|18| توصِية قبـل وداع .

32 6 86
                                    




< إنهَا ضحيـَة، ضحية نزوة >

ــــــــــــــــــــــــــ

لـَم أدرك أنني نِمت بعمق شديد تلك اللـيلة، ولم أشعـُر أنني أرهقتُ نفسي بتفڪِير مفرط، هل يا ترىٰ لأننـِي اِستسلمتُ لقدري؟ أم لأننِي أتشبثُ بأمَل مفروغ منه؟ أو فقط أدرك جيدً أن الأمور خرجـَت عن نطَاق سيطرتِي، ولم يعد هناكَ شيء بيداي سوىٰ الفراغ.

أعتقدُ أنني اِستسلمتُ، وسلمتُ أمري لقدرِي.. الذي لا يزال مجهـولاً.. مجهول تمـاما. أعتقد أنّ أكثر طرق الإحباط سهولـة هي أن تؤمن إيمانـًا يقينيا أنكَ ستُنقذ، لكنك لا زلت لم تجد بيد من تتشبث.

لم أكن أدرك أنني أحب حياتي الى هذه الدرجَة، حتى أصبحتُ على أعقاب نِهايتي... من كان يقول أنني سأشتاق لحياة بائسة لا معنىٰ لها؟ لكن لمَ أنا الآن  خائفة تماما من الموت؟ بل متشبثة بأي أمل يحثني بأن كل هذا مجرد كابوس سيء.

تأخدني الحيرة بين موتي وحياتي... أختار حياتي فتوبخني صارخة ’حتما ستموتين‘ أختار موتي فتصيح ’حتما سينقذك أحدهـُم‘

أحدهـُم ...

لكِن متىٰ؟ وكيفْ؟ ومـَن؟ وأيـن؟

لاَ أعرف !

أفتـَح عيناي ببطء شديد، أئن وأنا أستقيم بجذعي من ذلك السرير الخشبي الذي أصدر طنِينا وكأنه يعاتبني على ثقل جسدِي.. حككت عيناي برفق.. ورفعت رأسي أحدق بالنافذة التي تشبه مدخلَ عش نحل بسبب ضيقها.. تكاد لا تتسع لرسغي حتـى.

لم أقم بأي شيء سوى التحديق .. فقط أشتاق لأشعـَة الشمس التي كانت تزعجني كل صباحٍ وأنا فوق سريري المريح، أرفض الذهاب للجامعة.. أترك نيكي يطرق على الباب لنصف ساعة كاملـَة.. نوقظ حفيد السيدة جينا وتصيح معاتبة من نافذتها بينما أنا وهو نهرول ناحية الحافلة لأننا سنتأخر .

هل حقا لم أكن أدرك نعمة ما أعيشه ؟
هل كنت أركز على ما لا أملكهُ أكثر مما أملكهُ ؟

لم أعد أفهم شيئا.. سوى أنني أدرك بأن طريقة تفكيري أصبحت أشبه بعجوز فقدت الأمل بالقطار الذي فوتتهُ، والفرص التي لم تستغلها أحسن إستغلال.

أخدني تفكيري ومرت الدقائقُ كالسنَوات .. قبل أن أسمع إحتكاك ملاءات السرير، فوجهت عيناي لمصدر الصوت.. وأنا أتذكر وجود تلك المرأة الأربعينية.

عدلتُ طريقة جلوسي دون إدراك في رهبة ~

ڪنت أنظر لها بهدوء وهي تستقيم لتجلس ... 
أخدت أتأملهـا.. أتأملها بتركيز شديد.. أتأمَل وجههَا الذي تتخللهُ التجاعيد؛ بشرتها الجَافة، شعرها الأشعث الذي حرقهُ الشيبُ جاعلا إياه كومة رماد فاتِح، شفتيها الرقيقتانِ وخدودها المتدلية وكأنها تعبت فسقطت على فكهَا تشتكي، حواف عينيها المتجهَة للأسفل والسواد الشديد الذي يحيطهما، أخدت أرمش بثقـل.. أفكر مالذي تفعله إمرأة غير جميلة بمكان كهذا؟ حيث توجد أجمل النساء لغرض شنيعٍ .

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Sep 02 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

[HYBRID BETWEEN TWO WORLDS] حيث تعيش القصص. اكتشف الآن