12

36 5 25
                                    

إنَّهَا الثَّانِيَةُ عَشْرَةَ وَخَمْسٌ وَأَرْبَعُونَ دَقِيقَةً بَعْدَ مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ، وَهِيَ لَا تَسْتَطِيعُ النَّوْمَ رَغْمَ مُرُورِ أُسْبُوعَيْنِ عَلَى تِلْكَ القُبْلَةِ.

وَكُلَّمَا تَتَذَكَّرُهَا تَرْفَعُ أَصَابِعَهَا لِتُحَسِّسَ شَفَتَيْهَا وَتَحْمَرُّ خَجَلًا، فَعِنْدَمَا قَبَّلَهَا مِينْغِي أَصْبَحَ وَجْهُهَا وَحَبَّةُ الفَرَاوِلَةِ لَوْنًا وَاحِدًا، بَيْنَمَا الآخَرُ ابْتَسَمَ عَلَى رَدِّ فِعْلِهَا هَذَا.

وَبَيْنَمَا تَبْحَرُ فِي أَفْكَارِهَا دَاخِلَ سَرِيرِهَا الكَبِيرِ، سَمِعَتْ صَوْتَ بَابِ المَنْزِلِ يُفْتَحُ، وَقَدْ تَذَكَّرَتْ أَنَّ مِينْغِي أَخْبَرَهَا أَنْ تُغْلِقَ بَابَ غُرْفَتِهَا لِأَنَّهُ سَوْفَ يَتَأَخَّرُ حَتَّى يَعُودَ...

دَثَّرَتْ نَفْسَهَا تَحْتَ الأَغْطِيَةِ وَكَتَمَتْ أَنْفَاسَهَا كَانَ عَقْلُهَا فَارِغًا مِنَ الحُلُولِ تَمَامًا بَيْنَمَا تَسْمَعُ صَوْتَ خُطًى ثَقِيلَةٍ قَادِمَةٍ نَحْوَهَا.

تَوَتَّرَ كُلُّ جَسَدِهَا خَاصَّةً عِنْدَمَا شَعَرَتْ بِجَسَدِهَا يَسْتَقْبِلُ هَوَاءً بَارِدًا مِنَ الشُّرْفَةِ بَعْدَ أَنْ تَمَّ إِزَالَةُ الغِطَاءِ عَنْ جَسَدِهَا بِرِفْقٍ.

وَأَوَّلَ مَا اسْتَقْبَلَتْهُ عَيْنَاهَا كَانَتْ هَيْئَتُهُ، وَجْهُهُ الأَحْمَرُ ظَاهِرٌ رَغْمَ عُتْمَةِ المَكَانِ حَوْلَهُمَا.

وَكَانَتْ سَوْفَ تَنْطِقُ بِشَيْءٍ مَا لَوْلَا اِنْقِطَاعَ أَنْفَاسِهَا عِنْدَمَا اسْتَلْقَى عَلَى الجَانِبِ الفَارِغِ مِنَ السَّرِيرِ وَأَلْقَى بِالغِطَاءِ فَوْقَهُ، وَاخْتَنَقَتْ بِخَجَلٍ عِنْدَمَا شَعَرَتْ بِإِحْدَى يَدَيْهِ تُمْتَدُّ بَيْنَ سَاقَيْهَا وَاضِعًا كَفَّهُ الكَبِيرَ عَلَى مُؤَخِّرَتِهَا سَاحِبًا إِيَّاهَا نَحْوَهُ لِيُعَانِقَ جَسَدَهَا الصَّغِيرَ مُقَارَنَةً بِخَاصَّتِهِ وَيَدْفِنَ وَجْهَهُ فِي ثَنَايَا عُنُقِهَا الأَبْيَضِ بَيْنَمَا يَتَنَفَّسُ بِعُمْقٍ.

-أَنَا مُتْعَبٌ...عَانِقِينِي حَتَّى أَغْفُو.

وَاجْتَاحَتْ بَطْنَهَا مُوجَةٌ مِنَ الفَرَاشَاتِ تَبْدُو وَكَأَنَّهَا إِنْطَلَقَتْ دَفْعَةً وَاحِدَةً، تَرْفْرِفُ بِجُنُونٍ وَتُثِيرُ فِي قَلْبِهَا مَشَاعِرَ كَثِيرَةً، وَكَانَ وُجُودُهُ فِي هَذَا القُرْبِ مِنْهَا غَرِيبًا عَلَيْهَا، إِضَافَةً إِلَى أَنَّ رَائِحَةَ كُحُولٍ قَوِيَّةٍ تَنْبَعِثُ مِنْهُ، لَكِنَّهَا لَمْ تَهْتَمَّ بِقَدْرِ مَا كَانَتْ تُحَاوِلُ تَهْدِئَةَ ضَرَبَاتِ قَلْبِهَا الَّتِي كَانَتْ كَقَرْعِ طُبُولٍ فِي حَفْلٍ مُوسِيقِيٍّ ضَخْمٍ.

السَيفُ المُجَنّححيث تعيش القصص. اكتشف الآن