،بل حركها سماع نواح العجوزين من الظلم الذي أكاله لهما الجنديان ،و ما أشاط غضبها أكثر سماعها لهمساتهم الخفيفة ،حين قال الرجل العجوز و هو يمسح بكفه المرتعش على خد زوجته الدام قائلا بلطف:
-لاعليك يا عزيزتي...
ثم و قد تحشرجت الدموع بحلقه:
-آسف لأنني لم أقوى على حمايتك منهما...
أجابته زوجته بابتسامة حنون:
-لابأس...لابأس يا أيها العجوز الخرف!
أتم الاثنان حوارهما بأزيز صوتهما من الألم...
لتصرخ (روسلين) مجددا بالرجلين أمامها :
-حركا نصلكما...!
ارتعش أحدهما و هو يراقب زروقة عيني (روسلين) الداكنة الساكنة من المشاعر أو الحياة ، أما الثاني فقد أخرج سيفه من غمده موجها إياه نحو وجه الفتاة البارد قائلا:
-من تخالين نفسك يا نكرة...طائرا؟¹
موجهة هي الأخرى نصلها نحوه:
-فاقدا لجناحيه!!
ثم أضافت بحنق:
-و أبيح دماء الظالم و إن عنى ذلك انقلاب جيش كامل ضدي
ما إن أتمت (روسلين) كلامها هاجمت الرجل المتأهب دون سابق إنذار ، و تداخل نصلاهما بصراع حاد كانت الكفة فيه راجحة لصالح الفتاة.
و ما إن وجهت له ضربة قاسية برأس سيفها على جذه نصله جعلته برخي دفاعه و يترنح قليلا للخلف ،أسقطت سلاحها بمقربة منها و انحنت بخفة ضاربة بقدمها المصابة ساق الرجل المترنحة.
انتفضت الفتاة من حركتها الأخيرة ممسكة بسيفها و هي تراقب جثمان الجندي يسقط صريعا على الأرض متأوهة ألم جرحها الغائر من قوة ضربتها ،محدثة نفسها و هي تراقب الرجل يصارع ألمه:
《لم أعلم أن لي ضربة قوية...من شدتها آلمت نفسي أيضا》
لكنها سرعان ما استجمعت شتات أفكارها و هي تشد على مقبض نصلها لتغرسه بصدر الرجل ،رغم أن يدها ارتعشت لأن قلبها حدثها أنه أمر غير مقبول و بينما هي مترددة في الإقدام على فعلتها تلك...
صرخ الرجل بصوت متقطع بشهقات دموعه في صاحبه العاجز قربهم:
-أستجلس واقفا هناك و هي تقتلني...إفعل شيئا...
-أتودني أن ألحق بك؟ يا لك من بلطجي مغرور...
صرخ الرجل بحدة أكبر:
-إفعل شيئا!!
و بينما (روسلين) غارقة في تفكيرها إن كان قتله أمرا صوابا أو لا، رغم علمها الكامل أنها إن لم تقم بذلك فستُخرس أنفاسها عاجلا أم أجلا...
فجأة...
و من دون سابق إنذار...
باغتها صاحبه برصاصة صوبها لصدرها مباشرة...

___________________________________________________________

تعليق الكاتبة:
حين علق الجندي بجملة:
"-من تخالين نفسك يا نكرة...طائرا؟"
قصد الرجل هنا ب"طائرا؟" معنى متداول بين شعبي رنتال و أتالا
نعت أحدهم بالطائر بفترة الحرب هو تعبير مجازي مختصر ل>>
"شخص حالم قوي شغوف مرصخ الفكرة على أنه قادر بمساعدة الجميع على إيقاف الظلم و الحرب القائمة و نشر السلام بين الناس "
أتمنى يكون المعنى وصل رغم أنو شرحي لازمه شرح آخر 😭🤌🏻

الترنيمة : لَعْنَةُ يَنَارْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن