فتور

162 12 34
                                    

تنظر إلى يديها، شرايين خضراء تبرز من تحت جلدٍ أبيض، وأصابع مدقوقة، زُيِّنت إحداها بخاتم زواج ذهبي

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

تنظر إلى يديها، شرايين خضراء تبرز من تحت جلدٍ أبيض، وأصابع مدقوقة، زُيِّنت إحداها بخاتم زواج ذهبي.
كفاها ترتعشان، فتقبض بإحداهما على الأخرى، بينما تتساقط دمعات متقطعة من خدها القطني، نازلة على الكفين.
تشهق جَاهِشة، عَيناها القَطِيرَتان تتخللان عقدة الأصابع المحكمة، تنظران إلى شيء غير مرئي، وفي رأسها ترن "لماذا؟" رن المطارق، ويرجع صداها كقلقلة الأسواق.
تجلس فوق مقعدٍ صغيرٍ ملحق بالخوان، تعكس المرآة جداراً مقابلًا، محجوب نصفه بخزانة ملابس، وفي النصف المتبقي ينعكس شعرها، تلمع هامتها الشقراء، يفْرُقُها خطٌ جلدي أبيض، فينسدل شعرها كستارة. يهتز رأسها عاكساً توترها واضطرابها بحثاً عن جواب "لماذا؟".
منذ أن تزوجت قبل ستة أشهر لم تعش حياةَ الزوجات. فلا يُقاسمها زوجها الفراش، ينام على الأرض، بينما تنام على السرير. لم يقتربا من بعضٍ خلا الليلة الأولى.

"هل يكرهني؟ لكنه يحتضنني، يقبلني، يخبرني بأنه يحبني، ويشتاق لي لو ذهب إلى العمل."
تحدث نفسها. فزوجها يفعل كل ذلك، لكنه إذا ما خلعت ثيابها واستعدت، يصاب بحال غريب، يبتعد عنها، يفتر عضوه الذكري ويتوارى مختبئاً بين فخذيه، وإذا حاولت أن تقترب وتداعبه، يفر منها، طالباً أن تتوقف وترتدي ثيابها في الحال، ثم يخرج من الغرفة، ولا يعود حتى تنام.

تكرر الأمر وأعيد، حتى غدت الممارسة ميؤوساً منها، وحلماً بعيد المنال.
نفد صبرها، فلم تعد تحتمل. لابد أن تعرف السبب. وبعد جهد وتفكير مؤرق؛ توصلت لحلٍ تزيدها صعوبته توتراً واضطراباً، فتكاد تصرخ. تُسخن الفكرة إذنيها فتحمران، وتُعرق جبينها، وترجف جسدها، وطرداً للقلق راحت ترسم الحل في دماغها: ستذهب للعمل، وستنظر لزميلها نظرة الإناث عندما تستدعي الذكور، كما نظرت له مرة قبل أن تتزوج وقدم لاهفاً، سمحت له أن يُقبّلها ويتحسس بكفه الملتهب جسدها. سيُسر عندما تقع عينيه على عينيها، فيتجرأ ويتقدم لها. وإذا عرض عليها أن يذهبا إلى البيت مثل يوم القُبلة، ستتردد ماكرة، وسيفهم مكرها، ويقودها إلى الخارج، ويهم ليأتي بسيارته بينما تقف منتظرة، ستصعد وتذهب معه، وهناك تختبر نفسها...

ترتجف أصابعها، تخط بالقلم على شفتيها، فيتعثر الدهان المتجمد ويتجاوز فمها، فتزم شفتيها وتمسح بمنديلٍ ما أخطأت به. تقع العلبة من يدها، تهوي على بلاط الغرفة، فيصدر ارتطامها في السراميك صوتاً مكبوتاً، تفز إثره، وكأنها هي من وقعت، أو أن شيئاً منها تداعى على البلاط فارتطم مدوياً. كادت أن تخدش عينها بمرود المكحلة، بترددٍ وببطء خطت هدبيها الرقيقين، أطبقت جفنيها الناعسين وسحبت المرود، ثم أسبلت شعرها الذهبي، وشدته إلى الخلف، فانتشر على رقبتها وكتفيها، ثم أخذت حقيبتها، وهمت مسرعة.

وحدث مثلما تخيلت، وكأن زميلها كان ينتظرها. اُضيفت تفاصيل جديدة للمشهد وحذفت أجزاءً معينة. وهي ذي تجلس على المقعد قربه، تغالب توترها بالنظر عبر النافذة، تطالع الشارع والمركبات والمارة وواجهات البنايات، تتخاطف الصور إثر سرعة السائق، يقود مدفوعاً بخيالات محفزة. ترخي قبضتها وتشدها، لتطرد رعاشاً يراقص أصابعها الموكلة بفك أزرار قميصها إذا وصلا، وإرخاء سحاب بنطلونها، وفتح مشابك حمالات الصدر.
وصلا إلى البيت، ترددت بالدخول، لم يثقل قدميها المكر ويجمدها على العتبة، بل شعورها بالخطيئة وإحساسها بالذنب، ولم يشجعها غير عجزها عن إيجاد حلٍ آخر. فرفعت قدمها وتخطت العتبة، واجتازت الممر بقلبٍ مرتجف، ثم دخلت الغرفة بعد أن فتح الرجل بابها، ورمى بالمفاتيح على المنضدة، وراح يخلع ثيابه كمن يهم لإنقاذ غريق. توزعت ملابسه على الأرض، بينما هي تكابد فتح الأزرار، بدا فك الزر المكور كحبة حمص وإخراجه من شقه الضيق مهمة صعبة، إذ يخرج نصفه، يصل حافة الشق، يكاد يتحرر فيرجعه ارتعاش أصابعها، وبعد شقاء حررت الأزرار من قيودها.
ونزلت أصابعها إلى رأس السحاب المدبب، وجدته بارداً، يواصل برودة أطرافها. أمسكته، فتملص من بين سبابتها وإبهامها، كأنه دهن بالزيت، لكنها حاولت، فنجحت بعد تعب.
يقف زميلها عارٍ أمامها، يطالعها تتجرد من ثيابها، عيناه تتطايران بالرغبة، تلتمعان التماع عيون الصيادين. عبثاً تفحصت جسده، لكن عيناها ركضتا نحو عضوه الذكري، وجدته شاخصاً كمقبض. سرها انتصابه أيما سرور، فرحاً غامراً انتابها، فصلب يديها، وأوقف رعاش أصابعها، ومدها بقوة وثبات، فخلعت ما بقي عليها من ثياب، ووقفت قباله، تفصلهما بضعة أقدام، ويشدهما طوق لا مرئي. يحيط ظهرها كما يحيط ظهره، فيقربهما إلى بعض. تحجب بيديها نهديها الناضجين، وتجمع بفخذيها على فرجها الذي بان بعد أن خلعت سروالها، فانتاب زميلها شعوراً أقلقها، ابتعد خطوات إلى الوراء، ففزع قلبها مع خطواته المتقهقرة، وصل حد بلعومها، وفُتحت عيناها على وسعيهما، تنظران إلى عضوه وقد أخذ يرتخي، فتر انتصابه حتى انكمش بين فخذيه وتوارى خلف أدغال سوداء، وسكن كحلزون ميت.
تجمعت مرارة في فمها الجاف، صرخة محبوسة تكاد تقتلع قلبها، نظرت إلى عضوه بإمعان، وجدته وهو نائم قد غرس سكيناً في صدرها، وشق قلبها شقين، فأُغرق صدرها دماً وألماً.

ظِل الشَفَقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن