قصة الفتى ذو الأعين الأربعة

19 9 4
                                    

إذكرو الله

___________________

رمقته بعينيها الخضراء تحاول تحليل نواياه،فألتمست الصدق الشفاف من كلماته،تجولت بعينيها في الأرجاء تبحث عن كرسي لتجلس أعلاه،لم تجد فأفترشت الأرض جاعلة من أطراف فستانها بُساط يحميها من الأرضية ذات الأعشاب القصيرة ،أشارت له بكفها أن يجلس أمامها
فأنصاع بلا أية إعتراضات مفترشًا الأرض .
لا تشعر بالخطر منه فيبدو كطفل تائه يبحث عن تشبه أمه ليحصل منها على الحنان .
"ماذا تريد أن تسمع؟"
تسألت تعطي لنفسها فرصة للتفكير في قصة تسردها عليه ،رفع كتفيه بمعنى لا أعلم  فزمت شفتيها بتفكير تنبش عميقًا بذكرياتها،فرقعت أصبعيها بسعادة فور أن ترأت إحدى القصص المضحكة ألتي حدثت في ماضيها.
"إستمع"
"كلي أذان صاغية "
إبتسمت بحياء لطريقته في إلقاء الكلمة ،فكان كأمير هائم يستمع ليوم أميرته،تنحنحت مستعيدة رشدها بادئة في سرد قصتها.
"يحكي الزمان أنه في يوم من الأيام ،كُنت فتاة بالسابعة من عمري اللهو والعب في الأرجاء مستمتعة بأجواء الصيف المنعشة،وأثناء لعبي طار خُفي بعيدًا فركضت الحقه حتى لا تقتلني أمي على إضاعته،فوجدته في إحدى الزوايا وبجانبه طفل ذو أعين أربعة كما كنت أسميه،وبعدستيه الدموع وبقلبه الشجى،فضاق قلبي الرؤوف لمظهره المثير للشفقة وبعقل صغير ظننت أن خُفي هو السبب"
توقفت عن الحديث للحظة تستعيد أنفاسها،وابتسامة الحنين تظهر فوق شفتيها ،بينما جون كان يضع ذقنه فوق كفه مستندًا بكوعه أعلى ركبته يستمع إليها بجميع حواسه،وعينيه متوسعة بتركيز مندمجًا في كلماتها،سرحت عينيها تتأمل مظهره اللطيف بنسبة لها فطال صمتها.
"وبعد ذلك؟"
تسأل يحثها على الإكمال ،إستعابت أنها شردت به طويلًا فتحمحمت حاكة لأنفها بحرج ثم إستكملت حديثها :
"فأقتربت منه وسألته عن سبب حزنه ،خاف مني ولم يجيب وزادت الدموع بعينيه منتحبًا بعلو ،فُزعت أنا ظنًا مني أنه يكرهني ولن يسامحني على ضربي له بخُفي ،فشرعت أخذ خُفي وأركض بعيدًا عنه ،ولكنه لم يكن خائفًا مني ولم يكن يكرهني....،بل شعر بالحنو من نبرتي فأزداد بكائه مفكرًا أنني قد أواسيه لكنني هربت فحسب ."
ختمت كلماتها بغصة تكورت بحلقها لتذكرها لذلك المشهد المؤثر بها ،رفعت بصرها ترى ما رد فعله على تلك القصة فلمحت عينيه ألتي تكونت فوقها طبقة شفافة لامعة متأثرًا بحال الطفل الباكي.
"هذا يكفي لليوم فالوقت تأخر سأعود لاحقًا"
نهضت سريعًا رامية كلماتها بوجهه عند إستيعابها للوقت،والجو البارد الذي يلدغ بشرتها بضراوة

"أنتظري !يا ذات الخصلات البرتقالية!"
"ماذا ؟"

"ما أسمك؟"

"فيونا.."

_____________________

لــا تـــنــســانــي [جِ.جَ.ك]حيث تعيش القصص. اكتشف الآن